حكم التدخين
السؤال:ما هي الأدلة على تحريم التدخين ؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن الأدلة على تحريم التدخين واضحة، وهي تقوم على أصل من أصول الدين المتعلق بحفظ النفس وصيانتها، فكل ما يؤدي إلى إفساد النفس والمال يكون حراماً باتفاق أهل العلم، والدخان لا شك مضر ضرراً حتمياً بالجسد بإجماع أهل الاختصاص وعليه يكون حراماً بدليل ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) وهو حديث صحيح بل هو قاعدة عامة لا يصح بأي حال من الأحوال
تجاوزها، والتدخين كما أشرت مضر بالصحة فيكون حراماً من هذا الباب والله سبحانه أعلم
رد شبهات:
الشبهة الأولى: القول بأن التدخين شيء، والأصل في الأشياء الإباحة لم يرد دليل التحريم.
أقول هذا قول باطل لا يستقيم مع هذه المسألة من بابين ، الأول : أن المسألة تتعلق بالتدخين أي بالفعل لا بالشيء، والحكم على الفعل يختلف عن الحكم على الشيء، ولا شك أن قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة لا تتعلق بهذا الفعل. الثاني: لا يشترط من كون الشيء مباحاً جواز استخدامه، فعلى سبيل المثال استخدام السم لأغراض صحيحة كقتل الكلاب العقورة أو الفئران وما إلى ذلك جائز، وأما شربه فمحرم لما فيه من ضرر يقع على الإنسان، وكذلك فإن الثوم والبصل من المباحات إلا أن أكلهما وقت الصلاة منهي عنه كما في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هاتين الشجرتين الخبيثتين وقال من أكلهما فلا يقربن مسجدنا وقال إن كنتم لا بد آكليه فأميتموهما طبخاً قال يعني البصل والثوم . حسنه الألباني
ومعلوم أن هذا النهي كان لمن أراد أن يأتي المسجد،فيمنع عن شيء مباح لما ينتج عنه من رائحة خبيثة يتأذى منها المسلمون، والمقصود كما ذكرت أنه لا يشترط من الكون الشيء مباحاً جواز استعماله.
الشبهة الثانية: أن الضرر المحرم لا يكون إلا إذا كان تأثيره محتماً ومباشراً.
أقول : هذه الشبهة أسقم مما قبلها،فإن الحديث عام ، فضرر اسم جنس نكرة جاء في سياق النفي فدل على عموم، والقاعدة المتفق عليها بين أهل العلم تنص على أن الأصل في عموم اللفظ لا في خصوص السبب،وإخراج فرد من أفراد العام يحتاج إلى دليل خاص، ولا دليل هنا فيبقى العام على عمومه وهذا بين للغاية.
الشبهة الثالثة: أن هنالك أموراً مباحة يحرم استخدامها كأكل السكر لمن أصيب بمرض السكري، أما من لم يتأذَ بأكل السكر فلا يحرّم عليه، وكذلك التدخين، وإلا لحُرِّم أكل السكر بعموم لاحتمالية ضرره.
أقول وبالله التوفيق: هذه مسألة مختلفة عن سابقتها، فهنالك فرق بين أن يقع ضرر على إنسان بسبب مشكلة معينة قد تكون خاصة به، وبين ما يكون عاماً كالتدخين، فالتدخين حتما مضر بالصحة فيحرم لذلك، سواء كان تأثير ضرره مباشراً أو لا لعموم السياق كما أشرت إلى ذلك، أما ما يكون ضرره خاصاً ببعض الناس لمرض معين،ويكون في أصله مباحاً فهذا لا يحرم إلا على من يتأذى به على الحقيقة،وإلا لو ذهبنا إلى تحريم كل ما قد يؤدي إلى وقوع ضرر، فسنقول بتحريم كل شيء، مثال ذلك من يذهب إلى المسجد بسيارته فقد يتعرض في طريقه إلى خطر الحوادث وغيرها، وهكذا من يأكل الطعام فقد يغص ويتأذى بذلك، وما إلى ذلك ،وهذا حتماً لا يقوله أحد، فبناء المسألة قائم على أن ما كان الضرر في أصل مادته فهو محرم حتماً كالدخان للحديث الصحيح، أما ما لا يكون مضراً بأصل مادته كالسكر لكنه قد يؤدي إلى ضرر، أو يكون ضرره خاصاً ببعض الناس دون بعض، فهذا لا يسار إلى القول بتحريمه حتى يصبح ضرره حتماً على من وتأذى به .
وهنالك أدلة أخرى على تحريم التدخين كالإسراف إلا أنها ليست أدلة واضحة وهي عامة، والله سبحانه أعلى وأعلم[