كلما أصابنا ما يشبه اليأس في إمكانية زوال إسرائيل يقذف لنا الواقع بأحداث تكشف لنا كم كنا غافلين عن الإحاطة بالمشهد وعناصر قوته وضعفه.. ولكن أليس من حق من تسكب على رأسه القنابل العنقودية والفراغية وقنابل اليورانيوم المنضب أن يستيئس وقد استيأس من قبله الرسل والأنبياء..
*
إسرائيل تعلن أن كل مواد الإطفاء فيها توشك على النفاد وتتحرك الدول الحليفة والصديقة كتركيا لإنقاذ إسرائيل من كارثة محيقة بها..ماذا يعني ذلك؟ ماذا يعني أن تستمر حرائق الكرمل أكثر من ثلاثة أيام وأن يكون عدد القتلى والجرحى بالمئات..؟ ماذا يعني أن )دولة عصرية( تتفاخر بتقدمها وإمكانياتها وبدعم غير محدود من الغرب لها تقف عاجزة عن إخماد حريق في منطقة لا يمكن أن تكون إلا مهيأة للاحتراق؟
*
والشيء بالشيء يذكر فلقد سبق أن أعلنت وزارة الحرب الإسرائيلية إبان العدوان على غزة أن نصف ذخيرة سلاح الجو الإسرائيلي قد نفدت، هذا مع العلم أن المقاومة في غزة محدودة الإمكانيات وتقاتل بسرح بدائي ..الأمر الذي دفع بالإدارة الأمريكية بالتعجيل في إرسال الذخائر على جناح السرعة.
*
كما كانت بالضبط عصابات الصهاينة خلال حرب تموز 2006 الشاملة التي استخدمت فيها اسرائيل كل أنواع أسلحتها البرية والبحرية والجوية ونشطت خلالها أجهزة الأمن الإسرائيلية كما لم تنشط من قبل، أسقطت المقاومة طائرات عسكرية كما دمرت بارجة متطورة وقتلت من جنود الصهاينة ضعف من استشهد من المجاهدين، وبعد شهر كامل انهارت خطط القيادة العسكرية الصهيونية وانسحبت قوات إسرائيل تجر ذيول الخزي.
*
هذا ولا ننسى حالة قادة إسرائيل بعد انطلاق حرب أكتوبر المجيدة التي سجلت فيه القوات العسكرية العربية صفحة مشرقة من صفحات الأمة، لقد أوشك بعض قادة إسرائيل على الانتحار وتحرك الأسطول الجوي الامريكي ينقل لإسرائيل كل شيء، فيما دخلت تجمعات الصهاينة في الأنفاق والملاجئ وأصيب الآلاف بحالات هستيريا، وحصلت ضربة الايقاف الاستراتيجية لتمدد المشروع الصهيوني.. وأدرك الجميع أن قوة إسرائيل بيت عنكبوت..وأنها تتمدد فقط في ظل ضعفنا أو عدم توفر الإرادة الكافية لمواجهتها.
*
إن مشكلتنا تكمن في دائرة مظلمة تسيطر على عقولنا وقلوبنا.. دائرة مظلمة من الفوضى والتناقض والعدمية تنتج لنا الجبن والوهن والتردد..وهذا ما يمنح بيت العنكبوت قوته..هذا ما يجعل السلاح الإسرائيلي يؤدي فينا مهمتين متكاملتين مهمة القتل ومهمة التعجيز.
*
وفي اللحظة التي يرزق الله أمتنا برجال يتحررون من الجبن والجهل والعجز والكسل، فيتقدمون الصفوف وبضربة حقيقة واعية ممتلئة يقينا وعزما سنرى أن بيت العنكبوت هذا لا أصل له، وسنكتشف كم أضعنا من أوقاتنا وأعمارنا في المفاوضة معه، وفي انتظار التوازن الاستراتيجي معه..أنه بيت العنكبوت عندما نصبح نحن نحن.