من منا لم يتألم يوماً من تشنج العنق (الوتّاب بالعامية) الذي يؤدي الى وجع حاد لا يطاق، فالمصاب به يأخذ وضعاً معيناً لافتاً للأنظار، أذ يكون رأسه مائلاً أو معوجاً ولدى محاولته تحريك رقبته فالويل له، اذ أقل حركة فيها تثير لديه ألماً مبرحاً.
ويحدث تشنج العنق نتيجة تقلص عضلات أما أسبابه فكثيرة ومنها أنه يكون نتيجة وضعية سيئة للرقبة (خلال النوم مثلاً) أو عقب القيام بحركة مفاجئة غير عادية، أو أثر تلقي صدمة شديدة على العنق، أو بكل بساطة بعد التعرض لضربة برد على الرقبة، ومن باب العلم بالشيء فان الاختصاصيين بمشكلة تشنج الرقبة يقولون ان المصاب به غالباً ما يكون مسؤولاً عما يحصل له، ولكن يجب أن لا يغيب عن البال ان بعض الأشخاص يصابون أكثر من غيرهم بالتشنج وذلك يرجع الى طبيعة المهنة التي يمارسونها.
لكن ما العمل في حال الاصابة بتشنج الرقبة؟
سنحاول عبر السطور الآتية القاء نظرة عابرة على أهم ما يمكن أن يضع حداً لهذا العارض المزعج نوماً ما:
- الاستراحة المطلقة والابتعاد عن أي محاولة لفك التشنج عبر مناورات فوضوية وعشوائية فهذه لن تساهم في شيء سوى زيادة الطين بلة.
- وضع كمادة ثلجية، لدى الشعور بتصلب الرقبة: فإن تمسيد النقرة بواسطة كمادة ثلجية يعتبر علاجاً ممتازاً في هذه الحال، خصوصاً عندما يكون التشنج ناتجاً عن التعرض للرض، فالبرودة تسمح بتخفيف الورم الآتي منه (أي من الرض).
- إراحة الرقبة تماماً كما هي الحال في اراحة القدمين: ان فقرات الرقبة وعضلاتها تحمل القحف وما في داخله الذي يزن حوالى 3,5 كلغ. عند الجلوس لفترة طويلة فان هذا يشكل عبئاً ثقيلاً على الرقبة، لذلك ينصح بالمشي من وقت لآخر من أجل التخفيف من وطأة العبء الواقع عليها (أي الرقبة).
- تناول المسكنات: فهذه تعمل على تسكين الوجع وتأمين الاسترخاء خصوصاً اثناء النوم. أيضاً يمكن استعمال المراهم الموضعية فقد تفيد في الحد من الألم.
- أخذ حمام ساخن او تسليط حرارة مجفف الشعر، فهما قد يعطيان حلاً سريعاً لوجع الرقبة.
- الجلوس الجيد مع دعم الظهر: ان الرقبة تشكل جزءاً من العمود الفقري، الجلوس على الكرسي من دون سند الظهر، يشكل دعوة مفتوحة لاثارة ألم العنق.
- في حال العمل على الكومبيوتر لساعات طويلة يجب أن تكون شاشته في مستوى العينين. ان وضع الشاشة في مستوى أخفض من مستوى العينين أو أعلى منهما يؤدي الى خلق أوضاع سيئة لفقرات الرقبة قد ينتج عنها تشنجات مؤلمة في العنق.
- النوم على فراش جيد يؤمن الدعم المناسب لفقرات الظهر خصوصاً فقرات الرقبة. والنوم السليم يجب أن يكون على أحد الجانبين أو على الظهر، فالنوم على البطن سيء للغاية لأنه يزيد من حدة تقوس الرقبة الأمر الذي قد يؤدي الى اصابتها بالتشنج.
- النوم على وسادة مرتفعة تحفظ للرأس امتداده الطبيعي مع محور العمود الفقري، وعند النوم على الجانب يجب أن تملأ الوسادة الفراغ الموجود بين الرقبة وطرف الكتف. على أية حال يجب تحاشي النوم من دون وسادة لأن هذا يجعل فقرات الرقبة في وضع غير مريح اطلاقاً.
- عند التقاط شيء ما عن الأرض يجب ثني الركبتين قبل أخذه، فالتقاطه من دون ثني يلحق ضربة موجعة بالفقرات والعضلات الداعمة لها.
الاسترخاء ثم الاسترخاء: لتأمين ارتخاء عضلات الرقبة وأبعاد شبح التشنج عنها. ان التوتر يقود الى تقلص عضلات العنق من دون أن يشعر الانسان بذلك، وهذا ما يدفع الى حدوث التشنج عاجلاً أم آجلاً.
- تجنب التعرض للتيار البارد او للرطوبة فهما عدوان لدودان للرقبة بما فيها وما عليها.
هذه هي أهم النصائح لمواجهة مشكلة تشنج العنق، فإن أفادت كان خيراً، وان لم تقدم فائدة تذكر، أو في حال حدوث تشنج العنق بتكرار واستمرار، فلا بد عندها من استشارة الطبيب لاجراء فحوصات معمقة تسمح بإلقاء الضوء على السبب الكامن وراءه.
ان اعتلال مفاصل الرقبة (الارتروز) يشكل أحد أهم أسباب تشنج العنق المرضي، وتعتبر الوضعية الخاطئة في السرير اثناء النوم من الأسباب المشجعة لحدوثة خصوصاً عند استعمال وسادات عدة تجعل الرأس في وضع ملتو، وكذلك الأوضاع السيئة اثناء القراءة أو الكتابة أو مشاهدة التلفاز.
يتطور اعتلال مفاصل الرقبة بشكل بطيء وعلى مراحل تتخللها فترات من نوبات الآلام الشديد وتيبس الفقرة. ان اجراء صورة شعاعية لفقرات القربة تسمح بوضع التشخيص اذ يظهر في الصورة تضييق في المسافة الواقعة بين الفقرات اضافة الى وجود مناقيد (زوائد) عظمية تتوزع هنا وهناك على أطراف الفقرات.
__________________