هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداك • الرجوع الى صفحة بيانات التصميم
جبال من الجليد
جبال من الجليد
تنهض مي فزعة من نومها علي دوي جرس التليفون , تنتفض من مكانها مع انتفاضة قلبها بين ضلوعها , تتحسس الظلام حتى تصل لمفتاح الانارة , ومع إضاءة المكان ترفع عينيها إلي الساعة بصورة آلية , لتجد عقرب الساعة الصغير يقترب من الرابعة صباحا ..
تهاجمها التكهنات حول من يتصل في هذه الساعة المتأخرة ؟ّّّّّّّ!
أحست بالقلق علي زوجها الذي يقضي الليلة في العمل ضمن ورديته المسائية... هل يمكن أن يكون هو وقد أراد أن يخبرها بشئ هام , أم انه حدث له مكروه ؟
انتبهت من أفكارها وقد تبين لها أنها استغرقت طويلا في أفكارها تلك ونسيت رنين التليفون الذي مازال يتردد أصداؤه في المكان , ترفع السماعة وقد أخذت في إصاخة السمع للتعرف علي ماهية هذا المتصل ..
الو ..
"مدام مي "
"ايوه"
أنا صديق أخيك مصطفي ..
أحست أن صوت نبضات قلبها قد علا علي همس المتكلم المرتجف الصوت ..
انها تخشي ان تسأله ما حدث ...
فترة من الصمت الثقيل قطعها صوت المتكلم الذي بدا وكأنه يستجمع كل ما تبقي من شجاعته ..
"مصطفي في المستشفي ..."
القي كلماته الأخيرة كمن يلقي قنبلة وهو يخشي ان ترتطم بجسده شظاياها ..
ثم ما لبث ان تابع حديثه وقد تخلي عن بعض تحفظه الذي كان يتسم به كلامه في البداية, بينما كانت تشعر أنها فقدت قدرتها علي الإدراك , وقد أخذت في صعوبة تحاول تجميع كلماته المبعثرة في عقلها ....
"انه كان يقود السيارة في طريق القاهرة- الاسكندرية ..... وقد انقلبت به السيارة وهو الان يقبع في احدي مستشفيات الإسكندرية بين الحياة والموت .."
لم تعرف كم مضي من الوقت بينما هي تحاول استيعاب ما حدث..
وما أن وضعت السماعة حتى أخذت أنفاسها تتلاحق كمن كان يبذل مجهود خارق , شعرت أن أعصابها تخذلها , فارتمت علي المقعد بحركة لإرادية ...
الدموع تنساب من مقلتيها دون اي قدرة لها علي كبحها ...
فجأة انتبهت فزعة , مع تبينها أنها مازالت في مكانها مستسلمة لتلك الأحزان , بينما أخيها في أمس الحاجة إليها ...
مع إدراكها لتلك الحقيقة , استجمعت كل ما أوتيت من قوة , وقد بدأت تستعد للسفر .
السيارة تتهادي في الطريق الصحراوي , بينما هي تنظر عبر زجاج النافذة , وعيناها تحاول اختراق هذا الظلام الدامس في الخارج وكأنها تبحث عن بصيص من النور يخفف غمامة الحزن تلك التي تعتصرها ,بينما اخذ شريط الذكريات يتدفق إلي عقلها بقوة , صور ومشاهد لأخيها تتراقص امام عينيها ...
-عندما كان طفل رضيع وهي تلعب له حينئذ دور الأم رغم أنها لم تكن قد تجاوزت السادسة من عمرها بعد رحيل والدتها الي العالم الأخر وتزوج أبيها بآخري , لتتولي جدتها من والدتها مسئولية تربيتهما ..
- وعندما كانت توبخه لعدم اهتمامه بمذاكرته ولعبه الكرة بالشارع ...
مصطفي اطلع بقي كفاية لعب
طيب العب شوية كمان والنبي
لو ما طلعتش ازعل منك ومش اكلمك
خلاص خلاص ..طالع
- وأخيرا وداعه لها هذا الصباح بصورة لم تعتادها منه , وهي تتذكر كيف أطال النظر إليها طويلا , قبل ان يخبرها بذهابه مع بعض أصدقائه لقضاء يومين في مدينة الإسكندرية , قبل تجهيز أوراقه للسفر للعمل في احد الدول الخليجية ..
انا مسافر يومين كده مع صحابي وانقعد في شقة واحد صاحبنا بالاسكندرية ..
طيب خلي بالك من نفسك
متخفيش عليا يا قمر ..اجبلك حاجة من هناك ..
عاوزاك بس ترجع بالسلامة ..مالك بتبصلي اوي كده , شكلك عاوز فلوس ولا ايه ..
لا اطمني جيب السبع ما يخلاش ..انتي عارفة انتي اتوحشيني اوي
ياسلام , انت اتقعد سنة في الاسكندرية
انا قصدي لما اسافر...
هل أخبرتي والدك بما حدث له ؟
انتبهت فجأة علي سؤال صديقتها والتي أصرت هي وزوجها علي اصطحابها في سيارتهم ...
نبتت عن شفتيها ابتسامة باهتة تمتزج في حلقها بالمرارة دون ان تجيب عن سؤالها ...
ثم ما لبثت أن تنهدت وكأنها تنفث عن مشاعر السخط التي زاد تأججها في صدرها ما حدث لأخيها ..
إن الأيام والسنين فشلت تماما في تحقيق التقارب مع والدهما بل أن الجفوة بينهما أخذت تتسع أكثر وأكثر...
إنها تتذكر كيف إنها عندما كانت طفلة صغيرة تتلعثم وتخطئ عند مناداته ب"بابا" , انها لم تكن تستشعر معناها في وجدانها , إنها كانت تشعر انها كلمة جوفاء لا تنبض بأي مشاعر طبيعية تحسها ابنة تجاه أبيها , ولم يكن أخيها بأفضل حال منها , بل علي العكس ..
فربما كانت هي اقدر علي كبت مشاعرها الحقيقية محاولة التظاهر بود مصطنع خاصة مع زوجة أبيها , لكن مصطفي رغم مشاعره المرهفة وطيبته الشديدة كان عندما يغضب يفقد القدرة علي الاستمرار في تلك المسرحية الهزلية من الود المصطنع والمجاملات المتملقة فينفجر بركان الألم المحبوس داخله في وجوه الجميع ...
مثل ذلك ما حدث عندما اخبرها بنجاحه في الشهادة الإعدادية , وانه سيذهب لأبيه ليفرحه بهذا الخبر , ثم كانت مفاجأتها عند عودته وقد ارتسمت علي وجه علامات الحزن والألم ولم تكد تسأله عما حدث حتى انفجر في ثورة يمتزج فيها البكاء بالغضب , وقد علمت منه بعد ذلك كيف استقبل والده خبر نجاحه بفتور شديد بل وطلب منه أن يلتحق بالثانوية الفنية بدلا من الثانوية العامة شديدة التكلفة مما جعله يثور في وجه أبيه متهما إياه بعدم العدالة مما كان سبب في صفع والده له مما اعتبره تطاول وقلة أدب منه ...
هي دي المستشفي ...
اتنبهت مي علي صوت زوج صديقتها, وقد لاحظت توقف السيارة , بينما كان يشير الي احد الابنية ...
- ما ان دلفت إلي المستشفي حتى أدهشها وجود والدها قرب حجرة العناية المركزة , لكنها لم تهتم بمعرفة من اخبره , إذ توجهت مباشرة إلي الممرضة لتسمح لها بالدخول لرؤية أخيها , لكن قوبل رجائها بالرفض , وقد أوضحت لها أن حالته لا تسمح ..
اقبل عليها والدها , وبدأ في طرح عديد من الأسئلة ثم اتبعها ببعض عبارات اللوم لها ولأخيها ,لكن كان جوابها الصمت ...
وفجأة دوي صوت صفارة عالية جعلت الممرضة تصاب بالذعر وما لبثت ان دلفت الحجرة واتبعها عدد من الأطباء والممرضات ...
أحست مي بقلبها يثب من بين ضلوعها , أو انه يكاد يتوقف عن النبض ..
مر الوقت كدهر وهي يقتلها القلق والحيرة لعدم معرفتها ما يحدث ...
وهنا دوت في المكان صرخات ونحيب , وكان مصدر هذه الصرخات مجموعة من النسوة , أحست مي بالآسي من اجلهم وان أدركت الآن سبب تلك الصفارة ...
في تلك اللحظة أتت الممرضة لتخبرهم أن مصطفي قد فتح عينيه , ثم أعقبت أنها ستسمح لواحد فقط بالدخول لرؤيته ..
لم تكد الممرضة تنهي كلامها حتى اندفعت الي داخل الحجرة دون حتى أن تنتظر رأي والدها ...
كان يرقد علي احد الأسرة وقد أحاطت به الكثير من الأسلاك والأجهزة , ما ا ن رآها حتى انهمرت الدموع من عينيه فأسرعت لتجفيف دموعه , ثم حاولت ان تتصنع الدعابة لكي تجعله يبتسم ,لكنه وجهه التي تغيرت ملامحه تماما , بدا وكأنه نسي كيف يبتسم , كانت في استماتة تحاول منع الدمعات التي باتت تترقرق في حدقتيها خشية ان تتحول لسيل من الدموع , ثم ما لبثت ان انحنت علي يديه ثم جبينه لتقبيلهما , وما ان لامست جبينه حتي انفجر ينبوع الدموع لتغسل بها وجها ..
لكن في تلك اللحظة حضرت الممرضة لكي تخبرها أن والده يصر علي الدخول وأنها يجب أن تخرج ليحل محلها , أحست بالحيرة والتردد وان رقت لمشاعر والدها المتلهفة للاطمئنان علي ابنه , فخرجت وهي تحاول تجفيف دموعها وقد لمحت قبل خروجها ملامح الألم والحزن والرجاء قد ارتسمت علي وجه أخيها , وكأنه يرجوها الا تتركه ...
وما كادت تمر دقيقة علي خروجها ودخول والدها حتى علا صوت الصفارة الطويلة مرة أخري , لكن هذه المرة كانت تحمل في طياتها النبأ التي طالما كان يفزعها مجرد التفكير فيه , إنها لن تري أخيها مرة أخري ...
أحست ان الأرض تميد بها أو أنها تدور عكس دورانها , لقد اختل إحساسها بالزمان والمكان , لقد أحست أنها علي وشك السقوط وبدت تتلمس أي يد تتشبث بها , في تلك اللحظة وجدت ساعد إنسان يحول دونها والسقوط علي الارض , لتفقد بعدها الوعي ..
لم تعرف كم مر من الوقت وهي فاقدة الوعي لكنها لما افاقت اكتشفت ان ذلك الإنسان هو زوجها الذي حضر أخيرا وقد علم ما حدث, والتي ما أن نظرت في عينيه حتى أحست بالسكينة والطمأنينة حيث عينيه الغائمة بالدموع تضمها وتحنو عليها , وتخفف عتها بعض احزانها ..
لم يمضي وقت حتي اقبل والدها وما لبث أن اسرع باحتضانها وقد بدأت حينئذ تسمع صوت نحيبه المكتوم, لقد كانت أول مرة تراه يبكي وأول مرة تشعر وهي في حضنه بدفء مشاعره ...
لكنها رغم كل هذا كانت تشعر بحاجز جليدي يمنعها من مبادلته نفس الشعور, كانت تسيطر عليه فكرة أن تناسيها كل هذه السنين من العذاب والألم والحرمان العاطفي التي تجرعتها هي وأخيها هي خيانة لذكري أخيها الذي لم يتلق من والده طوال حياته غير برودة المشاعر والكثير من الألم ...
أحس والدها بمشاعرها تلك , فرفع وجهه وهو يحاول ان ينظر إلي عينيها كأنه يتلمس فيهما مشاعر البنوة التي أحس بافتقادها , لكنه صعق عندما وجد أن عيونها قد افتقدت أي مشاعر فصارت كعيون زجاجية قد مات فيها كل إحساس , ليدرك ان جبال الجليد التي تكونت عبر السنين من المستحيل أن تذيبها لحظات من دفء المشاعر ..
تغادر مي المكان وهي تستند الي ساعد زوجها بينما ظل والدها بمفرده وحيدا ..
layalii- مشرفة قسم الجمال والماكياج
-
عدد المساهمات : 4375
:
رد: جبال من الجليد
نملك المشاعر لنعبر
ونملك الإحساس لنكتب
ونمسك بالقلم لنقول مايجول بخواطرنا
لكن هنا أمام إبداع قلمك أقف صامت
لا أملك سوى الإعجاب بقلم ذهبي
دمتي بخير ودام قلمك مبدعاً
تقبل احترامي وتقديري
معاك يالخضرة.... ديري حالة
إنشاء الله
la coup du monde
2010
نموت عليك يالخضرة
arafat- عضو شروقي
-
عدد المساهمات : 1881
:
رد: جبال من الجليد
الرائع في صفحتي
layalii- مشرفة قسم الجمال والماكياج
-
عدد المساهمات : 4375
:
رد: جبال من الجليد
وتسعدني ردودكم
دمتم في حفظ الرحمن
layalii- مشرفة قسم الجمال والماكياج
-
عدد المساهمات : 4375
:
الأربعاء 01 أكتوبر 2014, 10:45 من طرف دارين
» الخطبة في 2020
الأربعاء 01 أكتوبر 2014, 10:33 من طرف دارين
» مركز مصادر الإبداع للتدريب والاستشارات CSTC
الثلاثاء 19 أغسطس 2014, 07:14 من طرف al2bda3
» نماذج من رسائل رسمية..طلب وظيفة وغيره
الأحد 22 يونيو 2014, 12:01 من طرف نعاس محمد
» طلب مشرفين لعودة عمل المنتدى من جديد ♥
الثلاثاء 06 مايو 2014, 19:11 من طرف المشرف العام
» رسالة ماجستير كاملة : بيئة العمل الداخلية وعلاقتها بالتسرب الوظيفي
الخميس 06 مارس 2014, 16:47 من طرف rahim05
» فروض مع اجاباتها السنة 1-2-3-4 متوسط
الجمعة 31 يناير 2014, 17:31 من طرف معاذبن
» فروض من الاولى ثانوي إلى غاية الثانية ثانوي كل الشعب
الثلاثاء 19 نوفمبر 2013, 15:42 من طرف marilafolle
» مذكرة تخرج - دور إدارة الجودة الشاملة في تطوير الميزة التنافسية للمؤسسة الإقتصادية
الإثنين 30 سبتمبر 2013, 22:38 من طرف afaf berrah
» اختار حرف ونفذ المطلوب
الأربعاء 31 يوليو 2013, 23:13 من طرف هيمة
» مااااااااتهبطش .............
الأربعاء 31 يوليو 2013, 23:12 من طرف هيمة
» نصيحة اليوم
الأحد 28 يوليو 2013, 22:49 من طرف ريحان الجنة
» سجل حضورك بأجمل وردة 2
الأحد 28 يوليو 2013, 22:47 من طرف ريحان الجنة
» لعبه من ثلاثه حروف فقط
الأحد 28 يوليو 2013, 22:38 من طرف ريحان الجنة
» لغز عجز العلماء عن حله جرب حظك
الأحد 28 يوليو 2013, 22:30 من طرف ريحان الجنة