عدو........الى الأبد
عاموس هرئيل« محلل وخبير صهيوني يعتد به في مجال الشؤون العسكرية والخطط
الحربية، وله مقال دائم في صحيفة »هآرتس«، وهو واحد من الفريق الصهيوني
الذي رسم خطة الحرب القادمة
وفيما يخص الجزائر تحدث » هرئيل« قائلا: »يأتي الحديث عن أهم وأخطر دولة
في الشمال الإفريقي وهي الجزائر، وعندما نتحدث عن هذا البلد علينا أن
نتوقف كثيرا أمام دروس تاريخية تسبب تجاهلها في الماضي إلى تكبدنا خسائر
فادحة«، ويضيف »هرئيل«: »من الخطأ الفادح ارتكان إسرائيل وراء البعد
الجغرافي الذي يفصلها عن الجزائر، ومن العبث تجاهل هذا البلد غير المروّض
باعتبار أنه ليس على خط المواجهة المباشرة«، وتحت عنوان »عدو للأبد«، في
إشارة للشعب الجزائري، أسهب »هارئيل« بالقول: »الجزائريون
من أكثر الشعوب العربية كرها لدولة إسرائيل، وهم لديهم الاستعداد للتحالف
مع الشيطان في وجهنا، إنها كراهية عجزنا عن إزالتها طيلة العقود الماضية،
كما أننا فشلنا في القضاء على هؤلاء الأعداء الذين لم ندخر جهدا من أجل
دحرهم أو القضاء عليهم «.
الخبير الصهيوني حاول على طريقته تفسير هذه الكراهية، ولأنه صهيوني ملحد
فهو لم يدخر جهدا في الإساءة للإسلام والمسلمين، فخلص بالقول: »لطالما
عجزت إسرائيل عن فهم سبب كراهية الجزائريين لنا، إلا أنني تمكنت عبر سنين
من الدراسة والتحليل من فك طلاسم هذا اللغز المحيّر، والذي
يتلخص في التركيبة النفسية والعقائدية التي تهيمن على هذا الشعب، الذي
يسيطر عليه التطرف الديني إلى أبعد حد، فهم من أشد الشعوب الإسلامية
اتباعا لتعاليم القرآن وأقاويل محمد والتي في مجملها تغذي التطرف
والكراهية في النفوس تجاه اليهود، وفي الوقت الذي نجحت فيه إسرائيل في
القضاء على هذه المعتقدات الدموية عند كثير من الشعوب الإسلامية، إلا أننا
عجزنا حتى الساعة من اختراق النسيج الجزائري، والجزائريون يبدون من منظرهم
الخارجي أكثر اعتدالا وحبّا لنا ولنموذجنا العالمي في الحرية والتفتح على
الآخر، إلا أن حقيقتهم غير ذلك تماما، فهم يخفون وراء ملابسهم رجال دين
أشد تديّنا من حاخامات إسرائيل، أو كما يسمونهم في عقيدتهم شيوخا«، ويختتم
»هارئيل « هذه الفقرة بالقول: »لقد انتصرنا على الإسلام في كل مكان، لكن الإسلام هزم إسرائيل في الجزائر «.
وفي فقرة مضحكة من تقرير »عاموس هارئيل« جاء فيها على لسان هذا الأخير
قوله: »من خلال التجارب السابقة اتضح لي ولكثير من الساسة والخبراء
الإسرائيليين أن الجزائريون متوحشون ودمويون فيما يتعلق بنظرتهم لنا،
وتتغذى هذه الدموية باستمرار من السياسات العدوانية تجاهنا من قبل
الحكومات الجزائرية المتتابعة، وهي السياسات التي جعلتنا نفشل في إيجاد
منفذ نتحرك من خلاله بحرية بين الجزائريين.
وفي السياق ذاته، يكشف الخبير الصهيوني بشكل مباشر عن تورط الموساد في الجرائم الإرهابية التي عصفت بالجزائر في العشرية السوداء بالقول:
»لقد حاولنا تحويل هذه الدموية بشكل ذكي لتحرق الجزائريين أنفسهم، ففجّرنا
الحرب الأهلية بين صفوفهم، لكنها اندلعت وانتهت دون أن تحقق أي مكاسب
لإسرائيل، ولم نجنِ من هذه الحرب التي كلفتنا الكثير سوى إبعاد الجزائر
لفترة زمنية قصيرة عن صراعنا مع العرب، بل إن الجزائر خرجت أكثر قوة من
هذه الحرب، واستفادت الكثير من الخبرات التي حرمتنا من استخدام نفس السلاح
مستقبلا، خاصة وأن الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الحكومات الإسرائيلية
السابقة في هذا الشأن مكنت الجزائر من اكتشاف دورنا في تلك الحرب. وعلى
عكس نجاح برامجنا في العراق ولبنان وفلسطين بسبب الاحترافية والذكاء
المفرط للموساد في إخفاء أثارنا، إلا أن يد
إسرائيل كانت مكشوفة بالجزائر في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما يعني تحيط
الجزائريين من أي برامج إسرائيلية مستقبلية في هذا البلد المعادي «.
ويواصل » هارئيل« كلامه عن الجزائر بالقول: »إنني عندما أخص الجزائر بكل
تلك المساحة، وعندما أستفيض في هذه المقدمة أحثّ الساسة الإسرائيليين على
تغيير سياساتهم الخاطئة في هذا البلد قبل فوات الأوان، هذا إن لم يكن قد
فات بالفعل. فعلى عكس إنجازاتنا المثمرة في ليبيا وتونس والمغرب
وموريتانيا وإفريقيا عموما، تظل السياسات الإسرائيلية متخبّطة وغير فعالة
في هذا البلد الذي تكشف التقارير مدى خطورته على أمن ومستقبل إسرائيل«.
ويكشف المحلل الصهيوني معلومات أخرى أشد خطورة حين يقول: »من الأخطاء
الفادحة التي ارتكبها الموساد إضاعة الوقت في استخدام سلاح الدين مرة
ثانية وثالثة في الجزائر، فعندما راهن الوزير يتسحاك كوهين على نظرية المد
الإسلامي الذي يعرف بالسلفي، في هذا البلد تناسى أن الجزائر يختلف كليّا
عن العراق ولبنان، فهذه الخطة التي أقررناها منذ منتصف التسعينيات
والقاضية بنشر فكر معتدل يخدم مصالحنا ويطفئ كراهية المسلمين لنا ويمهد
لإشعال نار حروب طائفية جديدة بين المسلمين أنفسهم، كان من الخطأ الفادح
اعتبار الجزائر قاعدة لها أو نقطة انطلاق لبقية مناطق الشمال الإفريقي،
فقد تلقينا الهزيمة من جديد أيضا في الجزائر، وفي هذا السياق لا ألوم
حلفاءنا العرب ورجال الدين المعتدلين الذين بذلوا جهودا كبيرة من أجل
إيصال رسالتنا للشباب الجزائري، ولكن ما هي النتيجة؟ للأسف يزعجني أن أقول:
فبعد هذه السنوات الكثيرة لم تصل الرسالة إلا لعدد محدود جدا، وبقيت
الكراهية والخطورة على حالها، ولو نزل أي عميل لنا على الأراضي الجزائرية
سيجد أن الأعداء أكبر بكثير من الأصدقاء «
يقول »هارئيل« بعد هذه المقدمة أخلص بالقول، إن استهداف الجزائر من خلال
الحروب الباطنية لم يجدِ نفعا، وأن هذا البلد قد نجد أنفسنا يوما في
مواجهة مباشرة معه، بل إنني أجزم بأن ضربة غير متوقعة ستوجه لنا من جديد
من هناك، لكن هذه الضربة ستكون أشد قسوة من ضربة حرب الغفران. وغني عن
البيان التذكير بالهزيمة التي لاقيناها في سيناء عام 1973 ورغم مرارة هذه
الهزيمة وخطورة الدور الذي لعبه هذا البلد والذي أدى في النهاية إلى
انكسارنا للمرة الأولى في تاريخنا، فإن دور أشد قسوة قد تشهده الأيام
المقبلة؛ دور أخشى أن أتوقع فيه مشاركة الجيش الجزائري في الحرب بشكل
مباشر في صف أعدائنا، خاصة وأن العلاقات التي تربط الجزائر بسوريا وإيران
والتي تتنامى بشكل تصاعدي ترجح ميل هذا الثلاثي لتشكيل حلف يقلب موازين
اللعبة، فعبثا المراهنة على تحييد الجزائر عن الحرب، في ظل الظروف التي
شرحتها سلفا، تخلق رغبة دفينة لدى الجزائريين تدفعهم لمحاربتنا، خاصة
وأنهم دائما يتلهفون للحصول على فرصة مجابهتنا بشكل مباشر منذ حرب 73 ،
وعبثا تضييع الوقت مرة أخرى باتباع سياسة التخويف والترهيب فهي لن تحقق
شيئا مع أناس دهاة يصعب خداعهم ويستحيل تضليلهم أو إثناءهم عن عقائدهم «.