النفس والروح.. ودلائل قدرة الله فيهما
يقول الحق تبارك وتعالي: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق" فُصِّلت: .53
فالله
سبحانه وتعالي وعدنا بالكشف عن آياته ودلائل قدرته في صفحة الكون الفسيح
وفي نفس الإنسان حتي تبين لنا أن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو
الباطل فنؤمن به سبحانه وتعالي إيماناً يقينياً لا تزعزعه نوائب الدهر ولا
مصائب الحياة فإليه يرجع الأمر كله فمن لم يتأمل عجائب الكون وبديع صنعه
ومن لم يعرف نفسه حق المعرفة فلن يعرف ربه حق المعرفة كذلك ولن يكون
إيمانه يقينياً فمن هنا جاء هذا البحث لمعرفة حقيقة النفس وكنهها وتركيبها
ودلائل قدرة الله فيها فتعالوا بنا لنعرف أولاً ما هي النفس وما هي الروح.
إنهما
شيء واحد يسمي باسمين مثل إنسان ورجل وهما الدم أو متصلان بالدم ويبطلان
بذهابه واستدلوا علي ذلك أن الميت لا يفقد من جسمه إلا دمه واحتجوا أيضاً
من اللغة بقول العرب نفست المرأة إذا حاضت ونفست من النفس وبقولهم بعد
الولادة للمرأة نفساء لسيلان الدم وهو النفس وبقول آخرين سالت نفسه إذا
مات.
تعليق: هذا الرأي فيه من الصحة أن الروح متصلة بالدم لكن ليست هي الدم ويمكن أن يطلق لفظ النفس علي الروح.
وقال
آخرون هما شيئان فالروح باردة ولهذا النفخ يكون من الروح لذلك تراه بارداً
فأنت تنفخ في الشيء الساخن لتبرده أما النفس فهو من النفس فتراه ساخن "وهو
درجة حرارة هواء الزفير فأنت تخرج هواء الزفير في يدك في الشتاء عندما تحس
ببرودة أطرافك لتدفيء يديك" فالروح باردة والنفس حارة "ساخنة".
وسمت
العرب النفخ روحاً لأنه من الروح وعلي مذهبهم يسمي الشيء بما كان متصلاً
به أو سبباً له فيقولون للنبات ندي لأنه بالندي يكون ويقولون للمطر سماء
لأنه من السماء ينزل.
بنفخك فيها أي أنفخ في النار لتشتعل والعرب أخذت النفس من النفس.
تعليق: هذا الرأي خطأ ولا يوجد ما يؤيده من كتاب ولا سنة.
الرأي
الثالث: وهو الأصح فالنفس هي النسمة ولم يخطيء الذين قالوا إن النفس
والروح شيء واحد وأنهما متصلان بالدم ففي رأيهم الكثير من الصحة.
* فعندما يقال تعداد السكان يكون التميز نسمة التي تعني نفس. إنسان. ذات.
فيقال علي فلان عتق نسمة أي عتق نفس أي عتق رقبة أي عتق إنسان.
فالنفس هي ذات الإنسان وحقيقته.
والإنسان
عبارة عن جسد تسكنه الروح والجسد هو من عالم المادة عالم الملك وهو
المحسوس والمدرك بالحواس الخمس المعروفة فالجسد من عالم الملك والشهادة
"عالم المحسوسات" فيه مكونات الأرض من ماء وبقية عناصر التربة أما الروح
فهي من عالم الملكوت. عالم الغيب فعندما خلق الله آدم خلق جسده من تراب
الأرض فلما سواه نفخ فيه الروح.
ويتولي
الملك نفخ الروح في الجنين بعد 120 يوماً بالتمام والكمال فتتمركز الروح
في القلب وتمتد عبر الدم إلي جميع أجزاء الجسم عبر العروق.
فقد
قال رسول الله "صلي الله عليه وسلم" إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين
يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك
فينفخ فيه الروح ويأمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد
فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتي لا يكون بينه
وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن
أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتي لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه
الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.. رواه البخاري ومسلم.
فالعبرة
بخواتيم الأعمال حتي لا يطمئن المؤمنون إلي أعمالهم فيتهاونوا ويقنط
العصاة من رحمة الله فيزدادوا في غيهم وظلمهم فتصير الدنيا إلي الفوضي.
فالمؤمن
لابد أن يواظب علي طاعته حتي يختم به بعمل أهل الجنة والعاصي لايقنط من
رحمة الله ومن التوبة فقد يكون نهاية عمله عمل من أهل الجنة فيدخلها.
لاروح
عندما تفارق الجسد حال الموت تخرج من فمه مع نفسه وقبلها يبدأ نفس الإنسان
في عدم الانتظام ثم ما يلبث طويلاً حتي يتوقف الإنسان علي التنفس ويتوقف
القلب عن النبض فعندما تبلغ الحلقوم ينتزعها ملك الموت.
"فلولا
إذا بلغت الحلقوم. وأنتم حينئذ تنظرون. ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا
تبصرون".. وبالتالي يكون النفخ هو عن طريق الفم فآخر شيء خرجت منه الروح
عند الموت هو أول شيء تدخل فيه حال بداية النفخ للجنين في بطن الأم وكذلك
عند نفخه البعث تدخل الروح عبر الخياشيم وتسير في الجسد كالسم في الديغ
كما أخبر بذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم أذن فالروح تسير في الدم كما
يسير سم الديغ في الدم وبذلك تبدأ حياة الجسد بدخول الروح إليه وإن كان
قبل نفخ الروح فيه حياة وهو في بطن أمه كالنائم إلا أنها تختلف عنها بعد
النفخ فالإنسان في حال النوم يكون فيه حياة تختلف عنها في حال اليقظة.
المصدر: مجلة "عقيدتي" بقلم د.السيد محمد نافع أخصائي الجراحة العامة بمستشفي السويس العام