المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| موضوع: "الإدارة اليابانية" / د. سعد السبتي الجمعة 17 ديسمبر 2010, 09:06 | |
| المختصر/
الرياض / من أبرز عوامل النهضة اليابانية بعد انهيار الاقتصاد الياباني عقب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ما عُرف «بالادارة اليابانية» بمعنى تطبيق مبادئ ادارية حديثة من بينها ادارة الجودة الكاملة، والعمل ضمن فريق عمل «روح الفريق»، واتقان العمل الاداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية، والابتكار والتطوير، إلى غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الادارية الفعالة.
وإذا ما علمنا ان اليابان لا تمتلك أي موارد طبيعية، وتقع في موقع جغرافي ناءٍ، أدركنا أن العنصر البشري هو عماد وركيزة التنمية والنهضة اليابانية، والذي ركزت عليه برامج التنمية الاقتصادية اليابانية.
ولا غرو أن العنصر البشري هو أهم ركائز التنمية والنهضة في أي مجتمع، لذا يأتي الاستثمار في العنصر البشري من أوليات خطط التنمية والنهضة في كل المجتمعات.
والملاحظ ان الاداري السعودي والعربي غالباً ما يعمل وينتج لوحده، ولا يفضل أن يشرك معه أحد، ولا أن يشترك مع فريق عمل لانجاز عمل محدد (Task) وربما كان ذلك مقبولاً في بعض الأعمال الادارية، ولكن في حالات معينة ينتج عن ذلك مشاكل ادارية مختلفة. فالاداري السعودي والعربي يعمل ويخطط لمفرده، وقد يضع ستاراً من السرية والغموض، إذا كان في منصب إشرافي، على مرئياته وأفكاره لتطوير ادارته أو الجهاز الذي يعمل فيه، فيصبح يعمل هو أو ادارته أو جهازه في جزيرة معزولة عن بقية الوحدات الادارية في نفس الجهاز الاداري أو الجهات الادارية الخارجية التابع لها.
وبمقارنة سريعة بين الإنسان السعودي والياباني في هذا السياق نجد أن الاداري الياباني يُفكر ويعمل ويبدع وسط فريق عمل بعكس الموظف السعودي والعربي ومرد ذلك يعود إلى عدة عوامل من بينها: التنشئة والتربية الاجتماعية، مناهج التعليم، وأنظمة وبيئة العمل، وغير ذلك.
ان العمل ضمن فريق عمل محدد له تنظيم اداري، كفيل بأن يتيح لفريق العمل انجاز المهام المنوطة به، ولعل من أبرز ملامح ذلك ما يلي: تحديد مهمة الفريق بشكل واضح، حجم فريق العمل، تعيين رئيس لفريق العمل مع تحديد واجبات وصلاحيات كل عضو في الفريق، تحديد الوقت اللازم لانجاز المهمة ويتوجب أن يكون تشكيل فريق العمل متماشياً مع أهداف ومهام الفريق.
كما أن إعادة صياغة مفاهيم العمل الاداري تتطلب منا تعديل بعض المفاهيم الخاطئة والتي تعودنا عليها لفترة طويلة من الزمن ولها علاقة بالثقافة (Culture) ولاشك أن هذا يتطلب جهوداً كبيرة ووقتاً طويلاً، ولكن أن نبدأ الآن خير من التسويف وأقصد بذلك تصحيح النظرة السلبية عن العمل والذي حثنا على اتقانه والحرص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وتغيير أنماط التنشئة الاجتماعية، وابراز أهمية العمل واتقانه كقيمة اجتماعية نبيلة، وتطوير مناهج التعليم، وغرس مبادئ الادارة الحديثة منذ الصغر لدى الناشئة مثل: تقبل الرأي الآخر، العمل ضمن فريق موحد، التفكير الابداعي، والابتكار، وغير ذلك.
ان التنمية والنهضة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية تحققت بعد جهود عظيمة ومتواصلة بذلها اليابانيون، ومن العوامل التي ساعدت اليابانيين على ذلك الاستعانة بمبادئ ونظريات ادارية حديثة آنذاك، وتطويعها وصياغتها بما يتناسب مع وضع وامكانيات واحتياجات اليابان بلداً وشعباً واقتصاداً، ولعل من أبرز ذلك: الاتقان والانضباط في العمل وادماج ذلك في الثقافة اليابانية، والعمل على أساس روح الفريق (Team work) و«ادارة الجودة الكاملة» (Total quality managemant) والتي بدأت أصلاً في الولايات المتحدة الأمريكية وقام اليابانيون بتطويع وإعادة صياغة هذه المفاهيم الادارية وبشكل يتفق ويتماشى مع وضع الاقتصاد الياباني والقضايا الادارية التي كانت اليابان تواجهها آنذاك.
واعتقد جازماً، ان العديد من المشاكل في مختلف القطاعات لدينا تنبثق من سوء الادارة، وإذا ما أردنا القضاء على هذه المشاكل فلا بديل من إعادة صياغة مفاهيم وآليات العمل الاداري لدينا سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وبما يتماشى مع المستجدات والمتغيرات التي نشهدها ويشهدها العالم، وذلك مثلاً بتطويع وإعادة صياغة آليات ومفاهيم وأنظمة العمل الاداري بما يتناسب مع قضايانا وتطوراتنا المحلية، مثل ما حدث في التجربة اليابانية قبل أكثر من نصف قرن مضى!
| |
|