عادل حداد: ألا يجوز ما قاله قندوز ؟ !

يبدو أن تيار النجاحات التي حققها المنتخب الوطني بقيادة سعدان جرفت جميع الجزائريين إلا قندوز الذي تمسك بحبل مبادئه ولم يخض مع الخائضين في هذا البحر، قالها بصراحة وعلى المباشر أمام ملايين الجزائريين والعرب بأنه “غير مبسوط” من المدرب الوطني لاسيما في المباراة الأخيرة أمام أنغولا التي لعب فيها “الخضر” بالنار لمدة نصف ساعة تقريبا بين تقليص مالاوي للنتيجة وتسجيل مالي لهدف الاطمئنان بالنسبة للجزائريين، شخصيا لا أوافق قندوز مائة بالمئة في الرأي لأن كل بني آدم خطاء وسعدان بإيجابياته وسلبياته يبقى بشر يمكن أن يخطئ في مباراة معينة مثلما يخطئ حتى مدربون كبار في العالم، لكن المحاسبة تكون عادة في نهاية المشوار والحوصلة النهائية التي سيخرج بها المنتخب من الدورة، غير أنني من جهة أخرى أحيي في اللاعب السابق للنصرية جرأته ودفاعه عن مبادئه بغض النظر إن كان صائبا أو مخطئا في رأيه، لهذا ارتأيت أن أعالج الأمر من حيث الجوهر وليس من حيث المضمون، فلما انتقد قندوز المدرب الوطني كان يدرك مسبقا أن كلامه سيكون له صدى سيئ في الجزائر، لأن معظم الجزائريين في صف سعدان والويل حسبهم لمن لا يدخل في هذا الصف الطويل الذي قاد “الخضر” إلى المونديال ويريدون فقط تمديده بأصوات مدعمة لابن مدينة باتنة الثورية، حتى يوصلهم إلى نجاحات أخرى على مستوى أعلى، لكن بحكم الحديث الهامشي الذي كان لي شخصيا مع بعض المحليين والتقنيين في الجزائر فإن ما صرح به قندوز في حصة “صدى الملاعب” جاء ليلخص ما قاله لي معظم هؤلاء دون تسمية الأسماء بمسمياتها تفاديا لإحراجهم مع المدرب الوطني والجمهور الرياضي على حد سواء، لكن الفرق أن قندوز عبر عن رأيه دون نفاق أمام مسامع الملايين، فيما فضل الآخرون أن يبقى رأيهم الأصلي “بيناتنا” ليُطلوا على الجمهور الجزائري عبر مختلف التلفزيونات و”الأستوديوهات” التحليلية بآراء لا تعكس ما كانوا يفكرون فيه أصلا، لكنها مطابقة لكل ما يريد أن يسمعه المشاهد الجزائري بصفة عامة، في الكواليس يعبرون عن رأيهم بكل طلاقة بإبرازهم لأخطاء المدرب وكل النقاط السلبية، لكن عندما يكونون على المباشر يؤكدون أن “الخضر” أدوا مباراة كبيرة على كل المستويات ويبدون احترامهم لخطة سعدان ووجوب الوقوف معه في هذا الظرف دون أي سعي لانتقاد الأخطاء حتى البسيطة منها، وعبر صفحات الجرائد تكهن معظمهم بفوز الجزائر على أنغولا (1-0) رغم إقرارهم بصعوبة المأمورية أمام البلد المضيف، ولم يجرؤ أي منهم حتى على طرح فرضية التعادل مع فوز مالي وذلك من أجل إرضاء كل من يطالع تصريحاتهم، وقبل بداية الدورة رشح معظمهم كوت ديفوار للفوز بالكأس، لكن بعد أن وضعها القدر في طريق الجزائر لم يعد منتخب “الفيلة” مرعبا في نظرهم وأصبحت ترشيحاتهم تصب في خانة “الخضر”، بمعنى أن الخوف من رد الفعل طغى على المنطق التحليلي وكأن من لا يدخل الصف سيأخذ “الكف” من طرف المناصر، لذلك وبغض النظر إن كان ما قاله قندوز يجوز أو لا يجوز تبقى هناك مبادئ يجب صيانتها، ورسالة إعلامية لا بد من إيصالها بأمانة للمشاهد بكل ما تحمله من محاسن وعيوب، كما يجب أن تسود ثقافة تقبل الرأي والرأي الآخر من طرف الجمهور، فكلنا جزائريون وجميعنا نريد فوز “الخضر”، لكن ليس هناك أحسن من تبادل الآراء بكل شفافية وموضوعية حتى نساعدهم على ذلك.
صحيفة الهدّاف