بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الإنبياء والمرسلين . ثم أما بعد
ربماشاعت الكثير من المقولات حول ما يسمى بتنمية البشر والوصول بهم الى ضفةالأمان، من ناحية ضمان حياتهم ومعيشتهم بما تتضمنه من دخل وصحة وتعليموغيرها، إلا اننا لم نلاحظ ان تلك المقولات قد اخذت طريقها في التنفيذووضع البصمات بشكلٍ واضح.
ان الوضع الانساني اليوم متردٍ بشكلٍكبير، ولم يزل الانسان يخرج من ازمةٍ ليدخل في اخرى تعيق حياته باستمراروتدهور استقراره. فأين محله من تنمية البشر هذه التي باتت تملأ الافاقكحبرٍ على ورق.
اننا لا نريد ان نبالغ ان قلنا ان هناك تنميةبشرية ولكنها منقوصة، من حيث التطبيق والاستمرارية، فلا تكاد تقاريرالتنمية البشرية تخرج علينا كل فترةٍ زمنية بحلةٍ جديدة وايضاحات واضافاتعندما تسمعها وتقرأها تردد مع نفسك بأنها بشرى خير، وبأن العوز والفقروالمآسي الانسانية زائلة لا محالة من جراء هكذا تقارير، الا اننا نجد انما يُعلن من هذه المنظمات يخصها ذاتها لغرض الاشارة الى اهمية عقدالمؤتمرات كعملية حرفنة ليس الا، اضافة الى جني الارباح، دون المعالجةالحقيقية للمسألة.
فبالتأكيد لا توجد هناك معالجة جدية لجعل الاشارة الى تحقيق التنمية البشرية تأخذ مكانها المناسب في التطبيق.
اننا نسأل انفسنا، هل ما يعانيه البشر اليوم يدل على وجود خطط تنمية بشرية نوعية ؟
انوجود الفقر وغيره بشكل آفة تهدد اركان كل مجتمعٍ، لهو دليل قاطع على فشلخطط التنمية البشرية العالمية في رصد معوقات الحياة الانسانية.
كماان المشكلة الجوهرية ان بعض التقارير والمنظمات تركز على الوحدات الاساسيةللحياة وهي مطلوبة ان نُفذت بشكل صحيح والتركيز بشكلٍ قليل على المتطلباتالاخرى اللازمة لتنمية الانسان.
فقد كان الامر في بادئ تقاريرالتنمية هو التركيز على ما يضمن حياة الانسان ومن ثم التفكير بان الانسانلا يحتاج ذلك فقط وانما هو بحاجةٍ للادلاء بصوته وحفظ حريته واستقلاليتهوغيرها.
ومن ذلك قد تطور مفهوم التنمية البشرية الى ما يسمىبالتنمية الانسانية، فلا يجب النظر الى الانسان بأنه سيحقق مطالبه بتحقيقالدخل والصحة والتعليم فقط، وانما يجب منحه فرصة للتعبير عن رأيه ومحوتخلفه وممارسة النقد والنقد الذاتي وتقبل الآخر وغيرها.
يجب علىالانسان ان ينمي من الجزء الى الكل، فيبدأ بتنمية ذاته وجلدها ونقدها، ومنثم النظر الى حوله وما يتطلبه ذلك المجاور، كي يتلائم مع ما يطمح ويتمنى،ومن مجموع الافراد الذين ينمون انفسهم بمساعدة عملية التنمية ممكن انتتحقق تنمية انسانية منشودة.
ان المسألة باتت لا تتعلق بوجود خيرات وثروات فقط، بقدر تعلق الامر بالوعي بأهمية التنمية وما قد تنجزه للانسان والمجتمع نفسه.
فبالتنميةممكن ان يرقى الانسان بنفسه الى الفكر الخلاق والمبدع، والذي ممكن انيساهم في دفع عجلة التطور الى امام، وبالتنمية ايضاً تتهالك اسباب التخلفوالتقهقر ولا يصبح هناك أي مكان لها.
ان مشكلة الانسان الان انهفاقداً لمن يهتم بتنميته ويمده بكل مقومات نجاح التنمية، وذلك الامر منالخطورة بحيث ممكن ان يكون الانسان الذي بحاجة للتنمية وفاقداً لهامُعاقاً في فكره ومعيشته وإنتاجه الذي ينعكس سلباً ووبالاً على حياتهومجتمعه .