أســس المسؤولية الإدارية.
تقوم المرافق و الإدارات العامة (الأشخاص المعنوية العامة)
بأنشطتها بواسطة افراد (أشخاص طبيعية) عاملين و موظفين بها.
و قد يترتب عن أعمال و أنشطة الإدارة العامة أضرارا للغير فمن يتحمل مسؤولية التعويض و على أي أساس تقوم المسؤولية الإدارية؟
على أساس الخطأ أم على أساس المخاطر؟.
المطلب الأول : - مسؤوليـة الإدارة على أساس الخطأ.
لجبر الأضرار الناجمة عن أعمال الإدارة العامة يمكن تصور ثلاث حلول :
الحل الأول : الخطأ الشخصي (Faute personnelle)
عن إرتكاب أحد الأعوان العموميين خطأ شخصيا يضر بالغير فعليه تحملالمسؤولية عن جبر الضرر،تأسيسا على الخطأ الشخصي و على المضرور ملاحقته،أما القاضي المختص بالمواد للمطالبة بالتعويض أو أي عقوبة أخرى طبقالقواعد القانون المدني أو القانون الجنائي، فإن له أن يميزبين ثلاث صور منالخطأ.
أولا: الخطأ العمد.
و هو الخطأ الذي يقوم به العون العمومي أثناء قيامه بمهنته منتجا للضرر ومثال ذلك : قام أحد مرممي الطرق المكلف بالسهر على حالة الطرق بقطعالأشجار العائدة لأحد الجوار بسبب عداء شخصي
و دون أن تستدعي مصلحة المرفق ذلك.
ثانيا: الخطأ الجسيم غيرالعمد.
والخطأ الجسيم غير العمد من شأنه أن يؤدي مسؤولية العون الشخصية أمامالقاضي العادي، و يعرف هذا الخطأ على أنه غلطة فادحة مرتكبة من طرف العونو مستوحاة من مصلحة المرفق و ليس لها باعث شخصي، و مثاله أشعر محافظالشرطة بخطر و قوع جريمة قتل وإمتنع عن إتخاد التدابير اللازمة لتجنبحصولها، و يعد إرتكاب الجريمة خطأ جسيما غير عمد يؤدي مسؤولية محافظالشرطة مسؤولية شخصية.
6
ثالثا: الجرم الجنائي للعون العمومي.
قد يحدث أن العون العمومي خلال ممارسته لوظائفه يرتكب خطأ يشكل عادة جرماجنائيا تعاقب عليه المحاكم الرادعة حسب قواعد قانون العقوبات، و مثال ذلكرئيس البلدية المكلف بإجراء جمع الأموال، يلزم أحد المواطنين بدفع المالبتهديده بالموت بواسطة السلاح، فهنا يرتكب جرم يعاقب عليه قانون العقوباتو يتحمل جميع العواقب بما فيها التعويض، إلا أنه يمكن إشراك الإدارة بتحملالمسؤولية في الجرم الجنائي المتصل بممارسة الوظائف.
الحل الثاني : الخطأ المرفقي أو المصلحي.
و هو أن تتحمل الإدارة العامة المسؤولية تأسيسا على فكرة الخطأ المرفقي أوالمصلحيFaute de service) ) و قد يضهر لنا هذا الخطأ بأساليب متنوعة،فيمكن أن يكمن الخطأ المرفقي في التنظيم السيئ للمرفق العام مثلا القانونالبلدي ينص على إلزام البلديات بتنظيم مرفق مكافحة الحريق و عدم و جودهيلزم مسؤولية البلدية أو الدولة.
كما يمكن أن يكمن الخطأ المرفقي في التسيير السيئ للمرفق و الناتج عن عدمالكفاءة أو عدم التمكن للأعوان العموميين أو عدم تسيير المرفق أو الجمودالإداري. و حالات الخطأ المرفقي أو المصلحي لها صورا متنوعة
وهي :
تتوزع المسؤولية بين الموظف العام و الإدارة العامة.
قد يكون الضرر الواقع على الشخص مصدره أو سببه في صورتين : خطأ الإدارة وخطأ العون الشخصي، وبالتالي يكون الجمع بين خطأين لإرتباط الخطأ المرفقيباخطأ الشخصي كمصدر للضرر و مثال ذلك : دخل المدعي إلى مكتب البريد لقبضحوالة و عند خروجه لاحظ أن الباب المخصص لذلك مغلق، فلجأ إلى الخروج منالباب المخصص للموظفين فأمسك به من طرف المستخدمين الذين ألقوا به خارجابقسوة مسببين له كسورا. و بناءا على دعوى من المضرور، إرتأى القاضي بأنالحادث ناتج عن خطأ بين متميزين.
7
1 – خطأ مصلحي ناتج عن تسيير المرفق بشكل سيئ لغلق مكتب
البريد قبل الوقت المحدد و هذا هو مصدر الضرر.
2 – خطأ شخصي لأعوان البريد الذين عاملوا المضرور بقسوة عوض
دعوته إلى الخروج من المكتب بهدوء.
و عليه فإن إدارة البريد مدانة من جهة و الأعوان من جهة أخرى.
معايير التمييز بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي(المصلحي):
أولا :معيا ر النزوا ت الشخصية :
و مفاده أن الخطأ الشخصي يكشف عن العون و عن نيته في الأدى، و هو يبين أن نشاط العون يمليه هدف شخصي غير و ظيفي.
أما الخطأ المرفقي تسأل عنه الإدارة العامة و يرتكبه الموظف كإنسان معرض للخطأ و الصواب.
ثانيا : معيا رالغاية أو الهد ف :
و مؤداه أن الخطأ يعتبر شخصيا و يسأل عنه الموظف في حالة سعيه إلى تحقيق أغراض شخصية مالية إنتقامية ...إلخ.
ثالثا : معيار الإنفصال عن الوظيفة :
حيث يعتبر التصرف الصادر عن الموظف و المرتكب لضرر للغير خطأ شخصيا إذا ما أمكن فصله عن إلتزاماته و واجباته الوظيفية
و خارج مهامه.
* فإن المسؤولية الإدارية تقوم على تمييز واضح.
- إذا كان الخطأ مرفقي فالإدارة هي التي تتحمل المسؤولية و تجيب
على ذلك أمام القاضي المختص بالنظر في المواد الإدارية، إلا إذا وجد إستثناء تشريعي(إختصاص الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي
- الغرفة المحلية).
- إذا كان هناك خطأ شخصي فالعون العمومي يتحمل المسؤولية
و يجيب عن ذلك أمام القاضي المختص بالنظر في المواد العادية
(مدني أو جنائي).