إلا أمك يابن آدم
______________
سليم شابٌ في مقتبل العمر , متزوج من فتاة تدعى سلمى , يعيش في منزل أمه فهو متعلق بها كثيراً وأمه متعلقة به أيضاً فهو ابنها الوحيد الذي جلبته من هذه الحياة ,
كانت سلمى تعامل أم سليم معاملة طيبة وتقدرها كأنها أمها الحقيقية , تساعدها بكل ما تحتاجه وتلبي لها مطالبها طمعاً بمحبة أكبر من سليم الذي همه الوحيد ارضاء والدته , وبالفعل محبة سليم أصبحت تكبر أكثر لزوجته,
فأصبح يقدم لها ما تريد ويريها أجمل مظاهر الحب حتى جاءته بذاك اليوم حين قالت له : حبيبي أنا حامل بطفلنا الأول , جنّ جنونه من الفرحة وركض نحو أمه وأخبرها ففرحت كثيراً بالخبر ودعت لها بالولادة سالمة ,
وبما أنه الحبل الأول بدأ دلال الزوجة , وكل يوم لها مطلب جديد , وإياك ان لا تحضره كي لا يتشوه طفلنا , وفرحة سليم بالطفل جعلته ينفذ كل رغباتها وما تشتهيه النفس,
واليوم حان موعد انجابها , وكان من الواضح صوت الطلقات وصياح سلمى حتى سمعوا صوت بكاء الطفل , حملته الممرضة وأخذته لوالده الذي جعل أمه تنظر له بعطف وحنان , إنه حفيدها الأول الغالي , وتم تسميته أمجد على اسم والد سليم ,
وهنا بدأت تنقلب بعض الأمور , فتعلق سليم زاد بزوجته وطفله وبدأ ينسى أنّ له أمّ تسكن معه , فاستغلت الزوجة الوضع وبدأت توسوس له : سليم طفلك يكبر وتلك العجوز مازالت هنا , ألا تخاف عليه من سماع تخاريفها ؟ أو من أن يحب جدته أكثر منا ؟ فهي دائماً تحمله وترضعه الحليب وتغير له حتى ,
عليك بإبعادها من هنا, قبل أن تسلب منا ابننا الوحيد , لم يرضخ سليم بالبداية لكلامها ولكن بالنهاية استطاعت حواء اقناعه بكلامها وتهديدها أحياناً بتركه وأخذ ابنها , قلة الدين والعياذ بالله سكنت قلبه والوسواس عشعش داخله ,
وفكر بطريقة يستطيع بها ابعاد أمه من المنزل دون أن تعشر بهذا , ذهب لها مقبلاً يدها وأخبرها بأنه يريد أن يصطحبها كل أسبوع مرة للحديقة واعتذر عن تقصيره معها وبأنه لا يريدها ان تبقى داخل أربعة حيطان كي لا تشعر بالملل, غرغرت الدموع بعين الأم وشكرته وقبلته من وجهه واعطته رضاها ,
وبالفعل حضرت الأم نفسها لتخرج فاصطحبها بسيارته متوجهان للحديقة , وصلا إلى هناك فأخذها وأجلسها على الكرسي وطلب منها أن تجلس و هو سيعود ليعيدها للمنزل بعد ساعتين فلديه أمر ضروري , وأعطاها ورقة مكتوب عليها رقم هاتفه
فإن تأخر على الأم أن تطلب من أحد الناس الاتصال بابنها ليستعجله , جلست الأم وهي سعيدة جداً بما يفعله فلذة كبدها متأملة خلق الله عز وجل من شجر وماء حتى مرت ساعتين وأصبحوا ثلاث وأربع , والحديقة ستغلق ,
والجو أصبح معتماً , فاتجهت نحو أحد المارة وطلبت منه الاتصال بالرقم المكتوب بالورقة ,فلم يردّها ذاك الشخص وفتح الورقة ليصاب بحالة صدمة , سألته ماذا هناك ؟ قال لها من اعطاكِ إياها ؟ أجابته ابني ,
فهطلت دمعة من عينيه مخبراً إياها بما كتب عليها :
لمن يرى هذه العجوز أرجو منه أن يصطحبها لدار العجزة
هرعت الأم من ما كتب فسقطت مغشية على الأرض, وصحوت وهي في ذاك الدار بجانبها ذاك الشاب الطيب , أراد أخذها لمنزله ولكنها رفضت , و طلبت رؤية ابنها ولكن لم يعلم أحد عنه أي خبر , بكت الأم كثيراً والأيام تمر , أحس سليم بالذنب الذي اقترفه بحقها ولكن دون جدوى, الحاح زوجته كان يزيد قلبه قسوةً حتى نسي أمه تماماً ,وصلته رسالة من احد المقربين بأن أمه بحاجة له فلم يرضخ وطلب توصيل سلامه لها فقط , علمت الأمر بالخبر ,
وطلبت منهم عدم اخباره بأي معلومة عنها , ها هو قلب الأم بدأ يقسو , وعاد الابن ليسأل عنها ولكن لم يعد يعثر على أية جواب , وبعد حين من الزمن مرضت الأم مرضاً شديداً , وأصبحت على فراش الموت , وما فعله فلذة روحها مازال في ذاكرتها,
فنادت الممرضة وقالت لها وصيتي لكم , اتصلوا بابني وقولوا له إني غاضبة عليه ليوم الدين , وأني لن اسامحه أبداً , حاولت تهدئتها الممرضة وقبلت يدها وطلبت منها التريث بكلامها ولكن الأوان قد فات والأم ودعت الحياة , فهي تعرف معنى غضب الأم , ذهبت الممرضة واتصلت بسليم ليرد عليها شخص ويسألها ماذا تريدين ؟ طلبت سليم
فأخبرها بأن سليم من ساعتين تعرض لحادث سير وهو في رحلة مع أسرته وماتت زوجته وابنه وهو أصبح مشلول بشكلٍ كامل .
انتهى
في انتظار ردودكم