كانت الساعة تشير إلى
الرابعة
مساء عندما انطلقت رحلة عشاق محاربي الصحراء من مطار هواري بومدين نحو
جنوب إفريقيا في الطائرة الجزائرية الخاصة التي تنقلت فيها عناصر المنتخب
الوطني إلى جنوب إفريقيا، حيث صنع أنصار الخضر أجواء رائعة ومميزة في مطار
الجزائر عند تنقلهم لبلد نيلسون مونديلا من أجل تشجيع التشكيلة الوطنية في
أول مونديال سيجرى في أراضي القارة السمراء، والذي تفصلنا عن انطلاقته
ساعات قليلة فقط، خاصة وأن الجميع ظهر متفائلا بظهور أشبال الناخب الوطني
رابح سعدان بوجه مشرف في ثالث مشاركة مونديالية في تاريخ الجزائر.
الجميع أخذ صور تذكارية أمام طائرة الخضر
وقد
كانت الأجواء في المطار رائعة جدا وحيوية من صنع عشاق محاربي الصحراء
الذين حضروا بأعداد غفيرة جدا، والأغرب أن الحضور لم يقتصر على الأنصار
المعنيين بالرحلة وإنما أيضا الفضوليين وعائلات المسافرين، الذين أبوا إلا
أن يفوتوا فرصة تضييع هذه الرحلة التاريخية التي قادت ما يفوق 250 مناصرا
جزائريا إلى بلد مونديلا من أجل تقديم السند المعنوي اللازم، لكن ما أعجب
به أنصار بلد المليون نصف الميلون شهيد هو الصبغة الجديدة للطائرة التي
أقلتهم إلى جنوب إفريقيا، والتي تحمل الألوان الوطنية والشعار المفضل
للأنصار، وهو "وان تو تري فيفا لالجيري"، وهو ما جعل العديد من المحبين
يتسابقون من أجل أخذ صور تذكارية بجانبها، خاصة وأن رفقاء عبد القادر غزال
تنقلوا في الطائرة نفسها.
جيار كان من بين المسافرين رفقة بعض الإعلاميين
وقد
كان من بين المسافرين في هذه الرحلة، وزير الشباب والرياضة، الهاشمي جيار،
الذي وفى بوعده عندما أكد سابقا أنه سيتنقل إلى جنوب إفريقيا من أجل تشجيع
الخضر مثلما فعل خلال المباراة الفاصلة أمام مصر في السودان عندما سجل
حضوره الشخصي هناك، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعطي حافزا معنويا إضافيا
لعناصر التشكيلة الوطنية من أجل التألق في هذه المنافسة العالمية، كما ضمت
الرحلة بعض الإعلاميين وعمال قطاع الشيبة والرياضة على مستوى الـ48 ولاية،
والذين أوكلت لهم مهمة الإعتناء بالبعثة الجزائرية طيلة فترة تواجدهم في
جنوب إفريقيا نظرا للمخاطر الكبيرة المرتقبة في هذا البلد فيما يخص الجانب
الأمني، وذلك تفاديا لحدوث أي طارئ أو مشاكل لأنصار المنتخب الوطني.
صنع الحدث بمصافحته كل الأنصار والحديث معهم
وقد
أكد وزير الشباب والرياضة، الهاشمي جيار، خلال هذه الرحلة خصاله العالية
والتواضع الشديد الذي يتحلى به في كل خرجاته حتى الرسمية منها، حيث صنع
الرجل الأول على هرم الرياضة الجزائرية الحدث طيلة الرحلة ولفت إليه
الأنظار في الطائرة، بعدما قام تقريبا بمصافحة كل الأنصار واحدا بواحد
وتحدث مع بعضهم حول ظروف الرحلة، كما قدم لهم بعض التوجيهات والنصائح التي
عليهم الإلتزام بها في جنوب إفريقيا حفاظا على سلامتهم وسمعتهم الطيبة،
وهو ما كان له الأثر الإيجابي على كل عشاق الخضراء المتواجدين على متن
الرحلة الذين أكدوا إعجابهم بتواضع وخصال وزير الشباب والرياضية الجزائري.
أغاني "الخضر" دارت حالة في الطائرة والأنصار متفائلون بالتأهل للدور الثاني
وقد
جرت هذه الرحلة في أحسن الظروف الممكنة وفي أجواء رائعة كان أبطالهم أنصار
منتخب بلد المليون ونصف المليون شهيد، حيث لم يتوقف أنصار الخضر من ترديد
العبارات والأغاني المعروفة والممجدة للجزائر وتشكيلة قاهري الفراعنة، حيث
كانت بداية الرحلة ممتعة جدا وزادها روعة تفاعل الجماهير مع إقلاع الطائرة
وصعودها، كما أن الشيء الجميل هو التفاؤل الكبير الذي ميز كل الأنصار
الذين ظهروا واثقين بقدرة أشبال الناخب الوطني رابح سعدان على تحقيق
مشاركة مونديالية مشرفة والتأهل إلى الدور الثاني رغم المجموعة الصعبة
التي وقعوا فيها، ولو أن كل الجماهير المتنقلة في الطائرة علقت الأمل على
مباراة سلوفينيا التي تعتبر مفتاح التألق ولا بديل عن الفوز فيها بالنسبة
للخضر.
تحدثوا عن خيارات سعدان وكل واحد منهم له تشكيلته المثالية
ومع
مرور الوقت، توقف كل الأنصار البالغ عددهم 250 عن ترديد الأغاني والعبارات
الممجدة لتاريخ الجزائر، وتحولوا للحديث عن خيارات الناخب الوطني رابح
سعدان واعتماده على بعض اللاعبين دون الآخرين، حيث كان النقاش بين الأنصار
المتواجدين في الطائرة بناء وظهر كل واحد منهم مقتنعا بوجهة نظره ورؤيته
للتشكيلة الأساسية المثالية للجزائر في المونديال، فهناك من اعتبر
الإعتماد على صايفي منصوري وغزال غير صائب وسيقود الخضر للعودة
بـ"تبهديلة" كبيرة من جنوب إفريقيا، وهناك من أيد الإعتماد على أصحاب
الخبرة والإبقاء على ركائز التشكيلة، وهو ما جعل النقاش يطول بين
المناصرين الذي كان كل واحد منهم يقيم خيارات سعدان حسب وجهته.
بودبوز الإكتشاف... جبور وغزال نقطة الإستفهام عندهم
ولم
تخلو أحاديث الأنصار في الطائرة طيلة الرحلة التي دامت تسع ساعات كاملة،
عن عناصر التشكيلة الوطنية واحدا بواحد، غير أن اللاعب الذي أخذ حصة الأسد
من اهتمام الجمهور ومديحهم، هو الوافد الجديد ولاعب سوشو رياض بودبوز،
الذي أكد الجميع أنه اكتشاف الخضر والجمهور الجزائري في المباريات الودية،
بالنظر على الإمكانات الكبيرة التي أظهرها، والتي جعلت الجميع يؤكد أنه
يستحق مكانة أساسية في المونديال، غير أن نقطة الإستفهام عند أنصار الخضر
المتنقلين إلى جنوب إفريقيا كان اعتماد سعدان على جبور وغزال، اللذين لم
يظهرا الشيء الكثير في الهجوم خاصة لاعب سيينا الذي لم يعد قادرا عن هز
شباك الخصوم.
الجنس اللطيف كان حاضرا بقوة في الرحلة
ولعل
الصورة الجميلة التي شدت انتباهنا طيلة الرحلة، هي التواجد القوي للجنس
اللطيف وبنات الجزائر في الطائرة، اللواتي قدمنا لمناصرة المنتخب الوطني
في أول مشاركة له في المونديال بعد أكثر من 24 سنة، خاصة وأنها تزامنت مع
أول دورة في القارة السمراء، وهو ما أضفى على السفرية أجواء رائعة بتقاليد
جزائرية محضة، من خلال الزغاريت التي كانت تدوي أرجاء الطائرة في كل مرة،
الأمر الذي يؤكد بأن أشبال المدرب سعدان يملكون جمهورا خاصا ونادرا
ورائهم، وعمل المستحيل من أجل الوصول إلى المدرجات ومناصرتهم في مباريات
المونديال، بما في ذلك الفتيات اللواتي كسرن كل الحواجز في سبيل إعلاء صوت
الجزائر.
الإرهاق لعب دوره والجميع استسلم للنوم بعد 4 ساعات
وبما
أن الرحلة كانت طويلة جدا وشاقة من الجزائر إلى العاصمة جنوب الإفريقية،
فإنه لم يكن من الممكن أن يحافظ كل الأنصار المتواجدين في الطائرة على
حيويتهم وحماسهم، بالنظر إلى الإرهاق الكبير الذي أصابهم منذ لحظة حلولهم
بمطار هواري بومدين، مرورا بكل الإجراءات الإدارية حتى امتطائهم الطائرة،
وهو ما جعل الجميع يستسلم للنوم بعد مرور أربع ساعات، حيث خيم الصمت أركان
الطائرة في صورة أعطت الإنطباع بأن كل الأنصار تعبوا جدا وأرادوا استرجاع
قواهم قبل الوصول إلى جنوب إفريقيا.
الوصول كان على سا 2:15 والجميع تفاجأ ببرودة الطقس
وبعد
رحلة شاقة ومتعبة، حطت الطائرة الخاصة بأنصار المنتخب الوطني الرحال بمطار
العاصمة جنوب الإفريقية جوهانسبورغ وسط أجواء رائعة وتصفيقات حارة من
الجماهير على كل أعضاء الطائرة وقائدها، حيث كانت الساعة تشير إلى الثانية
والنصف صباحا بالتوقيت المحلي عندما طالب قائد الطائرة عبر مكبر الصوت
جميع المسافرين الإلتزام بمقاعدهم وربط أحزمتهم من أجل الهبوط، وهو ما
أسعد الكل وأراحهم نظرا للشوق الكبير الذي كان يحذوهم من أجل الوصول، خاصة
وأن الرحلة دامت أكثر من تسع ساعات كاملة قضوها في سماء القارة السمراء،
غير أن أنصار الخضر تفاجأوا مباشرة بعد فتح باب الطائرة ونزولهم، لبرودة
الطقس ودرجة الحرارة المنخفضة التي ميزت جوهانسبورغ أمس، خاصة وأن معظمهم
كان يرتدي ملابس صيفية ولم يكن ينتظر ذلك.
"وان تو تري فيفا لالجيري" دوت المطار والأمريكيين ما "فهموا والو"
ورغم
برودة الطقس الشديدة التي أثرت على الجميع لحظة نزولهم من الطائرة، إلا أن
أنصار الخضر صنعوا الحدث في مطار جوهانسبوع الدولي، حيث كسروا حاجز الصمت
الذي كان يخيم عليه وأضفوا عليه أجواء مميزة وحيوية بلمسة جزائرية، فبمجرد
فتح باب المطار أمامهم حتى أخذ الجميع في ترديد عبارات"وان تو ثري فيفا
لالجيري" التي تعالت في بهو المطار ولفتت أنظار جميع المتواجدين به، الذين
أبدوا اهتمامهم بوصول بعثة أنصار المنتخب الجزائري، ومن الصدف الجميلة
للرياضة الأكثر شعبية في العالم، أن حلول طائرة الجزائر تزامن مع وجود بعض
أنصار المنتخب الأمريكي الذين كانوا يرتدون قميص منتخب بلادهم، وهي الفرصة
التي اغتنمها بعض عشاق المحاربين الذين اقتربوا منهم وهم يرددون العبارة
الشهيرة "وان تو ثري فيفا لالجيري" تعبيرا عن حبهم الشديد للمحاربين
ووفائهم لمنتخب بلدهم، وهي الهتافات التي أرعبت الأمريكان الذين لم يجدوا
أفضل من الإنسحاب من المطار بسرعة.
"فلسطين الشهداء" حاضرة وبوتفليقة على كل لسان
مرة
أخرى، أثبت أبناء الشعب الجزائري ممثلين في بعثة أنصار الخضر المتنقلة إلى
جنوب إفريقيا، وفائهم الكبير لفلسطين وتضامنهم اللامشروط مع شعب هذا البلد
الذي ذهب ضحية البطش الصهيوني، حيث هتف الجزائريون كثيرا بحياة فلسطين
مرددين عبارات "فلسطين الشهداء" حاملين على أكتافهم رايات الإخوان في غزة،
التي قطعت معهم ألاف الكيلومترات، وهو ما يؤكد موقف الجزائريين من هذه
القضية وتضامنهم الكبير مع الإخوة في غزة، الذين سيكونون ممثلين في العرس
الكروي العالمي من قبل أبناء بلد المليون نصف المليون شهيد، كما أن الأمر
الملفت هو التواجد الروحي للرجل الأول في البلاد عبد العزيز بوتفليقة رغم
غيابه شخصيا، حيث لم ينسى الجزائريون وقفة بوتفليقة معهم خلال ملحمة أم
درمان ومساهمته الفعالة في وصول الخضر لجنوب إفريقيا وتأهلهم للمونديال،
وهو ما جعل الجميع يعبرون عن شكرهم الجزيل له بعد كل ما قدمه لقطاع
الرياضة الجزائرية منذ توليه الحكم سنة 1999 ويهتفون باسمه مطولا.
4 حافلات لنقل الأنصار إلى بريتوريا والبعض تدمر من ظروف الإقامة
وبعد
الخروج من المطار والإنتهاء من القيام بكل الإجراءات الإدارية الروتينية،
وجد كل بعثة أنصار المنتخب الوطني أربع حافلات ضخمة في انتظارهم عند بوابة
المطار، حيث قامت بنقلهم إلى مقر إقامتهم في بريتوريا، التي وصلوا إليها
في حدود السادسة صباحا، وهو ما جعل الكثير منهم يستسلمون مباشرة للنوم بعد
الإرهاق الذي أصابهم من هذه الرحلة الشاقة والمتعبة التي امتدت ساعات
وساعات طويلة منذ وصولهم إلى مطار هواري بومدين في الجزائر، لكن تبقى
النقطة التي تجرد الإشارة إليها ووقوفنا عليها من خلال تواجدنا مع الأنصار
طيلة الرحلة ولحظة وصولهم النهائي، هو أن العديد منهم أبدى تذمره من ظروف
الإقامة التي وجودها في بريبوريا، حيث أبدى العديد منهم لـ"الشباك" عن
استيائهم من هذه النقطة وأكدوا أن ما وجدوه من ظروف لم ترقى إلى تطلعاتهم،
باعتبار أنهم كانوا ينتظرون ظروفا أحسن في هذا البلد الذي سيستضيف أول عرس
كروي عالمي في تاريخ القارة السمراء.