برّأت دراسة علمية حديثة ساحة المياه الغازية، والحلوى، وسوء التعامل الأسري من أن تكون سبباً مباشراً أو حتى هامشيا وراء الإصابة بحالات فرط الحركة وتشتت الانتباه أو(ADHD)، والتي أصبحت شائعة بين نسبة لا يستهان بها من الأطفال في سنوات العمر الأولى، وأرجعت الدراسة السبب الرئيس وراء المرض لنوع من الاضطراب الجيني.
والدراسة هي الأولى من نوعها التي تتوصل لوجود صلة مباشرة بين عوامل جينية والإصابة باضطراب فرط الحركة.
وخلصت الدراسة التي قام بها باحثون في جامعة "كارديف" البريطانية، في ويلز بعد دراسة عينات من الحمض النووي(DNA) لـ 360 طفلاً من المصابين باضطراب فرط الحركة، ثم مقارنة تلك العينات مع عينات أخرى أخذت من أكثر من ألف طفل أسوياء.
وخلصت المعاينة بين الفئتين إلى أن جزيئات كبيرة من البروتون في الحمض النووي لدى المصابين بفرط الحركة إما أنها غير موجودة أو متكررة، وهو ما يطلق عليه طبيا "عدد المتغيرات المنسوخة" (CNV).
وكانت دراسات طبية سابقة قد رجحت وجود صلة بين ظاهرة "المتغيرات المنسوخة" وأمراض أخرى مثل الشيزوفرينيا (انفصام الشخصية) والتوحد والصرع، وأنماط أخرى من خلل الأعصاب، والجديد هو ربطها بفرط الحركة.
اللافت في الدراسة أنها وجدت أن معدل "المتغيرات المنسوخة"، بين نحو خمسين طفلاً ممن شملتهم الدارسة، والذين يقل معدل ذكائهم عن70%، ويعانون بالتبعية من حالة حادة من اضطراب فرط الحركة، يبلغ ستة أمثال معدله الطبيعي بين الأطفال الآخرين.
ووصف الدكتور فيليب أشهرسون، المتخصص في دراسة جينات مصابي فرط الحركة في معهد لندن للطب النفسي، ذلك العدد بأنه كبير جداً.
وبينت الدارسة أنه وجدت "متغيرات منسوخة" لدى الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة، في منطقة "كروموسوم 16"، والتي تتطابق مع تلك التي تم اكتشافها سابقاً لدى الأشخاص الذين يعانون من الشيزوفرينيا "انفصام الشخصية".
ويقول الدكتور أشهرسون إن الآثار السلبية المترتبة على ذلك هي أن تلك المناطق المصابة "بالمتغيرات المنسوخة" قد تكون مهمة جداً لنمو المخ داخل الرحم أو في مرحلة الرضاعة، وأن الاضطراب في تلك المنطقة الحساسة ربما يلعب دوراً في العديد من الأمراض النفسية.
ورغم أن الدراسة التي نشرتها مجلة "لانست" الطبية، ولم تتوصل لجين محدد قد يكون سبباً في الإصابة باضطراب فرط الحركة، فإن العلماء يأملون أن تساعد النتائج الأولية الباحثين على تفهم أفضل للمرض والتخلص من الأساس البيولوجي له.
ويشار إلى أن مرض فرط الحركة وتشتت الانتباه يسجل معدلات إصابة عالية في العديد من دول المنطقة، حيث تشير إحصائيات ودراسات إلى أن نحو 15% من الأطفال أو ما يعادل نحو مليون طفل يعانون من المرض في السعودية، كما توجد نسبة مماثلة في الإمارات، ونحو 11% في دولة قطر.
ومع ضعف الثقافة الصحية أو معرفة أبعاد المرض أو الظروف المعيشية والاقتصادية والتي تحول بين تقديم العلاج السليم للمرض، والذي يستغرق علاجه سنوات عدة، يخشى علماء النفس والاجتماع من الآثار السلبية لفرط الحركة بعد نمو الأطفال المصابين به وتخطيهم مرحلة الطفولة.
ويحذر المختصون من أن المصابين بفرط الحركة أكثر قابلية لبعض السلوكيات السلبية، مثل التهور والاندفاع والميل للعنف ويسهل سقوطهم في فخ الإدمان إذا لم يجدوا الرعاية الكاملة من الناحيتين الأسرية والصحية.
المصدر: العربية:
http://www.alarabiya.net/articles/20...03/121042.html