المقدمة
الإدارة نشاط إنساني يشمل كافة مجالات الحياة،بغية الوصول إلى تحقيق
نتائج أفضل من خلال تفاعل الموارد المادية والبشرية،وقد اهتم الإنسان
بالتفكير والتنظير للعمل الإداري،ووضع قواعد لهذا العلم،فتكون بذلك تراث
إداري ضخم،يمكن إنسان اليوم من استثمار هذا التراث لصالح تنمية وتطوير
العمل الإداري في كافة مناشط الحياة ليعود عليه بالنتائج الأفضل ويقلل من
الخسائر والهدر العام للطاقات البشرية والمادية.
ومع أن النشاط الإداري قديم قدم الإنسان،إذ كان يحتاجه في عمله السياسي
والاقتصادي والعسكري بشكل خاص،إلا أن التنظير الإداري المنظم على ما يبدو
من الدراسات الإدارية لم يتبلور إلا في بدايات القرن الماضي،مثله مثل علوم
أخرى،كعلم النفس والاجتماع الذين كانا ينضويان في الدراسة والتقعيد تحت
الفلسفة،وحين تجمعت عناصر كل علم وتراكمت الحقائق العلمية فيه شكل مجالا
مستقلا،ثم تفرع عن كل علم مجموعة من الفروع.
لذلك يذهب المفكرون الإداريون إلى أن المدخل الذي كانا معتمدا في الإدارة
قبل عام 1900م،كان يعتمد على التجربة والخطأ،وهو مدخل يعتمد بالدرجة
الأولى على الخبرة الشخصية في المجال الإداري وما يتميز به الشخص من سمات
ومؤهلات تجعل أداءه الإداري صائبا أو خاطئا،ولاشك أن هذا المدخل يجعل من
العمل الإداري غير منظم،وغير قابل للمراقبة والتقييم والتقويم.فالخبرة
الشخصية جيدة لكنها غير كافية لجعل العمل الإداري محركا للتطوير والتنمية
الشاملة.
لعل هذا المدخل وعدم وجود تنظيم للفكر الإداري هو ما دفع تايلور ومجموعة
من زملائه في أمريكا لوضع قواعد ومبادئ وأسس علمية لما أسموه بالإدارة
العلمية،في الفترة (1900_1930).وقد طالبوا المؤسسات في الولايات المتحدة
الأمريكية بالتزامها،من أجل زيادة الإنتاج والإنتاجية،ثم انتقل هذا المدخل
الإداري من الولايات المتحدة إلى فرنسا وغيرها من الدول،وقد لوحظ بالفعل
زيادة الإنتاج والإنتاجية.
غير أن التركيز على الإنتاج والإنتاجية، على حساب العنصر البشري في العمل
أثار موجة من الاستياء لهذا المدخل، وقد وصف بأنه مدخل لا علمي ولا
إداري،وهكذا تبلور مدخل إداري آخر على يد مجموعة من علماء النفس والإدارة
والتربية،أسموه بالمدخل الإنساني،وقد قام علماء هذا المدخل بعمل دراسة
تطبيقية على أعداد كبيرة من العمال ولمدة ست سنوات،عبر إقامة عنابر جديدة
للعمل وبمواصفات تناسب العامل،وفي ظروف أكثر ملائمة من الماضي آخذين بعين
الاعتبار الإنتاج والإنتاجية بشكل متواز مع تحقيق الرضا النسبي للعامل.
وجاءت النتائج مرضية مع بداية تطبيق الشروط الجديدة في العمل.
لكن بعد فترة من الزمن وفي حدود 1950م بدأت الإنتاجية تتراجع، مما كشف عن
عيوب في هذا المدخل في المعالجات الإدارية، الأمر الذي دفع الإداريين لوضع
مدخل جديد للإدارة وتبنى نظرية أسموها بالنظرية الإدارية المتكاملة.
ثم برز مع العام 1960م،مدخل جديد يدعو إلى إدخال الأساليب الرياضية
والكمية في العملية الإدارية لتعطي رؤية مستقبلية،ويعتبر هذا المدخل
المسمى بالمدخل الكمي في الإدارة من أهم المداخل الحديثة في الإدارة،وهو
يعتمد على استخدام علوم الإحصاء والرياضيات وبحوث العمليات في اتخاذ كافة
القرارات الإدارية،وقد نمى هذا المدخل بفضل ظهور الحاسبات الآلية
واستخداماتها في الإدارة،ثم جاءت شبكة الانترنت لتدعم هذا المدخل بشكل
كبير،إذ أن توفر المعلومات على هذه الشبكة يوفر دقة اكبر في عملية التخطيط
الإداري.
بالتزامن مع الاستفادة من المدخل الكمي في العلمية الإدارية برز مدخل آخر
لا يقل أهمية عنه،ويؤثر بشكل كبير في اتخاذ القرارات الإدارية،وهو المدخل
السلوكي،الذي برز مع التطور الهائل الذي حدث في العلوم النفسية
والاجتماعية،وقد بدا الالتفات إلى هذا المدخل في العام 1965م،بغية فهم
أعمق لسلوك البشر المتصل بالعملية الإدارية،إذ أن التحدي الأكبر الذي
يواجه إدارة المشروعات هو الحصول على التعاون الفعال للعاملين في
المشروع،ولا يتأتى ذلك إلا بفهم سلوك العاملين وتحليله تحليلا علميا
موضوعيا.
بدأ تدريس المدخل السلوكي في العام 1970م، وقد توزع على ثلاثة علوم تكشف
عن سلوك البشر في المواقف المختلفة وهي علم النفس وعلم الاجتماع وعلم
الإنسان.
يسعى علم النفس Psychology إلى فهم سلوك الكائنات الحية والظروف التي تسبق
أو تصاحب ذلك السلوك مما يساعد على فهمه وزيادة التنبؤ به والتحكم به سواء
كان ذلك السلوك ظاهريا ومباشرا أو غير مباشر.فهو يهتم بتحليل الدوافع
الإنسانية وانعكاساتها السلوكية، ويجدر القول أن الكثير من المفاهيم في
السلوك التنظيمي هي بالأساس مفاهيم في علم النفس مطبقة على الإنسان كعامل
أو موظف، وكيف يتصرف وكيف يمكن تنميط هذا الإنسان بشكل يخدم أهداف التنظيم
وأهداف الفرد معا.
وعلم الاجتماع Sociology يهتم بدراسة المجتمع والنظم الاجتماعية والجماعات
الصغيرة، حيث تتم دراسة أنماط التفاعل الاجتماعي وتحليل المواقف المختلفة
التي تصاحبها، وتتضح علاقة ذلك بالسلوك الفردي من حيث أن الفرد يلعب أحد
دورين وهما دور القوة المؤثرة التي تحاول السيطرة على سلوك الآخرين أو دور
الاستجابة وهو الالتزام بتأثير الآخرين.ويتفرع عن علم الاجتماع حقول فرعية
أكثر تخصصا مثل علم النفس الصناعي،وعلم النفس الإداري وعلم النفس
الاجتماعي.
وعلم الإنثروبولوجيا Anthropologyيهتم بدراسة الأنماط السلوكية التي تسود
في المجتمعات البشرية المختلفة وتحديد المظاهر الحضارية التي تميزها،
وتتفرع الدراسات في هذا المجال إلى الانثروبولوجيا الطبيعية التي تهتم
بدراسة الصفات الجسمية للإنسان والاثروبولوجيا الثقافية التي تهتم بدراسة
العلاقات والميول والتقاليد وأساليب المعيشة والتكيف للإنسان سواء من
الجوانب المادية كنمط المباني واللباس والمعدات المستعملة والجوانب
المعنوية مثل اللغة والعلاقات الاجتماعية السائدة وما يتصل بهما.
نظرية المدخل السلوكي
قامت نظرية المدخل الإنساني المشار إليه في المقدمة، على أن الإنسان
مخلوق اجتماعي، يسعى إلى علاقات أفضل مع الآخرين،وان أفضل سمة إنسانية
جماعية هي التعاون وليس التنافس،وبناء عليه انعكس ذلك على كيفية تفسير
السلوك الإنساني والتنبؤ به والتحكم فيه.
وبناء على هذا الأساس تم تصور مجموعة من المبادئ النظرية التي يتأثر بها
العمل الإداري،وعليه أن يأخذها في الحسبان،منها أن الناس في سلوكهم داخل
العمل يتأثرون باحتياجاتهم الاجتماعية،و يشعرون بأهميتهم من خلال العلاقة
بالآخرين،والعمل قد يكون غير مرض لهم إذا اعتمد التخصص والتقسيم والاتجاه
إلى الآلية والروتينية،وهم يتأثرون بعلاقتهم الاجتماعية وزملائهم في العمل
أكثر من تأثرهم بنظم الرقابة الإدارية والحوافز المادية.
ونتيجة للعيوب التي ظهرت على هذه النظرية، حاول بعض العلماء تطويرها
بالشكل الذي يسمح باستخدام كل الجوانب السلوكية للناس لإعطاء تفسيرات أكثر
دقة للأداء الناجح في الأعمال.
لقد سلطت نظرية المدخل السلوكي الضوء على الجوانب الإيجابية والسلبية لكل
من سلوك الأفراد وسلوك الإدارة،حتى يمكنها استخدام كل الطاقات السلوكية
للناس في أعمالهم،ومن رواد هذه الفكرة كريس إرجيرس،ودوجلاس
ماكجريور،ورنسيس ليكرت،وإبراهام ماسلو،وفردريك هرزبرج،والعديد من علماء
السلوك وعلماء الإدارة المعاصرين.
وهنا تلخيص لأهم الآراء والمبادئ النظرية للمدخل السلوكي:
1/يختلف الناس في حاجاتهم،فالبعض منهم تسيطر عليه الحاجات المادية،والبعض
الأخر تسيطر عليه الحاجة للتقدير أو تحقيق الذات،وقيام المنظمة بمساعدة
الأفراد في إشباع حاجاتهم يساعد في إبراز طاقاتهم وإمكانياتهم إلى ابعد حد.
2/يسعى الأفراد لأن يكونوا منضبطين في العمل،ولكن الرقابة المباشرة،التي
قد تفرضها الإدارة تؤذي هذا الشعور.وعليه فان إثارة حس المسئولية والرقابة
غير المباشرة،تأتي بنتائج أفضل في مجال الانضباط من المراقبة المباشرة.
3/يسعى الأفراد لأن يكونوا ناضجين وناجحين في العمل، طالما كان العمل مصمما على هذا الأساس.
4/لدى الناس قدر من الحماس والدافعية الداخلية للعمل والأداء
المتميز،ويمكن للمنظمات الاستفادة من هذه الدافعية،عبر توفير الشروط
الإدارية المحفزة.
5/هناك عناصر أخرى تؤثر في سلوك الفرد في عمله،ومن أهمها طريقة
الفهم،وأسلوب اكتساب السلوك،والاتجاهات النفسية،والقدرات وغيرها،وعلى
الإدارة أن تأخذ هذه العناصر بعين الاعتبار.
6/يسعى الفرد لتحقيق تقابل وتماثل بين أهدافه وبين أهداف المنظمة التي يعمل بها.
7/يختلف سلوك الأفراد حسب الموقف الذي يتعرضون له، وكذلك يختلف نمط تصرف الإدارة مع الأفراد حسب الظروف.
8/يختلف السلوك الفردي والإداري من دولة أو من حضارة إلى أخرى، ولابد من
اخذ ذلك بعين الاعتبار لمن يدير أعمالا في بيئات حضارية متباينة.
عناصر المدخل السلوكي
كما سبق القول أن المدخل السلوكي في الإدارة،يهتم بدراسة ثلاثة
علوم،وهي علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإنثروبولوجيا،وذلك بهدف فهم
السلوك الفري في حالته المستقلة والسلوك الفردي في حالة تفاعله مع
الآخرين،وهذا يتطلب الدراسة المستقلة لكل موضوع له تأثير على السلوك،وتقسم
بعض الدراسات السلوك الذي يدرسه المدخل السلوكي في الإدارة،إلى عناصر
السلوك الفردي،وعناصر السلوك الجماعي،إذ أن عناصر السلوك الفردي،هي تلك
المتغيرات أو العناصر التي تؤثر بالدرجة الأولى على السلوك الفردي
للناس،والتي يجب دراستها لفهم السلوك،والتنبؤ به،وتوجيهه،وهي كما يلي:
1/الإدراك:وهو يتناول كيف يرى الفرد الناس من
حوله وكيف يفسر ويفهم المواقف والأحداث من حوله،وكيف يؤثر هذا الإدراك على
حكمه على الآخرين وعلى تصرفاته واتخاذه للقرارات.
وقد عرف الإدراك بالعملية التي يتمكن بها الإنسان من أن يتفهم مشاعره عن
العالم المحيط به،وهو يتأثر بخبرات الإنسان وقدراته الوراثية ودوافعه
ورغباته.
2/التعلم:وهو موضوع يفيد العملية الإدارية في
فهم كيف يكتسب العاملون سلوكهم، وكيف يمكن تقوية أو إضعاف أنماطا معينة من
السلوك، وقد عرف التعلم بأنه التغير في السلوك الناتج عن الخبرة السابقة
وهو يتأثر بالمكافأة أو تجنب العقاب.
3/الدوافع:إن دراسة الدوافع تقدم خدمة كبيرة
للعملية الإدارية،إذ تفيد في فهم العناصر التي تؤثر في رفع حماس ودافعية
العاملين،وفي التسلح ببعض الأدوات والمهارات التي يمكن من خلالها حث
العاملين ورفع حماسهم في أعمالهم،وقد عرفت الدافعية،بالمنشط والموجه
للسلوك وهي تشكل النشاط الإنساني في صورة نشاط هادف،كما أنها قسمت إلى
ثلاثة أنواع،أساسية،ونفسية ،واجتماعية.
4/الشخصية:وهي مجموعة الخصائص والسمات الشخصية
التي تحدد الفروق المختلفة من السلوك بين الأفراد وهي تتأثر بالوراثة،
والعضوية في الجماعة، والبيئة المحيطة.
ودراسة الشخصية تساعد المدير على فهم مكونات وخصائص الشخصية،وتأثيرها على
سلوك الأفراد داخل أعمالهم،وهو فهم ضروري لتمكين المدير من توجيه
المرؤوسين للأداء السليم.
5/تكوين الاتجاهات:وهي عبارة عن دراسة استجابة
الإنسان تجاه شيء معين فالعامل يتكون لديه اتجاه نحو رئيسه أو أجره أو
مرؤوسيه وزملائه،وهذه الاتجاهات تتأثر بطريقة تفكير الشخص وخبراته.
ودراسة الاتجاهات يفيد في العملية الإدارية في معرفة آراء ومشاعر وميول
الناس للتصرف في مواقف معينة، وكيف يمكن التأثير عليها لصالح العمل.
كما يدرس المدخل السلوكي في الإدارة، عناصر السلوك الجماعي، وهي تلك
المتغيرات أو العناصر المؤثرة في والمكونة للسلوك الجماعي، أو الجماعات،
وهي لازمة لفهم هذا السلوك والتنبؤ به وتوجيهه وهذه العناصر تندرج في
المواضيع التالية:
1/
الجماعات:وفيها
يتم التعرف على تكوين الجماعات، وظواهر التماسك الجماعي وعلاقاتها بسلوك
العمل، كما يتناول ظاهرة اتخاذ القرارات داخل جماعات العمل.وهنالك دراسات
خاصة في علم النفس،تهتم بدراسة الجماعة في حالة العمل الجمعي،أطلق عليها
علم نفس المؤسسات.
2/
القيادة:ويفيد هذا
الموضوع في التعرف على كيفية اكتساب التصرفات والأنماط القيادية المؤثرة
على سلوك الآخرين، والظروف المحددة للتصرفات والأنماط القيادية المناسبة.
3/الاتصال:وهذا الموضوع مهم لفهم كيفية الاتصال داخل العمل، وهو ضروري
للمدير والعامل على حد سواء، ومن المهم جعله بدون معوقات، ومن الضروري
معرفة كيفية رفع مهارات الاتصال بالطرق المختلفة مثل الاستماع، والمقابلات
الشخصية، والاجتماعات.
ولفهم أعمق لكل موضوع من عناصر المدخل السلوكي في الإدارة، نأتي على
التفصيل المقبول الذي تتحمله مثل هذه الدراسة بالنسبة لكل عنصر منها.
الإدراك Perception
يتوقف سلوك الناس عادة على كيفية إدراكهم وتفسيرهم للأمور من حولهم،
بغض النظر عن كون هذا الإدراك صائبا أم خاطئا، وغالبا ما ينظر الناس إلى
ما حولهم بعيون مختلفة، رغم كون الشيء الذي ينظرون إليه واحدا.
ويبدأ الإدراك عادة بتحسس مثيرات من حولنا، نختار منها منبها نعطيه
الانتباه،ثم نقوم بعملية تنظيم المعلومات التي استقبلناها من خلال
الحواس،،ثم نقوم بتفسير هذه المدركات لكي يؤدي ذلك إلى سلوك معين.
وإذا أردنا أن نضع عملية الإدراك في علاقة تراتيبية نجدها تتم بالطريقة التالية:
1/
إحساس بالمثيرات حولنا:حيث
يتعرض الواحد منا إلى مجموعة من المثيرات في لحظة واحدة، يتحسسها بحواسه
الخمس، البصر واللمس والسمع والشم والتذوق، وهنا يلعب الجهاز العصبي
للإنسان بقسميه السمبثاوي واللاسمبثاوي دورا رئيسيا في عملية تحويل
المعلومات من الحواس إلى المخ لكي يمكن إدراكها.
2/
الانتباه:تعمل
المثيرات من حولنا على استقطاب انتباهنا لها، وهي تتوافر بشكل لانهائي من
حولنا، غير أننا لا نستطيع أن ندركها إلا من خلال حواس قادرة على التقاطها.
3/
الاختيار:لا
يستطيع الإنسان أن يوجه انتباهه إلى كل المثيرات من حوله، لكنه يستطيع
التنبه إلى جزء محدود منها، وعادة ما نقوم باختيار تلك المثيرات التي
تهمنا، وبالتالي فان الإنسان لا يدرك إلا ما يهمه من مثيرات.
4/
التنظيم:يقوم المخ بتنظيم هذه المثيرات ضمن منظومات محددة ليعطيها معنى خاصا به.
5/
التفسير:بعد عملية التنظيم للمثيرات يحاول المخ إعطاء معنى محدد لها، عبر تأويل هذه المدركات بحسب المنظومات التي يختزنها.
6/
السلوك:يأتي السلوك وهو المرحلة الأخيرة في عملية الإدراك بناء على المدلولات والتفسيرات التي أعطاها الإنسان للإثارة الموجه إليه.
وهنالك عوامل تؤثر على عملية الإدراك، منها خصائص المثير محل الإدراك،
والبيئة المحيطة المادية والاجتماعية، وكذلك خصائص الفرد القائم بالإدراك.
وقد رأى بعض ألباحثين أن هنالك نوعين من الإدراك، هما:
1/الإدراك الحسي:وهو ما يدركه الإنسان عن طريق حواسه المختلفة.
2/الإدراك العقلي:وهو الإدراك المتطور نسبيا والذي يأتي نتيجة تفاعل الخبرات الحسية مع المخزون المعرفي لدى الإنسان والذي يتمخض عن المعاني والأفكار.
أن الإدراك عملية انتقائية، بمعنى أن الإنسان يدرك أجزاء معينة من الظواهر
ينتقيها حسب ما يتوفر له من خبرات سابقة وأطر مرجعية ومن العوامل التي
تؤثر على هذه العملية:
1ـ
حجم الظاهرة محل الإدراك:فدرجة
انتباه الموظف إلى ملاحظة وإدراك لوحة إعلان كبيرة تفوق ملاحظته وانتباهه
إلى ورقة صغيرة مكتوب عليها قرار ولوكان مهما، فالحجم الكبير يجذب انتباها
أكبر.
2ـ
درجة شدة أو حدة المثير:فالصوت القوي أو اللون الساطع محل انتباه أكبر من الصوت الخافت أو الضوء الباهت.
3ـ
التكرار:فالظاهرة التي يتكرر حدوثها تشد الانتباه أكثر من تلك التي تحدث عرضيا.
4ـ
التباين والتناقض:فكلما
كانت هناك اختلافات واضحة بين المثير والبيئة كلما كان ذلك مدعاة لجذب
الانتباه، أما التناقض فيقصد به تصميم الظواهر محل الملاحظة بشكل يبدو فيه
تناقضا بين الأشياء المعروضة.
5ـ
الحركة:تؤثر المثيرات المتحركة على الانتقاء الادراكي لكونها تجذب الانتباه بشكل اكبر من تلك الثابتة.
6ـ
القدرات الشخصية للفرد نفسه:فالشخص الذكي يكون اشمل في ملاحظته من أولئك الذين لا يتمتعون بنفس المستوى من الذكاء.
وقد اهتم العلماء بشكل كبير بالفوارق الشخصية في القدرات التي تؤثر على
الإدراك، وقد حاولت دراسات التعرف على الفروق في القدرات بين الذكور
والإناث، وقد لخص(1970، Anastasi)أهم النتائج المستخلصة من هذه الدراسات
وهي:
1/لا توجد اختلافات جوهرية بين الذكور والإناث من حيث القدرة على التخاطب.
2/يتفوق النساء على الرجال من حيث السرعة والإتقان في الأعمال التي تتطلبها مهنة التمريض.
3/يتفوق الرجال على النساء في الوظائف التي تتطلب الإدراك السريع للتفاصيل.
4/تفوق الرجال على النساء في الوظائف التي تتطلب التركيز لفترة أطول وعدم الحركة.
5/يوجد نوع من التفوق للرجال على النساء في مجال القضاء والنقل.
6/يتفوق النساء على الرجال في الموسيقى والفن.
7/التركيب العضوي للنساء يجعلهن أكثر ميلا للأعمال الاجتماعية.
8/حصل الرجال على درجات أعلى في الاختبارات العلمية والبحثية والفكرية والعلمية بالمقارنة بما حصلت عليه الخاضعات للدراسة من النساء.
9/وجود تباين لصالح النساء في مجال السكرتارية والعمال الكتابية والخدمات الاجتماعية.
10/تتجه ميول الرجال إلى مجالات الاقتصاد والسياسة والعلوم النظرية وأنهم أكثر ميلا للعنف.
يشار إلى أن هناك مشاكل في الإدراك تنبع من الصلة بين الخبرة التي يمر بها
الفرد وبين العمليات العصبية وهي ما يسمى السيكوفيزيولوجيا.ومن مشاكل
عملية الإدراك مالي:
1/ صعوبة إيجاد علاقة بين المدركات والمنبهات.فما هو مثلا المنبه الذي
يفسر إدراك التضاد بين العدل والظلم؟والجبن والشجاعة؟والحلم والغضب؟.
2/خداع الإدراك:فهناك إمكانية لخداع الشخص عن طريق مزج الأبعاد مما يجعل الأجزاء مدركة في لحظة وغير مدركة في لحظة أخرى.
3/صعوبة إدراك اللون والحجم والشكل بطريقة موضوعية أو عدم ثبات الإدراك.
4/صعوبة إدراك الحركة المرئية.
5/إدراك المعنى والرموز:فالمعاني والرموز متعلمة من المجتمع وبالتالي تختلف من شخص لأخر باختلاف المجتمع الذي جاء منه.
6/الإدراك الاجتماعي:ذلك أن محتوى الإدراك يتحدد بشكل غير علمي أو غير
ثابت وذلك لاختلاف المعايير الاجتماعية فما هو صواب في مجتمع معين قد لا
يكون كذلك في مجتمع آخر، مما يؤثر على عملية الإدراك.
7/الاضطراب:يؤدي اضطراب الفرد إلى احتمال حدوث تشويش أو حتى خطا في
الإدراك فالانفعالات بأنواعها تؤدي إلى إدراك الأشياء بطريقة غير صحيحة.
8/الإيحاء أو تصور الأشياء:فمجرد رؤية ملف بيد الأستاذ بعد فترة من أداء
الطلبة لامتحان يوحي لهم بان هذا الملف يحتوي أوراق العلامات رغم أن ذلك
الملف ليس إلا الملف العادي الذي يحمله الأستاذ معه دوما.
التعلم Learning
عرف التعلم بأنه"ذلك التغير الدائم نسبيا في السلوك الفردي والناتج عن تدعيم الخبرات والممارسات السابقة"
في ضوء هذا التعريف تتضح طبيعة التعلم،فتعلم أي سلوك لابد أن يتصف بالدوام
النسبي،كما أن الفرد يحتاج للممارسة والتكرار والخبرة،كما يسهل تراكم
الخبرة والتكرار حينما يكون هذا التراكم والتكرار مصاحبا بتدعيم وتعزيز.
وتظهر أهمية موضوع التعلم في العمل الإداري في كونها تمثل أساسا يركن إليه
المدير أو أي مسئول يود إن يؤثر في سلوك مرؤوسيه،فتدريب العاملين
ومتابعتهم وإصدار الأوامر لهم وتعديل سلوكهم وتحفيزهم وعقابهم كل ذلك
يعتمد على مبادئ التعلم ونظرياته.
لقد قدم العلماء عدة نظريات تفسر عملية اكتساب سلوك جديد،وفيما يلي ابرز هذه النظريات:
1/التعلم الشرطي التقليدي:
وهي النظرية التي ذهب إليها العالم الروسي بافلوف،والتي اكتشفها عبر
تجاربه على الكلاب،حيث وجد مقارنة شرطية لاشعورية بين مثير واستجابة
معينة،فقد وجد أن الكلاب تفرز اللعاب عند رؤيتهم الشخص الذي يقدم
الطعام،بل أحيانا فقط عند سماع الكلب لوقع أقدام الشخص في حجرة مجاورة،وفي
تطور لهذه التجارب‘قام بافلوف بإدخال مثير محايد مثل قرع الجرس عند تقديم
الطعام،وبتكرار المحاولة لوحظ أن قرع الجرس وحده قد أدى إلى حدوث نفس
الاستجابة الطبيعية اللاإرادية وهي اللعاب والعصارات المعدية.
2/التعلم الشرطي الو سيلي:
إن التطور في تجارب علم النفس وتطبيقها على السلوك الإنساني،قد أدى إلى
إدخال إرادة الفرد ووجدانه وعملياته الفكرية والعقلية كوسيط بين المثير
والاستجابة وكانت لكتابات وبحوث العالم الأمريكي سكينر التأثير الكبير في
ظهور نظرية التعلم الشرطي الوسيلي.وخلال هذه التجارب والبحوث أمكن التعرف
على أن إرادة الفرد والعمليات العقلية تتوسط المثير والاستجابة،وان الفرد
بعد تعرضه لمثيرات ومؤثرات بيئية فانه يفكر ويدرك العلاقات الموجودة بين
هذه المؤثرات ثم يسلك سلوكا معينا كوسيلة للحصول على عوائد ذات قيمة ورضا
وثواب ونفع ذاتي،وترجع تسمية التعلم الشرطي الوسيلي بهذا المسمى على
اعتبار أن الفرد يسلك مسلكا معينا كوسيلة للحصول على نتائج هامة،وهذه
النتائج ذات نفع أو عائد له.
3/التعلم بالمحاولة والخطأ:
يعرف الناس جميعا أننا نتعلم من الأخطاء التي نقع فيها،مما يؤدي إلى تلافي
الطرق الخاطئة للوصول إلى ما نريد،ومحاولة القيام بسلوك يؤدي إلى النتيجة
المرجوة،ومن خلال التكرار نحذف السلوك الغير مطلوب،ونستبدله بسلوك
مطلوب،وكلما كان هنالك نجاح في المحاولات في السلوك أدى إلى نتائج سلوك
مطلوب،أدى هذا إلى أثار طيبة ويؤدي الأثر الطيب إلى تدعيم احتمال القيام
بسلوك معين وتثبيته في المستقبل والعكس صحيح أيضا.
إن نظرية التعلم بالمحاولة والخطأ تعنى أن تكرار المحاولة الناجحة للسلوك
تجلب للفرد السرور ويميل الفرد لتثبيتها في سلوكه، والعكس أن تكرار محاولة
السلوك غير الناجح قد تجلب اللم فيميل السلوك إلى الانطفاء.
4/التعلم عن طريق الاستبصار:
يرى أصحاب هذه النظرية أن التعلم لا يمكن أن يبنى على عملية التخبط،كما قد
يحدث جزئيا في نظرية المحاولة والخطأ،وإنما تتدخل إرادة الفرد من حيث
الفهم والذكاء وإدراك العلاقات كعامل أساسي في التعامل،وهنا يقوم الفرد
باستقبال معلومات ممن حوله كما قد يقوم بتنظيم هذه المعلومات وربطها
بمعلومات سابقة من رصيد خبراته،ويحاول أن يستدل من عملية التنظيم والربط
بنتائج تعنى ما إذا كان انتهاجه لسلوك معين يمكنه أن يؤدي إلى عوائد ذات
نفع ورضا له.
5/التعلم بالتقليد:
إن جزء كبيرا من سلوك الناس يرجع إلى محاكاتهم لسلوك آخرين،فمن خلال
ملاحظة الفرد لسلوك من حوله،يقوم بمحاكاة بعض هؤلاء الناس ولذلك قد يطلق
على هذا النوع من التعلم،التعلم بالملاحظة أو المحاكاة،ويأتي ضمن هذه
الطريقة في التعلم ما يطلق عليه"النمذجة السلوكية"وهي حالة تطبيقية خاصة
من التعلم بالتقليد،وفي هذا النوع من التطبيق لنظرية التعلم بالتقليد ترى
المنظمات ضرورة نقل سلوك جيد يقوم به ممارسون أكفاء إلى أفراد آخرين يجب
أن يتعلموه،مما قد يؤدي في النهاية إلى نفع لكل من المنظمة والأفراد الذين
يقومون بهذا السلوك.
وقد ذكر العلماء مجموعة من العناصر التي تؤثر على عملية التعلم،منها:
1/التلازم:يوضح هذا العنصر انه كلما كان هنالك تلازم بين سلوك معين وعوائد
مرضية للفرد،فان هذا الفرد يميل إلى تكرار السلوك،إذا كانت هنالك مثيرات
تشير إلى إمكانية الحصول على هذه الفوائد والعوائد المرضية.
2/العمليات الذهنية والفكرية والوجدانية:إن سلوك الفرد يتحدد جزئيا بمدى
الرقي في هذه العمليات العقلية، وهي العمليات الخاصة بالتفكير والتفسير
والتحليل والحكم والربط والاستدلال، فكلما كان انضج من حيث هذه العمليات
جاء التعلم للسلوك الجديد بطريقة أفضل.
3/الهدف:إن الهدف له جاذبية لدى الفرد، ويميل الناس ذوو الأهداف أن يسلكوا
سلوكا يحقق أهدافهم، وان تحقيق الهدف يتناسب مع قدرات الناس أو الأفراد
محل التعلم.لذلك فان تعلم سلوك جديد يسهل على الفرد حين يكون هذا السلوك
محققا لهدف عنده.
4/النجاح:مشاعر النجاح والفشل تمثل عنصرا هاما في اكتساب السلوك وتثبيته لدى الأفراد.
5/الاتجاهات:كلما كانت ميول الفرد وتقديره للشيء موضوع التعلم ايجابيا كان
هناك احتمال كبير إلى تعلم هذا الشيء الجديد والعكس صحيح أيضا.
6/الخبرة السابقة:يزداد احتمال ظهور السلوك الجديد،حين يدعم بخبرة ذاتية
من الفرد،فيؤدي ذلك إلى التثبيت على سلوك تم التعود عليه في الماضي،كما
انه قد يحول ويعدل من سلوك تعود عليه سلفا.
7/الاتصال:ويقصد بالاتصال تبادل المعلومات، هذا التبادل يسهل توفير مقدار
عال من المعلومات عن الآخرين حول سلوك قاموا به بالفعل.فالاتصال يسهل على
الفرد رؤية نفسه في وضع الآخرين.
8/أهمية السلوك محل التعلم:إذا كان السلوك محل التعلم ذا أهمية أو نفع أو
عائد أو جاذبية للفرد زاد احتمال التعلم، فقد يسعى المرء لتعلم شيء لأنه
يمثل الحق والصدق الذي يهمه كثيرا.
9/التدعيم:يقصد بالتدعيم خبرات السعادة أو الألم الناتج من سلوك معين،
فإذا ترتب على سلوك ما الإحساس بالسعادة والرضا والراحة وإشباع الحاجات،
فان هذه الخبرة تعم تعلم هذا السلوك.
10/التشابه:في حالة وجود مثيرات أو مؤثرات سلوكية جديدة تتشابه مع مؤثرات
ومثيرات سلوكية قديمة فن وقوع أي من هذه المثيرات الجديدة والقديمة سيزيد
من احتمال تعلم السلوك الجديد.
11/تكرار المحاولات:يتأثر تكوين وتشكيل السلوك بمحاولاتنا العديدة للتعلم.
هذا ولمبادئ التعلم تطبيقات عملية في المجال الإداري،منها التدريب وتحوير السلوك والعقاب والنمذجة السلوكية.
الدوافع Motivations
عرف الدافع بأنه عبارة عن الرغبة أو الحاجة في عمل شيء أو الوصول
إلى هدف معين ،وهذه الحاجة تكون داخلية تؤدي إلى ظهور مخرجات بشكل سلوك
خارجي.
وليس الدافع بالمفهوم السهل فهو من المفاهيم السلوكية المعقدة في وصف
السلوك الإنساني،فالدافع لأي كائن حي هو مفهوم غير واضح بدرجة كافية في
الوقت الحاضر،فهو يتضمن الحاجات والرغبات والتوترات والتصورات التي تؤدي
إلى تصرف معين ظاهر وهذا ينطوي على وجود شيء من عدم التوازن أو عدم الرضا
في علاقة الفرد ببيئته مما يؤدي إلى سلوك معين لإيجاد الرضا والتوازن من
خلال تحقيق الأهداف التي يسعى الفرد إليها.
وان أغلب النظريات في مجال الدوافع تشير إلى ضرورة فهم العمليات
والتفاعلات الداخلية للأفراد من خلال بعض المداخل الرئيسية ،فمنهم من يركز
على المدخل الإدراكي الذي يفسر الدافع باتجاهين،محتوى الدافع والعملية
الناجمة من الدافع فنظرية المحتوى تركز على العوامل وتغيرات محددة مؤثرة
في السلوك كالحاجات الداخلية والظروف الخارجية،أما نظرية العملية فهي
تحاول تعريف وتحديد المتغيرات الرئيسية التي تفسر وتوضح السلوك.
الدافعية بمعنى العامل الداخلي المؤثر على سلوك الفرد تمثل القوة التي تقف
وراء سلوك الفرد وتستثيره لأداء العمل ويعتمد الأداء وقوته على هذه القوة.
وفي ما يلي بعض النظريات الرئيسة في مجال الدوافع:
أولا/نظرية تدرج الحاجات:وهي النظرية التي تبناها ابراهام ماسلو،حيث استند
في هذه النظرية على أن هنالك مجموعة من الحاجات التي يشعر بها الفرد وتعمل
كمحرك ودافع للسلوك.ويبقى الإنسان متوترا ما لم تحقق هذه الحاجات.
لقد وضع ماسلو الحاجات في هرم يتدرج من الحاجات الضرورية ثم الانتقال إلى
الحاجات الأخرى،فقد وضع الحاجات الأساسية والفسيولوجية في أسفل الهرم،ثم
ينتقل إلى حاجات الأمان ثم الحاجات الاجتماعية فحاجات التقدير وعلى قمة
الهرم تأتي الحاجة لتحقيق الذات.
وقدم الدرفر تصنيفا لهرم الحاجات يشابه بدرجة عالية هرم ماسلو غير انه يحتوي على ثلاثة أنواع من الحاجات:
1/حاجة البقاء:وهي التي تمثل الحاجات الفسيولوجية عند ماسلو.
2/حاجات الانتماء:وهي تمثل حاجات الانتماء والحاجات الاجتماعية وجزء من الحاجة إلى التقدير.
3/الحاجة إلى النمو:وهي تمثل الجزء المتبقي من الحاجة إلى التقدير ثم حاجات تحقيق الذات عند ماسلو.
وقد وجهت انتقادات لنظرية تدرج الحاجات،فبالرغم من عموميتها إلا أنها لا
تنطبق على كل الحالات الخاصة،بل إنها فقط تفسر جزء كبيرا من السلوك
الإنساني،أما عند تطبيقها على حالات خاصة فقد نجد صعوبة في تطبيقها.
ثانيا:نظرية دافع الانجاز:
قام دافيد ماكليلانند من خلال تجاربه بالتوصل إلى أن هناك أفرادا ذوو ميل
ورغبة إلى إتمام العمل بصورة جيدة خلافا للأفراد العاديين،ولقد أطلق على
هؤلاء مسمى ذوي الانجاز العالي،ولقد استطاع أن يستنبط من الدراسات أن
هنالك دافع متميز هو دافع الانجاز.
ثالثا:نظرية التوقع:تفترض هذه النظرية أن الإنسان يجري مجموعة من العمليات
العقلية والتفكير قبلما يؤدي الأمر إلى سلوك محدد،وترى هذه النظرية التي
وضع أسسها فيكتور فروم أن دافعية الفرد لأداء عمل معين هي محصلة للعوائد
التي سيحصل عليها.وهناك توقعات طبيعية يفترض أن تشكل دوافع للناس،وحين لا
تعمل هذه التوقعات تكشف عن اضطراب سلوكي لدى صاحبها.
رابعا:نظرية التعلم الشرطي الو سيلي:
تقول هذه النظرية أن الفرد يكون مدفوعا لتكرار سلوك أو الإحجام عن سلوك
معين بناء على العوائد المتوقعة منه وإمكانية تحقيق الأهداف الفردية من
خلال هذا السلوك،وسبق الإشارة إلى هذه النظرية في موضوع التعلم،ويرجع
الفضل لأعمال سنكر في وجود هذه النظرية.
خامسا:نظرية وضع الهدف:
يرى رواد هذه النظرية ومن أشهرهم أدين لوك، أن وجود أهداف هو شيء أساسي
لتحديد مسارات السلوك،كما أن وجود أهداف يمكن أن يكون دافعا للفرد
لتحقيقها،على اعتبار أن الأهداف هي غايات نهائية يجب على الفرد أن يحققها.
سادسا:نظرية العدالة:
ترى هذه النظرية أن الفرد يكون مدفوعا في سلوكه إلى تحقيق الشعور
بالعدالة،وهذا الشعور كما يؤكد ادمز هو شعور وجداني عقلي يتم التوصل إليه
من خلال مجموعة من العمليات العقلية والتمثيل الذهني للمشاعر الدالة على
العدالة من عدمه.
إن لكل واحدة من هذه النظرية الست في مجال الدوافع تطبيقات عملية في
المجال الإداري يستفيد منها المدراء والرؤساء في الوصول إلى أفضل النتائج
في منظماتهم وإعمالهم.
الشخصية Personality
عرف البورت الشخصية بأنها التنظيم الدينامي داخل الفرد لتلك الأجهزة
النفسية والجسمية التي تحدد طابعه الخاص في توافقه لبيئته،أما جليفورد فقد
عرفها بأنها ذلك النموذج الفريد الذي تتكون منه سماته،وذهب كاتل إلى أن
الشخصية هي ما يمكننا التنبؤ بما سيفعله الشخص عندما يوضع في موقف معين
ويضيف أن الشخصية تختص بكل سلوك يصدر عن الفرد سواء كان ظاهرا أم
خفيا.وقال أيزنك أنها ذلك التنظيم الثابت والدائم إلى حد ما لطباع الفرد
ومزاجه وعقله وبنية جسمه والذي يحدد توافقه الفريد لبيئته.
وعرفت الشخصية كتعريف شامل أنها:"النظام الكامل من الخصائص المميزة،
والعلاقة بين هذه الخصائص والتي تساعد الفرد على مواءمة نفسه مع الآخرين
والبيئة من حوله".
وإذا كان علماء النفس يتفاوتون في تعريف الشخصية،إلا أنهم لا يختلفون على المكونات التي تشكل الشخصية،وهي كما يلي:
1/القيم:
وهي تشير إلى ذلك الهيكل المثالي من المبادئ التي ينظر من خلالها إلى
الفرد إلى ما يجب أن يكون عليه سلوكه وسلوك الآخرين، وتنعكس القيم على
السلوك الخارجي للأفراد.
2/الانفعالات:
وهي تشير إلى خصائص الإثارة والحالة المزاجية للفرد،فمن المشاهد أن نرى
البعض سريع الاستثارة والبعض الآخر بطيء في انفعالاتهم،وكذلك الحال فهناك
هوائي وهناك من يأخذ الأمور بمحمل الجد،كما أن هناك حاد الطباع والخامل
والمتقلب المزاج والمتشائم والعنيف والمنطوي والعدواني والمرح والمنبسط
والمتشدد وغيرها من الخصائص المزاجية والانفعالية.
3/الحاجات:
إن الحاجات هي عبارة عن الشعور بالنقص أو العوز لشيء معين،وان هذا النقص
أو العوز يدفع الفرد لأن يسلك مسلكا يحاول من خلاله سد هذا النقص أو إشباع
الحاجة،ويتميز الأشخاص عن بعضهم في تفضيل الحاجات التي يبحثون عن
إشباعها،فهناك من يسعى لإشباع الحاجة للإنجاز وهناك من يسعى لإشباع الحاجة
للقوة والنفوذ،وهناك من يسعى لإشباع الحاجة للانتماء.
4/القدرات والاستعدادات:
قدرات الإنسان واستعداداته هو ما يجعله مناسبا لعمل وغير مناسب لعمل أخر،
وتشير القدرات إلى الإمكانيات المتوفرة حاليا لدى الفرد، بينما
الاستعدادات تشير إلى الإمكانيات المرتقبة، والمهارات تشير إلى استخدام
القدرات في الواقع العملي التطبيقي.وتصنف القدرات والاستعدادات إلى ثلاثة
أنواع:قدرات عقلية وقدرات ميكانيكية وقدرات حركية.
5/الاتجاهات النفسية:
وهي نظام المعتقدات والمفاهيم والمشاعر التي تؤدي إلى ميول سلوكية نحو
مواقف معينة، ويمر تكوين الاتجاهات النفسية بمراحل مختلفة، أولها الحصول
على معلومات اوافكار عن المفاهيم والمعتقدات، ثم يلي ذلك أن يكون الفرد
مجموعة من المشاعر الخاصة بالتأييد أو عدمه ودرجة كل منهما، وأخيرا بتفاعل
كل من الجانب الفكري والعاطفي يتكون الميل السلوكي للفرد والذي يعبر من
خلال رأيه ومشاعره.
6/الميول والاهتمامات:
وهي تشير إلى الرغبة أو عدم الرغبة لشيء معين، والميول والاهتمامات عبارة
عن مشاعر، ويشير واقع الأمور إلى أننا مختلفون في ميولنا، فهذا يحب العمل
المتنوع، وذلك يحب العمل الروتيني، وذلك يحب العمل التحليلي، وآخر يحب
العمل الفني، وهناك من يحب العمل الفردي، وآخرون يحبون العمل الجماعي.
إضافة إلى دراسة موضوع المكونات الأساسية للشخصية، يدرس العلماء العوامل المؤثرة في تكوينها، ويرون أنها ثلاث مجموعات من العوامل:
1/العوامل الجسمانية:ولدراستها تؤخذ العديد من الاعتبارات منها تأثير عنصر
الوراثة، وتركيب المخ والجهاز العصبي، وافرازات الغدد من الهرمونات،
والشكل الخارجي للجسم.وقد تطورت في الآونة الأخيرة الدراسات التي تهتم
بهذه العوامل سيما مع بروز علم الهندسة الوراثية،والأبحاث الحديثة على
المخ البشري.
2/عوامل الأسرة والتعليم:
تؤثر الأسرة بصورة بالغة في تشكيل شخصية الإنسان،ومن المعلوم أن الشخصية
التي تتكون في السنين الأولى من حياته تبقى لسنوات طويلة ويصعب تعديلها أو
تغييرها،كما يتأثر تشكيل القيم والاتجاهات والمعتقدات بالوالدين،كما تؤثر
ظروف الأسرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانفعالية التي تحيط
بالطفل في تكوين شخصيته.وبعد الأسرة تأتي مرحلة التعليم لتلقي بتأثيراتها
على شخصية هذا الإنسان.
3/عوامل البيئة:
تؤثر البيئة على شخصية الإنسان، فالذين يسكنون السواحل يختلفون في بعض
صفاتهم عن الذين يسكنون الجبال، وأيضا يلعب الدين واللغة والنظام السياسي
والاقتصادي وقيم الزواج والطلاق والعلاقات الاجتماعية دورا بالغا في تشكيل
الشخصية.كما يمثل العمل جزءا هاما من البيئة التي تؤثر في تشكيل شخصية
الفرد، فلكل عمل شروطه ومتطلباته.
إن الإدارة الناجحة هي التي تنظر للفرد من خلال شخصيته، آخذت بعين
الاعتبار مكونات هذه الشخصية والعوامل التي تؤثر فيها، لكي تستثمر كل ذلك
لصالح تفاعل أفضل مع الموارد المادية المتاحة، للحصول على أفضل النتائج.
تكوين الاتجاهات Attitudes Formation
الاتجاهات عبارة عن تكوينات ثابتة نسبيا من المعتقدات والمشاعر
والنوايا حول أشياء موجودة في البيئة، وعلى ذلك فان الاتجاهات تتكون من
ثلاثة عناصر، هي العنصر المعرفي والمعلومات، والعنصر العاطفي والمشاعر،
والعنصر السلوكي.
واصل تكوين الاتجاهات أثناء محاولة الفرد إشباع حاجاته، فالإنسان كائن
هدفي يسعى دوما لإشباع حاجات معينة ويصادف في مسعاه هذا عديدا من الخبرات
السارة والضارة، الايجابية والسلبية، فتلعب دورا كبيرا في تشكيل اتجاهاته،
كما تتكون الاتجاهات حسب ما يتلقاه من معلومات حول أي موضوع يكون اتجاها
حوله.وهي انعكاس لمعتقدات وقيم البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها.
لقد درس العلماء وظائف الاتجاهات فوجد أنها احد العوامل التي تساعد على نمو الشخصية وذلك من خلال:
أـ المساعدة على التأقلم والتكيف فهي بمثابة مقومات معنوية تساعد الفرد على استيعاب المتغيرات المختلفة.
ب ـ كونها مصدرا للقناعات التي يحتفظ بها الفرد للدفاع عن نفسه.
ج ـ كونها إطارا مرجعيا يساعد الفرد على تنظيم عمليات الإدراك والمعلومات التي لديه عن الأمور المختلفة.
د ـ مقدمة يمكن على أساسها تفسير السلوك والتنبؤ به.
من خلال فهم تكوين الاتجاهات يمكن العمل على تغييرها، أو تعليم اتجاهات
جديدة بشكل يساهم في تحقيق الأهداف المنشودة لأي منظمة، وتتوقف عملية
تغيير الاتجاهات على عدة عوامل منها:
1/مدى اهتمام وشعور المطلوب تغيير اتجاهاتهم بالموضوع الذي يتعلق به
الاتجاه، فكلما ضعفت الاتجاهات كلما كان تغييرها أسهل والعكس صحيح.
2/مدى توافر المعلومات عن الموضوع.
لذلك فان من الشروط الضرورية لتغير الاتجاهات الحصول على معلومات جديدة،
فالإنسان يغير اتجاهاته حول موضوع ما عندما تتوفر لديه معلومات جديدة عن
ذلك الموضوع.كما هنالك شرط أخر وهو حصول تغير فعلي في الموضوع المطلوب
تغير الاتجاه حوله.
وتشير الدراسات والبحوث إلى أن تغيير الاتجاهات النفسية يعتمد لدرجة كبيرة
على قدرة شخص على إقناع آخرين بمعلومات معينة،وبناء مشاعرهم وتقوية ميولهم
السلوكية تجاه شيء جديد،ويسمى بالموصل أو القائم بالإقناع،كما يعتمد على
محتوى عملية الإقناع،أي مضمون عملية الاتصال،ولا يمكن إنكار دور التشويش
الذي يقوم به القائم بالإقناع،على المعلومات والمشاعر المتاحة حاليا للفرد
محل الإقناع والتغيير،ويطلق على هذا التشويش التنافر الوجداني.
بعد دراسة هذه العناصر الخمسة،الإدراك،والتعلم،والدوافع،والشخصية،وتكوين
الميول،لابد من القول أن هنالك انحرافات قد يتعرض لها الإنسان في
حياته،فتنحرف عنده هذه العناصر،أو احدها مما يطلق عليه اضطراب،وهو ما
يحتاج إلى علاج وتدخل من المختصين في العلاج النفسي.
الجماعات Groups
بعد أن استعرضنا المواضيع التي تهتم بالسلوك الفردي،ويهتم المدخل
السلوكي الإداري بدراستها،نتعرض الآن للمواضيع التي يدرسها المدخل السلوكي
في الإدارة،انطلاقا من اعتبارها عناصر للسلوك الجماعي وهي تؤثر في المحصلة
النهائية على أداء المنظمات والمؤسسات وإنتاجيتها،وكما سبق القول أنها
ثلاثة عناصر أساسية‘هي المجموعات،والقيادة والاتصال.فلنبدأ بتوضيح المقصود
من المجموعات.
يختلف سلوك الإنسان كفرد عن سلوكه كعضو في جماعة، والجماعة هي مجموعة من
الأفراد يتفاعل أعضاؤها معا لتحقيق أهداف محددة، ويتقيدون بأنماط سلوكية
محددة وتتميز علاقاتهم بالاستقرار.ويمكن أن تعرف أيضا بأنها عبارة عن
مجموعة من اثنين أو أكثر من الأفراد المعتمدين على أو المتفاعلين مع بعضهم
البعض في أداء وظائف معينة,وذلك لتحقيق أهداف مشتركة.
وتقسم الجماعات إلى رسمية وغير رسمية، ويقصد بالرسمية تلك الجماعة التي
تأخذ شرعيتها من الهيكل التنظيمي للمنظمة وقواعدها وأنظمتها،والتي تهدف
تحيق أهداف المنظمة،أما غير الرسمية فهي تلك التي تتكون بصورة تلقائية ولا
ترتبط في أدائها بالضرورة بتحقيق أهداف المنظمة.
ولأهمية موضوع الجماعات غير الرسمية،أفردت لها دراسات خاصة بغية
فهمها،واستثمارها لصالح أهداف المنظمة،أو تقليل آثراها السلبية على اقل
تقدير،إذ أن هذه الجماعات تمارس على منتسبيها سلطات تصل في تأثيرها إن لم
تزد عن تأثير التعليمات الصادرة عن الإدارة الرسمية.
وقد لخصت أسباب نشؤ الجماعات غير الرسمية،بمايلي:
1/الجاذبية بين الأفراد على أسس شخصية بحكم التقارب المكاني أو في التماثل
في الاتجاهات،أو في الخلفيات الاقتصادية والعرقية ..وما شابه ذلك.
2/جاذبية أهداف الجماعة وأنشطتها.
3/كون الجماعة جسرا لتحقيق حاجات لا تحققها الجماعة لمنتسبيها مباشرة بل تعتبر احد القنوات لتحقيقها.
وهناك أنواع أخرى من الجماعات أهمها الجماعات الوظيفية وجماعات المهام الخاصة وجماعات الصداقة والاهتمامات الخاصة.
وتختلف الجماعات عن بعضها من حيث درجة التماسك،والجماعة المتماسكة تؤثر
أكثر من الجماعة المفككة على أعضائها،فالجماعة تحدد معايير العمل،وتؤثر في
الأدوار التي يلعبها الأعضاء،وتؤثر في المكانة والنفوذ الذي يتمتعون به.
لذلك يهتم المدخل السلوكي في الإدارة بدراسة أسباب تماسك المجموعات،حيث
وجد أن عوامل التماسك الداخلي في المجموعة يمكن إرجاعها لما يلي:
1/الإجماع والاتفاق على أهداف الجماعة،وتعطل الهدف يهدد وحدة الجماعة.
2/تناسب هدف الجماعة مع أهداف الأفراد.
3/كثافة التفاعلات بين أفراد الجماعة.
4/جاذبية الأفراد لبعضهم البعض.
5/التنافس بين الجماعات.
6/انعزال الجماعة.
7/حجم الجماعة،حيث الصغيرة نسبيا أكثر تماسكا من الكبيرة.
8/الضغوط الخارجية.
9/استقرار الجماعة.
10/مركز الجماعة.
11/اعتمادية أفراد الجماعة عليها.