أ-العادات
هي ما يعود إليه الإنسان مرارا و تكرارا أو الحالة التي
تكرر على نهج واحد
والعادة في المفهوم الاصطلاحي هي كما عرفها البعض(هوسلوك
متكرر يكتسب اجتماعيا ويتعلم اجتماعيا ويمارس اجتماعيا ويتوارث اجتماعيا)
ويمكن بين العادات الاجتماعية والفردية في أن العادات
الفردية أسلوب فردي وظاهرة فردية شخصية.
*أهميتها:إن المجتمعات كثيرا ما تحوي عادات اجتماعية فهذه العادات
بإجماع علماء هي الدعائم الأولى التي يقوم عليها التراث الثقافي في كل بيئة.
*تفرع العادات الاجتماعية :
تشمل أنواع عديدة وتتضمن ما تواضع عليها المجتمع من
عادات اتفاقية وعرف ومحرمات وسنن وتقاليد وشعائر و*طقوس*ومراسم .
*تصنيف العادات الاجتماعية :
تصنف العادات على أساسين مختلفين وهما:
-1- طائفة تشمل كل أنواع العادات القديمة المتوارثة وهي المعروفة بالعادات
التقليديةمثل التقاليد والعرف .
-2- طائفة تشمل العادات الجديدة أو المستحدثة وهي الموضات.
*نشأة العادات الاجتماعية:
يمكن إرجاع النشأة الأولى لتلك العادات الاجتماعية أو
الطرق الشعبية إلى الحاجات الضرورية الحيوية التي تتطلب الإرضاء والإشباع ويمكننا
أننخلص آراءه من هذه الناحية في أنه لكي يتم إرضاء الحاجات الضرورية
خصائص
العادات
-1-التلقائية :
لما كانت العادات والطرق الشعبية تنبثق من حاجات الناس
الطبيعية الحيوية، فهي بذلك تتكون داخل المجتمع بصورة غير واعية ودون هدف منطقي.
-2- الإلزام والجبرية:
فمن مميزات العادات الشعبية أنها ملزمة وجبرية أي أن لها
سلطة و سلطة سلطان على الأفراد يضغط عليهم ويشعر كل واحد منهم أنه مضطر للخضوع لها
ففي الوقت نفسه الذي نجد فيه أن العادات مفروضة علينا.فالعادات ما هي إلا نماذج
للعمل وأنماط للسلوك وهي ليست من صنع فرد ولا من الأفراد ولكن انتقالها عن طريق
الأجيال السالفة .
-3-الاتصال بنواحي أسطورية وعناصرخرافية:
ومن مميزات العادات أو الطرق الشعبية في جميع الثقافات
أنها تكون عادات تتصل بنواحي أسطورية وعناصر سحرية وخرافية كالاعتقاد بضرورة
إرضاءالأجداد والأسلاف بإتباع عاداتهم وذلك بإيمانهم القاطع بأنهم يغضبون غضبا
شديدا.
-4-التنوع والنسبيّة:
فالعادات أو الطرق الشعبية متنوعة فمنها ما يتناول عادات
الناس في تناول الطعام والشراب والملبس والمسكن والنشاطات المختلفة، فالعادات
تتحكم إلى حد بعيد حتى في الميول لأنواع الأطعمة ويظهر الاختلاف والتنوع في
العادات في كل هذا من خلال الشكل والتحديد المختلف فهي بذلك تختلف من مجتمع لآخر
ومن إقليم لآخر أو من جماعة لأخرى وأحيانا داخل مجتمعا واحد. وهذا التنوع والنسبية
في العادات ليست مرتبطة بالمكان فقط أي من مجتمع لآخر بل يكون حتى في الزمان أي من
زمن لآخر وخير مثال على ذلك حال المرأة بين الحاضر والماضي لما في نشاطها.
*الرغبة في التمسك بها:
تعد من مميزات العادات الاجتماعية أن يكون مرغوبا فيها
من قبل الأشخاص وذلك لتعاملهم بها إستقرارها بينهم في نفوسهم وذلك من خلال مجموعة
أساليب من بينها التعود وغرس الأفكار والمعتقدات وربطها بالمصالح النفعية وتزويدها
بعناصر أخرى حتى ترسخ في نفوس الأفراد وتطيب في نظرهم فكل مجتمع يعتقد أن عاداته
وتقاليده وطرقه الشعبية هي الأحسن والأفضل فيصل بهم الحد إلى تقديسها أحيانا.
*وظائفها:
1-وظيفة اقتصادية وهي في كثير من الأحيان تسهل على الناس
أمور حياتهم.
2-وظيفة إرشادية فهي تمثل المصابيح الهادية التي ترشد
الفرد وتهديه إلى التصرف المتوقع منه في مجتمعه وحياته .
3-وظيفة جمالية وهي تعد من أهم وظائف العادات الاجتماعية
فهي ترشد الفرد الى الجميل و الحسن والمستساغ والمستحب والأليف من الفعال والسلوك
أي ترشد إلى فن الحياة وفن التعامل مع الناس تعاملا حسنا ومشاركة الناس أفراحهم.
4-وظيفة تنبئيه تنبئ العادات الاجتماعية عن سلوك الفرد.
ب-التقاليــــد:
تعريفها: قلد
يقلد تقليدا غيره أي اتبعه فيما يقول من غير حجة ولا دليل .
*هي السلوك الفردي لأنه دامت مزاولته في حقبة من الزمن
ففكرة التوارث من جيل إلى جيل فكرة أساسية تستدعي النظر في معنى التقاليد حيث أنها
عادات مقتبسة اقتباسا رأسي أي من الماضي إلى الحاضر ثم من الحاضر إلى المستقبل .
*الأساليب وشنوالمرافقة والمؤيدة للتقاليد:
1-الشعائر: فالمقصود بها نوع من التصرفات أو الإجراءات أو الممارسات
الجماعية، ولها أهمية خاصة في الجانب الديني كمل هو مثاله في أداء العبادات داخل
المساجد والكنائس .
2-الرموز:فهو الذي استطاع أن يحول أجدادنا إلى أشخاص
متفاعلين، فعن طريق الرموز نبعت جميع الحضارات واستمرت.
3-الاحتفالات العامة :هي في الواقع نوع من الممارسات
الاجتماعية والإجراءات المقررة التي تتصف بالمظهر الرسمي وتلتقي فيها الشعائر
والطقوس والمراسم الرموز والأساطير وهي في جوهرها عبارة على عادات جماعية مورست في
مناسبات مختلفة.
1-كتاب:القيم والعادات
الاجتماعية مع بحث ميداني لبعض العادات الاجتماعية تأليف الدكتورة
فوزية دياب أستاذة علم الاجتماع التربوي بكلية البنات،جامعة عين شمس
بالقاهرة، دارالنهضة العربية ،للطباعة والنشر-بيروت ص-
*نبـذة عن الشيـخ سيدي علي بن خـزان :الشجرة الشريفـة
هو الشيخ سيدي علي بن خزان بن عمر بن عبد الجبار بن عبد
الرزاق بن محمد بن عبد العزيز بن عمران بن محمد بن فارس بن كامل بن عبد القادر بن
احمد بن يوسف بن إبراهيم بن بوزيد بن عبد الغنى بن صفوان بن مروان بن عيسى بن عبد
الله بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسين بن فاطمة
الزهراء بنت الرسول الله صلى الله عيه وسلم.
ترك أبوهم خزان بن عمر ترك من الذكور هم علي بن خزان
ومحمد عون عبد الجبار بنتين كلثوم وعربية وأمهم خديجة.بقي محمد في ملكة أبيه في
أرض سبأ وإخوته انتشروا في الأرض منهم فرقة في بلاد سوف وهم أولد علي بن خزان
وفرقة في جبل لموارته في تونس وفرقة في طرابلس.
*التسميــة :قيل خزن تحت
جبل يعبد الله تعالى وقيل لكتمان سره قيا متوكل على خزائنالأرض.
*رحلاتــه :
رحل الشيخ علي بن خزان إلى بلاد المغرب استوطن ببلاد
نقراوة وقيل محله معروف بها وثم ارتحل منها إلى بلاد الجريد ثم رحل إلى بلاد سوف
عمر بها في بلاد البهيمة القديمة(الزقم) ثم خرج إلى بلاد الدبيلة القديمة (الدبيلة
القبلوية أو ما تسمى حاليا أكفادو) شرقي بلاد الزقم و مقره بها وشرع في خدمة
النخيل فتعصبوا عليه جماعة منبلاد الزقم وعددهم أربعين نفرا فنحروا ناقته أفسدوا
زرعه حسدا،كما أنتقل إلى أرضحاسي خليفة حيث تبعد عن بلدة الدبيلة العامرة بتسعة
أميال تقريبا وعمر فيها وبنا موضعه لله والعبادة وشرع خدمة أرض سوف رحل متوجها إلى
الشرق حتى وصل إلى صحن بري المعروف بشرقي حاسي خليفة ونودي من قبل رجال الله
الصالحين بوطن سوف ،ورمى عصاه فسقطت في محل بئر الزاوية الآن فنزل هناك وحفر بئر
وبنا الجامع والزاوية المعروفة بزاوية الشيخ علي بن خزان.
*الذرية
الشريفة :
تزوج الشيخ علي بن خزان ببنت الشيخ ضيف الله بن
سعيدالشريف النفطي ولم يرزق الشيخ علي إلا ابن واحد يسمى الشيخ عمار بنت تسمى
مبروكة وتكنى (الزايلة) لكونها مدروشة ولم تتزوج وتوفيت مسنة ،فتجوز الشيخ سيدي عمار
وله ستة أولاد ذكور وثلاث بنات عبد الله وعيسى وخليفة من زوجته الجارية وأحمد و
بالقاسم علي من زوجته جمعة والبنات عيشة وفاطمة وخضر وتزوج جميعا في حياة جدهم إلا
على مات يوم مات والده سنة 1118ه.
الحضــرة
وتسمى كذلك بالزردة أو القصعة تعبر هذه المصطلحات
الثلاثة لدى أهالي بلدة الدبيلة عن الزيارة السنوية لضريح الشيخ سيدي علي بن خزان
التي تعد فلكلور جهوي للمنطقة بحيث يتم تحديد يوم للحضرة ويصادف في الغالب يوم
الخميس في فصل الخريف من كل سنة (وقبل ليخرج الناس لعشور من التمر أي نصيب
الفقراءوالمساكين من جني التمر)
يخرج جماعة من المداحين يطفون في أنحاء البلدة ليجمعون
التبرعات مال أو مواد غذائية ومساعدات الأثرياء من أهالي البلدة وتسمى المداولة في
كل من منطقة الدبيلة،حاسي خليفة،أولاد لخضر،جامع ميدة ويأخذون هذه المؤونة إلى
مكان واحد ويتطوعن النسوة لتكسكيس وتحضير الخضر وكل مستلزمات الطبخ للبركة.
وان كانت في القديم في عهد الشيخ علي بن خزان يمارسه
للزوار البدو الرحل ( وهناك من يقول أنه كان يمارسه للضيوف في الخفاء) وأول من
باشرها هو علي بن الزعبي وبشير بن العيد وإبراهيم بن الصغير خاصة بأهلي الدبيلة
فقط وتقام في بيت إبراهيم بن الصغير.
ويبدأ التحضير الفعلي للحضرة بعد جمع التبرعات
وإحصائهاعندها يتم شراء المستحضرات الناقصة وتحضير الكسكسي الأكلة الملازمة
للحضرة.وفي يوم الخميس يجتمع النسوة في المنزل الكبير (الحوش الكبير) لطهي الطعام
ويرفع الأهالي شعار(كصعة جدي ليسبق يدي) والقصعة تخص كل الأهالي الفقراء والأغنياء
فالكل مني بها،ويشارك في الحضرة جماعات من خارج البلدة والولاية مثل بني دوين و
المرازيق...الخ.حيث تشكل حلقة دائرية وتتم فيها المدائح والرقصات من مختلف الفرق.
وحاليا تتم بحضور السلطات الولائية والبلدية(الوالي،رئيس
البلدة، رجال الأعمال...)وذلك مع وليمة غذاء على شرف الوالي. ويتم بها عقد القران
بعد العصر في الجامع العتيق(جامع جدي علي بن خزان) تتم فيها نشاطات أخرى معارض
تقليدية ، معرض الكتاب ،ومنتديات دينية تابعة للجمعية الولائية لجدي علي بن خزان
وقد تأسست هذه الجمعية لتحتضن الحضرة وقد عرفت نجاحا كبيرا في تنظيمها مماجعلها
تبدو في صورة شبه حضارية(فلكلور جهوي) بالإضافة إلى أن الجمعية قامت بتأسيس جناح
خاص لتحفيظ القرآن الكريم وجناح آخر مخصص لإقامة الحفلات الدينية كليلة
القدروالمولد النبوي الشريف.
ويِؤخذ الطعام(الكسكسي) بقرب ضريح الشيخ علي بن خزان
لتأكل منه الوفود والباقي جزء منه يأخذه الأهالي لبيوتهم للبركة ، والجزء
الآخريأكله المداحون في الليل.كما يقوم الزائرون برؤية الضريح وشرب من البئر مع
أخذ قطعة قماش من الغطاء الأخضر للضريح
.
المايو أو توابع الحضــرة:
ونسميها توابع لأنها عادات تابعة للحضرة وهي المايووات
وقد قيل بأنها وجدت على هذا الاسم وهي ثلاثة: مايو الربيع، مايو الخريف(مايو وقوف
العرجون) حتى لا يسقط البلح من العرجون ومايو الصيف. في الأول من الصيف
ينشق(ينزح)البئر مابين الظهر والعصر أي يجف منه الماء حيث يطهي النسوة الكسكسي في
البيوت للصالحين بدون زيت ولا بصل ولا ثوم ويجب أن يكون بلحم الماعز وعند المغيب
يوضع الطعام في غرفة مقفلة مع حفنة من الشعير والقليل من الماء حتى يأكله الصالحين
وهم أناس مخفيون حسب معتقدات الأهالي.
صورة عن بئر جدي علي بن خزان
تحليــل:
سكن جدي علي بن خزان بجانب الطريق فكان محطة للقوافل
فيذبح لهم الماعز لضيافتهم لأن الإبل والشاة باهظة الثمن في ذلك الوقت، و مع توارث
العادات و إنعدام القوافل وتطور وسائل السفر أصبح الأسلاف يطهون الطعام على أساس
الناس الصالحين(أجدادهم الصالحين).
فهذه الكصعة وكل ما يتعلق بها من العادات والتقاليد
هوسلوك اجتماعي متكرر فهي تقام من طرف كل أهالي البلدة بشكل جماعي أما العادات
الباقية فهي تقام بشكل فردي أي خاصة بكل فرد ومع مرور الوقت تحولت إلى شيء لازم
لكل بيت من بيوت هذه البلدة ومنها المايووات التي تمارس كل ثلاث مرات في
السنة(وقدسلف لنا ذكرها) إضافة إلى الأحزاب التي يقومون بها عند المناسبات السارة
كالزواج والطهور...الخ. ويمكن القول بأن هذه الموارد والأحزاب عبارة على(وعدة) إذ
يقول الشخص إذا تحقق لي الشيء الذي يتمناه أقوم بحزب أو مولد.
وكما يقال أن العادات الاجتماعية(مصطلح يستعمل للدلالة
على مجموع الأنماط السلوكية التي تحتفظ بها الجماعة وتترسمها تقليدا وهذا ميزها عن
النشاطات الشخصية التي يقوم بها الفرد)1
فكل مجتمع من المجتمعات يتوارث أفعالا عن أجدادهم يمكن
أن نلمس فيها إلى حد ما ثقافاتهم التراثية التي نرى فيها أفكارهم وغاياتهم سوا
أكانت حسنة أم سيئة فهم يعتزون بها ويعتبرونها عماد أصالتهم لتصبح قواعد صارمةلابد
منها مثلا كما نجد في هذه المنطقة ما يسمونه بالمايووات التي يجب أن يطهى فيها الكسكسي
المصنوع من طرف نساء البيوت أي لا يشترى من السوق جاهزا لأنه قديما لم يكن متوفرا
في الأسواق وأن يكون من لحم الماعز وغيرها من العادات فهذا كله يشكل قواعد صارمة
لابد لربة البيت من إتباعه لتتجنب سخطة الصالحين فهو عبارة عن دستوريجب تطبيقه ومع
ذلك فيها شكل إيجابي وهو إخراج جزء من الطعام إلى الفقراء والمساكين كما أن هذه
الكصعة تقوم في فصل الخريف عند جني التمور وإخراج الزكاة منه (العشور) ولكن بشكل
جماعي ومع مرور الزمن آلت الكصعة إلى ما هي عليه الآن.
و هناك من يؤمن بها ويعتبرها أصل الأجداد وتراثهم و هناك
من لا يؤمن بها ويعتبرها خارجة عن نطاق الدين بحجة أنها بدعة وذلك لأنها لم ينصبها
قرآنا ولا سنة ، ولكنها تبقى عماد لأصالة هذه المنطقة و معبرة عن تراث الأجداد
الأصيل.