منتدى القلوب الصادقة
|
|
| تاريخ الجزائر مختصر | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| موضوع: تاريخ الجزائر مختصر الثلاثاء 23 فبراير 2010, 15:43 | |
| الحملة الفرنسية العسكرية على الجزائر1830 تعرضت الجزائر سنة 1830 لابشع هجمة استعمارية عرفها التاريخ المعاصر،حولت الشعب الجزائري من سيد على أرضه إلى جحافل من البؤساء يرزحون تحت نير القهر، الطغيان و العبودية كما حولت معالم دولته و مؤسساتها إلى خراب. إنها لنكبة كبرى تلك المأساة التي أحلت بالجزائر صبيحة يوم 5 جويلية 1830. اسباب الاحتلال: -/ مؤتمر فينا 1815 : حيث جعلت اوربا نفسها بعد هذا المؤتمر مركزا للعالم ووصية عليه ، فلم يعد مقبولا في نظرها أي تعايش مع الدول الغير اوربية الا في ظل الاستسلام لها و الخضوع لارادتها. -/ الثورة الصناعية : حيث انها احدثت فجوة تكنلوجية بين البلدان الاوربية عموما و البلدان الافريقية و منها الجزائر. كما انها – الثورة الصناعية –سمحت بالسيطرة على رقع جغرافية واسعة باقل الرجال. كما عملت على تطوير و سائل النقل بشكل كبير مما سمح بربح الوقت و الجهد. بالإضافة الى ان هذه الثورة ادت الى سعي الدول الاوربية للحصول على المواد الاولية للصناعة الاوربية المفقودة عندهم و ايجاد اسواق جديدة للسلع و كذا التخلص من الفائض السكاني الذي واكب هذا التصنيع. -/ الرغبة في تصفية املاك الدولة العثمانية و التي كانت تعتبر الجزائر جزءا منها في نظر الدول الاوربية. -/ انتهاج فرنسا منذ بداية القرن 19 سياسة التوسع و الغزو و قهر الشعوب (إرسال نابليون للضابط بوتان سنة 1808 لدراسة التحصينات الجزائرية...) . -/ نمو التحالفات الأوربية ضد الجزائر من اجل تصفية وجودها كقوة في البحر المتوسط ( مؤتمر فينا –لندن و اكس لا شابيل ). -/ الديون و حادثة المروحة: في نطاق العمليات العسكرية الفرنسية العديدة ساهمت الجزائر من خلال اليهوديين الجزائريين : يعقوب بكري و ميشال بوشناق بين 1793-1798 في تموين الولايات الفرنسية الواقعة على شواطئ البحر المتوسط ، كما شملت تموين الجيش الفرنسي المحتل لجزء من ايطاليا ثم جيش نابليون الذي قام بالحملة على مصر سنة 1798. وقعت اتفاقية بين الطرفين الفرنسي و الجزائري بتاريخ 17 ديسمبر 1801 اعترفت بموجبها فرنسا بالديون المستحقة عليها.و بما ان الداي بصفته دائنا للتاجرين اليهوديين طالب سنة 1802 بتسوية هذا الدين ، إلا أن التماطل الفرنسي استمر إلى غاية 28 أكتوبر 1819 حيث بدت بوادر الالتزام بالوعد ، أعقب ذلك صدور نص في الميزانية بتاريخ 24 جويلية 1820 إلا أن كل ذلك بقي حبرا على ورق، و بقيت رسائل الداي إلى الملك لويس 16 بدون رد . في 20 افريل 1827 اثر زيارة القنصل دي فال إلى القصبة قام الداي بتقديم احتجاج له إلا أن رده جاء مهينا فلوح عليه الداي بمروحة كانت بيده .(مسرحية القنصل). ملاحظة:لا علاقة لحادثة المروحة بالحصار بدليل المذكرة المؤرخة في 7 ديسمبر 1826 و بمقتضاها أعلنت الحكومة الفرنسية نيتها في فرض الحصار البحري على الجزائر و ذلك قبل حادثة المروحة بخمسة أشهر. -/ فشل الحصار الذي دام ثلاث سنوات 1827-1830 و معارضة برلمانية له. -/ محاولة شارل العاشر توجيه الرأي العام الفرنسي إلى خارج فرنسا في محاولة منه لاحتواء معارضيه السياسيين حيث قرر في 30 جانفي 1830 إرسال حملة عسكرية لغزو الجزائر .و في 7 فبراير قرر تعبئة الجيش و البحرية. و في 11 افريل عين الكونت دي بورمون قائدا عاما للحملة و الاميرال دو بيري قائدا عاما للقوات البحرية.
خطوات سبقت الحملة أي التحضير الجدي . - اتصال السلطات الفرنسية بمحمد علي والي مصرقصد اقناعه لاحتلال الجزائر لمصلحة فرنسا قبل ان تتراجع بسبب شروط حاكم مصر. -الإنزال التجريبي الذي قام به الجيش في طولون من قبل 5 قطع بحرية يتاريخ 3 ماي 1830 للتدريب على مرأى من كل الجيش. - خطاب القائد العام للجيش في الجميع بتاريخ 10 ماي بطولون لشحذ الهمم و الضمائر بان المهمة نبيلة و أن أنظار كل الدول الأوربية الكبرى موجهة صوبهم... - إعطاء توصيات و تعليمات دقيقة للضباط حول كيفية الإنزال.. - استقدام قدامى الحملة الفرنسية على مصر للاستفادة من نصائحهم و توجيهاتهم. ** يوم 21 ماي وصلت سفينة الطاهر باشا الموفد الشخصي للسلطان محمود إلى الجزائر قصد إيجاد صيغة صلح بين الطرفين الفرنسي و الجزائري إلا أن المسئول الفرنسي على الحصار منعه من دخول الميناء و اقتاده إلى طولون .و يوم 26 ماي التقت سفينة طاهر باشا مع أسطول الحملة وهو في طريقه إلى الجزائر .حاول الطاهر باشا عرض الصلح في محاولة منه لإرجاع الأسطول معه إلى طولون و لكن دونما فائدة. و عندما و صل طاهر باشا إلى طولون كانت سفن الأسطول – التي أقلعت من ميناء طولون يوم 25 ماي- قرابة سواحل مايوركا الاسبانية يوم 28 جوان أين تجمعت هناك عدة أيام بسبب رداءة البحر. نزلت القوات الفرنسية الغازية و التي تعدادها 38000 رجل ، يوم 14 جوان بشبه جزيرة سيدي فرج ، و يلاحظ اختلال كبير في ميزان القوى لصالح فرنسا بالنسبة للقوة البشرية و الأسلحة متمثلة في خمسة آلاف فارس مدعمين ب 72 مدفع ميدان و 82 مدفع حصار، يضاف إليها و جود 1870 فوهة مدفع في سفن أسطول الغزو. كان لتعويض الداي حسين ليحي اغا قائد العمليات ذا المقدرة و الكفاءة الكبيرة بصهره إبراهيم اغا اثر سيء على مجريات الأحداث لأنه اظهر عجزا تاما في السيطرة على الموقف أثناء معركة اسطاوالي بسبب عدم قدرته على شغل هذا المنصب . كما أن القوات في معسكر اسطاوالي كانت قليلة التسليح ، عدد محدود من مدافع الميدان الخفيفة لان أكثرها ضاع يوم 14 جوان عندما حاولت التصدي لنزول القوات المعادية إلى البر بسبب القصف المكثف من قبل مدفعية الأسطول حيث تمكنت من إسكاتها بعد بضع ساعات من بدء الإنزال. معركة اسطاوالي :
إن معركة اسطاوالي 19 جوان كان الانتصار فيها مهم جدا لأنها كانت فاصلة و كانت بقيادة الاغا إبراهيم و كانت بحضور احمد باي و باي تيطري و ممثل باي وهران. استعانت القوات الجزائرية بكثافة الضباب الذي منع تدخل مدفعية الأسطول في المرحلة الأولى إلا أن القيادة الفرنسية على رأسها ديبورمون تداركت الموقف . إن تخاذل إبراهيم اغا و فراره انتهى بالكارثة .مما سهل الوصول إلى المعركة الموالية هي معركة الجزائر العاصمة الفاصلة . لم تكن بين اسطاوالي و العاصمة إلا بعض العراقيل الطبيعية في إشارة إلى نقص الدفاعات. بعد معركة اسطاوالي أصبحت الطريق شبه مفتوحة باتجاه العاصمة مرورا بدالي إبراهيم و بوزريعة . و بذلك بدأت مرحلة الحرب على الحصون و أبرزها حصن الإمبراطور الذي و ضعه الفرنسيون نصب أعينهم باستعمال المدفعية الثقيلة و كان لهم ذلك فعلا يوم 4 جويلية رغم المجهودات الكبيرة التي بذلها الخزناجي في الدفاع عنه. في اليوم الموالي- 5 جويلية- انهارت السلطة السياسية في الجزائر بعد ثلاثة قرون من الاستماتة و السيطرة المحكمة على الحوض الغربي للبحر المتوسط .و ستبدأ مرحلة أخرى من البطولات للتصدي للاستعمار في شكل مقاومة وطنية منظمة.
عدل سابقا من قبل المشرف العام في الثلاثاء 23 فبراير 2010, 16:10 عدل 1 مرات | |
| | | المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| موضوع: رد: تاريخ الجزائر مختصر الثلاثاء 23 فبراير 2010, 15:49 | |
| الثورة التحريرية 1954-1962م: دوافع تفجير الثورة: ان حدث اول نوفمبر و قيام جبهة التحرير لا يمكن ان يعتبر حدثا عارضا انطلق فجاة بدون خلفية تاريخية ، انما هو كما راينا ثمرة و حصيلة نضال اجيال و حدثا استراتيجيا بعيد المدى،من خلاله بلغت الحركة الوطنية طورها النهائي الحاسم هو طور التطبيق و التنفيذ... من خلال نداء أول نوفمبر تظهر الدوافع الحقيقية و المباشرة لتفجير الثورة . و يمكن تلخيصها في النقاط التالية: لقد اعتبرت المجموعة التي أتخذت ذلك القرار الشجاع و الحاسم أن الهدف من كل حركة وطنية أصيلة هو الوصول إلى تحرير الوطن و أن الحركة الوطنية في الجزائر بلغت مستوى من النضج يجعل الشعب الجزائري يلتف حول قضية الاستقلال الوطني و يمكن الاعتماد عليه من أجل احتضان الثورة. لقد ظهر جليا بعد سنوات من النضال السياسي أن فرنسا لا يمكن أن تمنح الاستقلال للجزائر بطرق سلمية، فمجازر 8 ماي 1945 و التزوير في الانتخابات لمنع القوى الوطنية من إيصال مطلب الاستقلال بشكل سلمي أكد عل سوء نية السلطات الفرنسية و تشبثها الأعمى بالنظام الاستعماري في الجزائر إن تفجير الثورة كان السبيل الوحيد لتجاوز أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية، هذه الأزمة التي حولت مسار الصراع من صراع ضد المستعمر إلى صراع بين الأشخاص (مصاليين و مركزيين ) و أصبحت تهدد وحدة الشعب و الحركة الوطنية . فالثورة كانت السبيل لوضع الجميع أمام وضع سياسي جديد إما يختارون الالتحاق بها أو يظهروا كعملاء للنظام الاستعماري. إن تطور الوضع على المستوى الخارجي، كان في آن واحد يشجع على انطلاق الثورة من جهة و يفرض التعجيل بذلك من جهة أخرى. فالنضال ضد النظام الاستعماري الفرنسي الذي أحتد في تونس و المغرب و الذي أوشك أن يصل إلى نهايته في الفياتنام أظهر هشاشة هذا النظام و فرض على الوطنيين النزهاء الانضمام إلى هذه الحركة العالمية لدعمها والاستفادة منها في آن واحد. لقد فهمت المجموعة التي فجرت الثورة أن التماطل في العمل الثوري سيعرض الحركة الوطنية للخطر، لأن فرنسا كانت مستعدة لتحرير تونس و المغرب من أجل الحفاظ على الجزائر نظرا للعدد الكبير من الأوروبيين المتواجدين بها و للمصالح الإسترراتيجية التي كانت لفرنسا في هذا البلد. إن تطور الأحداث بعد اندلاع الثورة قد بين صحة هذا التحليل. فعلى المستوى المغاربي كانت الحركة الوطنية منذ نشأتها تطالب بحريرالمغرب العربي و تسعى من أجل توحيد النضال ضد المستعمر الفرنسي ويعتبر تفجير الثورة في فترة كانت حاسمة بالنسبة لتونس و المغرب امتدادا للتوجه المغاربي الإستراتيجي. لقد أعتبر قادة الحركة الثورية في نوفمبر 1954 أن التأخر في تفجير الثورة كان يمثل خطرا على عملية الاستقلال، فقد أدركت القيادة أن فرنسا ستتخلى عن مستعمراتها الأخرى آجلا أو عاجلا مع الحفاظ على علاقات متميزة معها و ستركز كل قواتها على الجزائر نظرا لعدد المعمرين بها و قوتهم السياسية و لموقع الجزائر الإستراتيجي وخيراتها. كما تحصلت قيادات الثورة على ضمانات لدعمها من طرف بلدان العالم العربي والإسلامي بصفة خاصة من طرف مصر التي خرجت منتصرة من ثورتها ضد النظام الملكي بقيادة جمال عبد الناصر. و أخيرا الوضع العالمي الذي كان يتميز بالحرب الباردة بين المعسكر الشرقي و الغربي كان يسمح بالتحرك على المستوى الديبلوماسسي من أجل تدويل القضية. التحضير للثورة: نتيجة لأزمة الحركة الوطنية و تصدع حزب انتصار الحريات الديمقراطية تحاول مجموعة من مناضلي المنظمة الخاصة الذين كانوا يؤمنون بضرورة اللجوء إلى الحل العسكري تجاوز الأزمة و ما ترتب عنها من تردد و شلل و ذلك بخلق تنظيم جديد هدفها إعادة توحيد الصفوف للانطلاق في العمل المسلح، ألا وهي اللجنة الثورية للوحدة والعمل" (CRUA) و ذلك يوم 23 مارس 1954 برئاسة طرف محايد هو محمد بوضياف . حاولت هذه اللجنة الاتصال بالأطراف المتنازعة ولكنها فشلت في مسعاها. و على إثر ذلك أنعقد اجتماعا ضم 22 عضوا في حي الناضور بالمدنية بالجزائر العاصمة يوم 25 جوان 1954 لإتخاذ التدابير التي يقتضيها الوضع . وقد ترأس هذا الإجتماع التاريخي الشهيد مصطفى بن بولعيد وأنبثق عن الإجتماع الموافقة الجماعية على الشروع في العمل لانطلاق الثورة التحريرية و انتخب محمد بوضياف مسؤولا وطنيا مكلف بتشكيل امانة تنفيذية للقيام بالتحضيرات النهائية. و قد تكونت المجموعة من 5 أفراد هم ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، محمد بوضياف، رابح بيطاط، و مصطفى بن بولعيد ثم أنضم إليهم كريم بلقاسم كممثل عن منطقة القبائل و كانت هذه المجموعة بأتصال مع كل من بن بلة و آيت أحمد و خيدر الذين كانوا في مصر. اتخذت مجموعة الستة في اجتماعها ببونت بيسكاد (الرايس حميدو حاليا) قرارا بتقسيم التراب الوطني إلى خمس مناطق وتعيين مسؤوليها وهم: § المنطقة الأولى- لأوراس: مصطفى بن بولعيد. § المنطقة الثانية - الشمال القسنطيني: ديدوش مراد. § المنطقة الثالثة - القبائل: كريم بلقاسم. § المنطقة الرابعة - العاصمة وضواحيها: رابح بيطاط. § المنطقة الخامسة- وهران: محمد العربي بن مهيدي. وفي الاجتماع الموالي أي يوم 23 أكتوبر 1954 تم الاتفاق على: ¨ إعطاء اسم جبهة التحرير الوطني للحركة الجديدة وتنظيمها العسكري جيش التحرير الوطني. ¨ تحديد يوم انطلاق العمل المسلح: بأول نوفمبر. وفي اليوم الموالي 24 أكتوبر تمت المصادقة على محتوى وثيقة نداء أول نوفمبر 1954 الذي يؤكد على: * إعادة بناء الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ضمن إطار المبادئ الإسلامية. * احترام جميع الحريات الأساسية. *التطهير السياسي. * تجميع وتنظيم الطاقات السليمة لتصفية الاستعمار. * تدويل القضية الجزائرية. وغير ذلك من النقاط الهامة، و قد تم توزيع هذا النداء يوم أول نوفمبر 1954 غداة اندلاع الكفاح المسلح مرحلة الانطلاقة 1954م-1956م: وقعت الحوادث الأولى للثورة في مختلف أنحاء الوطن. و بعدد قليل من الرجال أغلب سلاحهم يتمثل في بنادق صيد وبعض بـقايا من أسلحة الحرب العالمية الثانية تم جلبها من قبل المنظمة الخاصة عن طريق وادي سوف. ولقد كانت إستراتيجية الثورة في بدايتها تعتمد على: § - سرعة الحركة وذلك بالاعتماد على مجموعات خفيفة تعمل في أماكن متعددة ومتباعدة. § - العمل على ضرب المصالح الاستعمارية. § - القيام بتجنيد وتعبئة كافة أفراد الشعب للانضمام لجبهة التحرير الوطني. § - الوصول بالعمل العسكري و السياسي و الاجتماعي إلى القطيعة التامة مع النظام الاستعماري . وهذه الإستراتيجية تحكمت في صنعها الظروف التي كانت سائدة آنذاك والتي تمتاز بـ : § - احتدام الصراع داخل صفوف " حركة الانتصار للحريات الديمقراطية" . § - فشل العمل السياسي الذي أجهضته الدوائر الاستعمارية بالاختراق وتزوير الانتخابات. § - الدعاية الفرنسية الزاعمة بأن الداعين للاستقلال ما هم إلا مجرمون. ركزت القوات الفرنسية إهتمامها منذ بداية الثورة على منطقة الأوراس التي أعتبرت معقل الثورة فالعمليات العسكرية لم تتوقف في تلك المنطقة تحملت المنطقة الأولى- لأوراس العبء الأكبر بحيث كثف العدو حصاره لها، مما جعل ذلك من الانشغالات الكبرى لقادة المنطقة الثانية التي كانت هي الأخرى تواجه ظروفا صعبة جدا، وهو ما دفع بقيادتها إلى القيام بعملية عسكرية ضخمة بهدف فك الحصار المضروب على المنطقة الأولى، ونتيجة لذلك حدثت هجومات 20 أوت 1955م على الشمال القسنطيني بقيادة زيغود يوسف. وتعد عمليات 20 أوت أول التحام حقيقي بين جيش التحرير الوطني والشعب من أجل فك الحصار على الثورة في كل مكان وإثبات وحدة الشعب وجيش التحرير الوطني في كفاح واحد حتى الاستقلال التام. ومن أبرز النتائج المترتبة عنها: § - تخفيف الضغط العسكري الذي كان مسلطا على المنطقة الأولى. § - انتشار فكرة الثورة في الأوساط الشعبية. § - التأكيد على أن جيش التحرير الوطني مستعد لمواجهة الجيش الفرنسي في وضح النهار وفي المدن الكبرى. § - إبراز شعبية الثورة ووطنيتها وذلك باشتراك أكبر عدد من أفراد الشعب. § - إعطاء الدليل القاطع للأمم المتحدة على ان ما يجري في الجزائر هو ثورة وطنية وليست مجرد تمرد كما تدعي السلطات الفرنسية، خاصة وأن الأحداث جاءت عشية إنعقاد الدورة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة. § - إبراز وحدة النضال على المستوى المغاربي و تعاطف الثورة الجزائرية مع الشعب المغربي في الذكرى الثانية لنفي الملك المغربي محمد الخامس. مرحلة التنظيم 1956م- 1958م: قرر أن يجتمع قادة المناطق بعد ستة أشهر من إندلاع الثورة لكن الظروف حالت دون ذلك ومن أبرزها فرض حالة الطوارئ على مجموع التراب الوطني، إلى جانب استشهاد ديدوش مراد في 18 جانفي 1955م في معركة "بوكركر" قرب اسمندو. ولكن بعد هجومات 20 أوت تحقق الاجتماع في وادي الصومام في المكان المسمى "إيفري" ببجاية وذلك يوم 20 أوت 1956م. لقد كان مؤتمر الصومام ضروريا من أجل تقييم الوضع بعد أنطلاق الثورة و دراسة المستجدات التى حدثت فى مواقف التشكيلات السياسية الجزائرية وكذلك السلطات الفرنسية و رسم الخطوط العريضة لمواصلة الثورة الجزائرية بغية استرجاع السيادة الوطنية. لقد كان الهدف من المؤتمر تـوضـيـح الأهداف التي جــاءت في نداء أول نــوفـمبر 1954م و تكوين قيادة وطنية موحدة للثورة و توحيد التنظيم العسكري و تحديد المبادئ السياسية و الإيديولوجية الموجهة للنضال العسكري و السياسي . كما كان فرصة للتفكير في قضايا التموين و التمويل و نقص الاتصال بين مختلف الجهات. وقد حضر اللقاء البعض من قادة المناطق وتغيب البعض الآخر لأسباب أمنية . ومن بين الذين حضروا المؤتمر: زيغود يوسف، عبان رمضان، كريم بلقاسم، أعمر أوعمران، عميروش، العربي بن مهيدي، لخضر بن طوبال، مصطفى بن عودة. اتخذ المؤتمر مجموعة من القرارات الهامة في عدة جوانب: فعلى الصعيد السياسي ، تقرر إعطاء الأولوية للنضال السياسي على النضال العسكري و على المسئولين على مستوى مراكز القيادة أن يحافظوا على التوازن بين مختلف فروع الثورة . فيما يخص العلاقة بين الداخل و الخارج تقرر إعطاء الأولوية للداخل على الخارج مع مراعاة مبدأ التسيير الجماعي . كما تقرر تعزيز العمل باتجاه مختلف القوات المناهضة للاستعمار و تجنيد كافة القوى الشعبية و إدماجها ضمن الصراع مع العدو كما تطرق المشاركون إلى تحديد مهام المحافظين السياسين و المجالس الشعبية و صلاحياتها و أعضاء قيادة الثورة ، كيفية تشكيلها و مهامها: ففي الجانب الهيكلي: أسفر المؤتمر عن إنشاء الهيئات التالية: § - المجلس الوطني للثورة الجزائرية وهو أعلى هيئة سياسية للثورة أوكلت له مهام الهيئة التشريعية التى تقرر الحرب والسلم، مكونة من 34 عضوا، 17 منهم دائمون و17 آخرون مؤقتون. § - لجنة التنسيق والتنفيذ مكونة من 5 الى 14 عضوا وهي الجهاز التنفيذي للثورة. وفي الجانب الإداري: قسمت الجزائر إلى ست ولايات وكل ولاية إلى مناطق وكل منطقة إلى نواح وقسمت كل ناحية إلى قطاعات : §- الولاية الأولى : أوراس النمامشة §- الولاية الثانية: الشمال القسنطيني §- الولاية الـثالثة: القبائل §- الولاية الرابعة : العاصمة وضواحيها الجزائر §- الولاية الخامسة: الغرب الجزائري §- الولاية السادسة: الصحراء. وفي ميدان التنظيم العسكري: قرر المؤتمر أن يتكون الفوج من 11 جنديا من بينهم عريف وجنديين أوليين ونصف الفوج يضم 5 جنود من بينهم جندي أول. الفرقة وتتكون من 35 جنديا (ثلاثة أفواج وقائد الفرقة ونائبه). الكتيبة وتتكون من 110 جندي (ثلاثة فرق وخمس إطارات) الفيلق ويتكون من 350 جنديا (ثلاثة كتائب وعشرين إطارا(.... انعكاسات مؤتمر الصومام : مكن مؤتمر الصومام الثورة عبر التنظيم الجديد من تطوير العمل الدبلوماسي و تسهيل الاتصال بها من طرف الدول والتنظيمات الأجنبية. وهكذا بدأت الثورة من توسيع وتطوير علاقاتها مع مختلف دول العالم، الأمر الذي كان له انعكاسات معتبرة على موقف الدول الصديقة لفرنسا والتى أخذت تدريجيا تراجع سياستها تجاه الاستعمار بصورة عامة والاستعمار الفرنسي بصورة خاصة. وكرد من السلطات الفرنسية على كل ذلك استعملت مختلف الوسائل لتحقيق أي إنتصار عسكري على الثورة الجزائرية مرحلة حرب الإبادة بعد 1958م: يبذل ديجول قصارى جهده لخنق الثورة ديبلوماسيا و عسكريا و عزلها إجتماعيا و لكنه يفشل و يرضخ للأمر الواقع فيدخل في مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني تعد هذه المرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها الثورة الجزائرية إذ تواصلت العمليات العسكرية وتوسعت بشكل ضخم، وهذا بعد أن أسندت قيادة الجيش الفرنسي للجنرال شال الذي شرع في تطبيق المشروع العسكري الحامل لإسمه للقضاء على الثورة وذلك باتباع الخطوات التالية: § - غلق الحدود الشرقية والغربية بواسطة الألغام والأسلاك الشائكة المكهربة. § - العمل على إبادة جيش التحرير الوطني في الجبال والأرياف. § - القيام بعمليات عسكرية جوية -برية- بحرية مكثفة لتمشيط البلاد والقضاء على الثوار. § - تجنيد المزيد من العملاء والحركة. ومن أبرز العمليات التي تضمنها مخطط شال: § - عمليات الضباب في منطقة القبائل. § - عمليات التاج )لكورون) على جبال الونشريس. § - عمليات المجهر أو المنظار على جبال الشمال القسنطيني. § - عمليات الأحجار الكريمة على جبال الشمال القسنطيني. § - عمليات الشرارة على مناطق جبال الحضنة بقيادة الجنرال شال شخصيا. وإلى جانب كل هذا لجأ الإستعمار إلى الإكثار من المحتشدات وتهجير السكان ليفصل بينهم وبين جيش التحرير الوطني. كما قام الجنرال ديغول بطرح مشروع قسنطينة الإقتصادي سنة 1958 بهدف خنق الثورة على أساس أن أسبابها إقتصادية إجتماعية في نظره، فقرر ديغول توزيع الأراضي الصالحة للزراعة على الجزائريين وإقامة مشاريع صناعية وسكنية وتعليمية. كما حاول القضاء على الثورة سياسيا بطرح فكرة "سلم الشجعان" . أما بالنسبة للثورة الجزائرية فقد تواصلت بكل قوة وازداد التلاحم الشعبي بها لا ادل على ذلك من المظاهرات الشعبية العارمة في 11 ديسمبر 1960م الرافضة لمحاولات الإغراء التي أنتهجها ديجول. ولمواجهة مشروع شال الذي بدا في فبراير 1959 اعتمدت الثورة على أساليب عسكرية جديدة منها الإكثار من العمليات الفدائية داخل المدن والإعتماد على حرب الكمائن، ونقل العمليات الفدائية إلى قلب فرنسا نفسها بضرب المنشآت الإقتصادية والعسكرية ومما دعم ذلك وقوف المهاجرين الجزائريين في فرنسا إلى جانب الثورة و مساعدة بعض الأوساط الفرنسية .ولعل أبرز مثال على ذلك هو ما حدث يوم 17 أكتوبر 1961م. وفي هذه الأثناء كانت الثورة تستكمل بناء تنظيماتها وهياكلها فقامت في 19 سبتمبر 1958م بالإعلان رسميا عن تشكيل أول حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية التي ترأسها فرحات عباس في البداية ثم خلفه بن يوسف بن خدة في اوت سنة 1961م وهذا بسبب اقتناع قيادة الثورة بأن التمثيل أصبح ضروريا في مثل هذا المستوى لحمل الدولة الفرنسية على تغيير سياستها تجاه الجزائر و تحقيق انتصارات أخرى على الصعيد الديبلوماسي ، ولإقتناع الثورة أيضا بأن التحضير للإستقلال صار ضروريا هو الآخر. مـرحـلـة الـتـفاوض و تقرير المصير : سلم الجنرال ديغول بعد استعمال كل الوسائل بضرورة فتح مفاوضات مع الثورة الجزائرية على أساس مبدأ تقرير المصير فطرح الموضوع على الشعب الفرنسي الذي صادق عليه في استفتاء 8 جانفي 1961م، وكان رد فعل قادة الجيش الفرنسي سريعا إذ أعلن أربعة ضباط فرنسيون التمرد على حكومتهم يوم 22 أفريل 1961م الامر الذي كاد ان يوقع فرنسا في حرب اهلية حقيقية إلا أن الإنقلاب فشل في غضون أيام قليلة. ولكن قبل أن يدخل الجنرال ديغول جديا في عملية التفاوض سبق له أن دعا إلى محادثات في "مولان" في الفترة مابين 25 و29 جوان 1960م إذ أرسلت الحكومة الجزائرية مبعوثين هما محمد الصديق بن يحيى وأحمد بومنجل إلا أن اللقاء لم يكتب له النجاح بسبب المعاملة غير اللائقة التي عومل بها الوفد الجزائري في باريس. فوض إذن الشعب الفرنسي لرئيسه أمر "تحقيق تقرير المصير " فبدأت الاتصالات الأولى بين مبعوثين فرنسيين منهما )جورج بومبيدو (G.Pompidou) (الذي أصبح رئيسا خلفا لديغول) ومبعوثين جزائريين هما أحمد بومنجل والطيب بولحروف. لكن المناورات الفرنسية لم تغب عن هذه الاتصالات الأولى التى بدأت فى 30/3/1961م . في سويسرا، وفى 11/4/1961م صرح الجنرال ديغول " إن الجمهورية الجزائرية ستكون لها سيادة فى الداخل والخارج" وذلك كمحاولة لتقريب وجهات النظر وكمناورة لفرض الشروط الفرنسية فيما يتعلق بمسائل جوهرية مثل: - §مفهوم التعاون الذي يراه ديغول "شراكة ". حقوق الفرنسيين المقيمين التي يراها ديغول متميزة قد تصل الى تخصيص جزء من البلاد لهم ، من ذلك جاءت فكرة التقسيم والمشاريع العديدة الى وضعت فى هذا الشأن مثل مشروع "بيرفيت" "A.Peyrefitte ". -§ وحدة التراب الوطني التي يراها ديغول دون الصحراء التي يعتبرها فرنسية. وأمام هذه المطالب انسحب الوفد الجزائري معتبرا الهوة شاسعة بين الطرفين ، ويتجدد اللقاء بعد شهرين فى 20/5/1961م بافــيـان ولوغران "Evian/Lugrin" فتغيرت شروط الفرنسيين بعض الشئ إذ استبدل مفهوم الشراكة بالتعاون، مع بقاء الخلاف حول الوحدة الترابية ووحدة الشعب الجزائري، وتنقطع المفاوضات مرة أخرى لتعود فى سبتمبر 1961م فى نفس المكان، وتراوغ السلطات الفرنسية إلى أن ينتهي بها الأمر إلى الاعتراف نهائيا بوحدة التراب الوطني وبوحدة الشعب الجزائري، وذلك فى آخر مرحلة من مراحل المفاوضات في بداية مارس 1962م، ولكنها كانت قد قامت بمسعى أخير لتفريق الصفوف بمحاولة كسب تأييد شعبي لمشروع فصل الصحراء عن الجزائر ولكن المشروع قوبل بالرفض من طرف الأعيان وكذلك من طرف الشعب الذي خرج فى ورقلة فى مظاهرة شعبية عارمة، فاضطرت الى تسليم موافقتها على ما اتفق عليه. وهكذا دعي المجلس الوطني للثورة الجزائرية للمصادقة على مشروع الاتفاقيات التي وقعت فى 18/3/1962م على الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر وعرفت بــ" اتفاقيات إفيان " وبذلك تطوى صفحة الاستعمار فى الجزائر. لكن المتربصين بالجزائر لم يتركوا لها فرصة تضميد الجراح ، فقد عمدت " منظمة الجيش السري " "OAS"إلى تطبيق سياسة الأرض المحروقة ووجهت ضرباتها إلى الطاقات الحية فى البلاد وكذلك إلى كل المنشآت التي يمكن أن يستفيد منها أبناء الشعب في ظل الاستقلال والحرية، فاغتيل الرجال وأحرقت المدارس والجامعات والمكتبات. وبعد التوقيع على الاتفاقيات أعلن عن توقيف القتال الذي دخل حيز التطبيق يوم 19 مارس 1962على الساعة الثانية عشر. وشرعت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في الترتيب لاستفتاء تقرير المصير ولإعلان الاستقلال فى 5/7/1962م أي مباشرة بعد إعلان النتائج، ووجه الجنرال ديغول فى هذا اليوم رسالة إلى السيد " عبد الرحمن فارس " رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة التي أشرفت على تسيير المرحلة الانتقالية، أرسل له رسالة كان نصها : "نظرا للنتائج التى أسفر عنها استفتاء تقرير المصير فإن الصلاحيات الخاصة بالمقاطعات الفرنسية السابقة فى الجزائر تحول ابتداء من اليوم الى الهيئة التنفيذية المؤقتة للدولة الجزائرية...". الجزائر عشية الاحتلال كانت الجزائر خلال العهد العثماني من أقوى الدول فى حوض البحر الأبيض المتوسط، وذات مكانة خاصة فى الدولة العثمانية ،إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مكنها من نسج علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم، بل وهي أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789 م وبالثورة الأمريكية بعد استقلالها عن التاج البريطاني عام 1776م. كان الإسم الحقيقي للدولة الـجـزائـريـة هو "أيـالـة الجــزائر" أو " مملكة الجزائر"، وبهذه الأسماء أبرمت عشرات المعاهدات مع دول العالم. كما بلغ أسطولها البحري قوة عظيمة بحيث استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة فى المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية خاصة والدولة العثمانية عامة وبصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية فى هذا البحر، وهو ما جعل الدول الأوربية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى بـ " القرصنة " التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوربيين بموافقة دولهم ومؤازرتها لهم. في حين أن ذلك كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري الذي انطلق منذ القرن الخامس عشر-حملة شارل الخامس على الجزائر 1541- والذي دخلت الجزائر بمحض اختيارها من أجله ضمـــن "السلطة العثمانية " وتحت حمايتها. -النظام الاداري: أخذت ولاية الجزائر شكلها الأخير في عهد الباشاوات و الدايات وصار يوجد في المركز إلى جانب الولاية ديوان هو عبارة عن مجلس للشورى وكان أهم أعضائه المتألف من خمس موظفين هو المسئول عن الخزينة والناظر لشؤون المالية ، ويأتي بعده المكلف بالشؤون البحرية ، و يسمى وزير البحرية . وكان يقوم بمهمة كتابة الديوان أربعة كُتَّاب ، اما خوجة الخيل فكان يشكل حلقة وصل بين الحكومة و الشعب.كما أدى استحداث نظام التشريفات مع نهاية القرن 18 اثر في توفير الاستقرار و الهدوء للسلطة بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت الدايات .كما ظهر في هذه الفترة اللبنات الأولى لجهاز تنفيذي يشبه مجلس الوزراء وهي الهيئة التي كان يطلق عليها اسم الديوان أو مجلس الداي السري و في داخلها تبلوت عدد من المصالح الإدارية. قسمت الولاية إلى ثلاثة أقاليم – إقليم الشرق و الغرب و التيطري- بالإضافة إلى الإقليم المركزي الذي يدعى دار السلطان ، وكان يوجد على رأس كل واحد من هذه الاقاليم ما يُسمَّى بالباي. أما أمن البلاد في الداخل فكان تؤمنه القبائل المعفاة من الضرائب والمتمتعة بالامتيازات ، إذ كانت وظيفة هذه القبائل المسماة بالمخزن هي فرض الطاعة على القبائل الأخرى الملزمة بدفع الضرائب. ومن مظاهر استقلال الجزائر قبل هذه الفترة و خلالها هو ان الداي كان: - يعقد الاتفاقيات الدولية. - يستقبل البعثات الديبلوماسية –القناصل- - و يعلن الحرب و يبرم معاهدات السلام. الوضع السياسي الداخلي: تميز الوضع الداخلي للجزائر مع مطلع القرن التاسع عشر بعدم الاستقرار حيث تعرضت البلاد في هاته الفترة إلى سلسلة من الفتن اندلعت في مختلف المناطق كانت أخطرها تلك التي نشبت في شمال بايلك الشرق، و كذلك تلك التي اندلعت في المقاطعة الغربية تحت راية الطريقة الدرقاوية. في سنة 1803 نشبت ثورة عارمة في منطقة الشمال القسنطيني بقيادة مغامر يدعي ابن الاحرش و التي كانت خيوطها قد أحيكت من خارج البلاد .لقد قام حمودة باشا باي تونس الذي كان في خلاف مع الحكومة الجزائرية بتجهيز ابن الاحرش لإشعال نار الفتنة في بايلك الشرق.امتد لهيب الفتنة حتى مدينة قسنطينة عاصمة الإقليم التي كادت أن تسقط بين يديه لولا المقاومة التي أبداها السكان في الدفاع عن المدينة.كما تمكنت القوات الحكومية من محاصرة هذه الثورة و تضييق الخناق عليها دون التمكن من القضاء عليها تماما.عند منتصف العشرينات من القرن نجد أن القنصل الفرنسي بيير دوفال يفكر في كيفية توصيل الأسلحة لهؤلاء المتمردين في إطار خطة تهدف إلى القضاء على الدولة و تشتيت شمل أقاليمها. إن ثورة الدرقاوة في بايلك الغرب لم تكن اقل خطرا على البلاد من ثورة ابن الاحرش في الشرق . وخيوط هذه الفتنة نسجت هي الأخرى من الخارج. لقد قام احد أتباع الطريقة الدرقاوية و يدعى محمد بن عبد الله باستشارة شيخ الطرية التي مقرها في المغرب حول شرعية قيامه بعصيان ضد الحكم المركزي في الجزائر فأجاز له ذلك.و على اثر ذلك قام بإشعال الثورة في المقاطعة الغربية. كما استعلت نار العصيان كذلك في مناطق النمامشة و الاوراس ووادي سوف بين 1818 و 1823 . و عندما أصيبت البلاد بفاجعة الغزو الفرنسي كانت جراح الايالة لم تلتئم بعد. علاقات الجزائر الخارجية: لقد ارتكزت الدبلوماسية الجزائرية في علاقاتها مع الدول الأوربية خلال الثلث الأول من القرن التاسع عشر على جملة من المبادئ الأساسية تعود إلى القرن السادس عشر نوجزها فيما يلي: -/ التعاقد المتكافئ مع أي طرف كان: لم تعقد الجزائر مهما كانت الظروف أي اتفاقية في حالة ضعف. -/ الوفاء بالعهد و التقيد بالالتزام بشروط الاتفاقيات. - / اعتبار حالة السلم هي الحالة الطبيعية في العلاقات الدولية و الحرب هي حالة استثنائية و المساواة في التعامل مع جميع الدول على حد سواء ، والالتزام بسياسة الحياد في الصراعات الأوربية منذ القرن 17. و مع ذلك واجهت الجزائر ظروفا جد حرجة بسبب الصراع المتأجج في أوربا ، و خاصة منذ سنة 1800 حين قامت الجزائر بإبرام هدنة مع فرنسا وقد كانت في حالة حرب معها بسبب غزوها لمصرفي 1798. لقد أثارت هذه الهدنة ردود فعل معادية من قبل كل من انجلترا و الدولة العثمانية . لقد هددت انجلترا باستعمال القوة لإجبارها على إلغاء هذا الاتفاق مع فرنسا إلا أنها اضطرت إلى التراجع. إن تمسك الجزائر بمبدأ الحياد في الصراع الأوربي – الانجليزي الفرنسي بالخصوص –كان احد الأسباب التي دفعت انجلترا إلى العمل من اجل الانتقام منها، عندما أتيحت لها الفرصة بعد انتهاء الحرب الأوربية سنة 1814. تحسنت العلاقات الجزائرية – رغم ما سبق- كثيرا في عهد الداي علي خوجة الذي جاء قبيل الداي حسين، حيث تحسنت العلاقات الجزائرية التونسية و انطفأت نار الفتنة وكذلك مع المغرب و طرابلس، بدليل التبرعات التي أرسلها سلطان المغرب مولاي سليمان و المراكب التي بعث بها يوسف باشا باي طرابلس و هي التبرعات التي جاءت إلى الجزائر بعد اعتداء الكسومث . كانت العلاقات مع الدول الأجنبية تتباين من دولة لأخرى : فالعلاقات الجزائرية الفرنسية كانت تتأرجح بين التوتر و الهدوء خاصة بين سنوات 1808 – 1814 ،بسبب الديون و تحصين المراكز التجارية في الشرق الجزائري التي أصبحت تعرف بالباستيون . أما الانجليز و الهولنديين فقد اتضح موقفهما بعد الاعتداء الثنائي على مدينة الجزائر سنة 1816 بقصفها لمدة أكثر من 9 ساعات بمدافع أكثر من خمسين قطعة بحرية ، ستة منها هولندية. كانت الخسائر الانجليزية معتبرة 883 قتيل و 1500 جريح و أضرار جسيمة لحقت بسفينة القيادة – الملكة شارلوت-. أما الجزائر فرغم الدمار الشبه كلي للأسطول الجزائري اثر هذا العدوان المباغت إلا أن دبلوماسيتها لم يعرها أي تخاذل أو ضعف ، بسبب تبرعات الدول الصديقة و المجهودات المحلية حيث جمعت قبل سنة 1820 قوة بحرية تفوق تلك التي دمرها الانجليز. برز الموقف الروسي بجلاء في مؤتمر لندن الذي سبق مؤتمر اكس لاشابيل حيث قدم المندوب الروسي مذكرة وزعت على المندوبين الأوربيين تطالب بضرورة استعمال القوة البحرية و البرية معا لكي يتحقق هدف التحالف الأوربي و المتمثل في تصفية وجود الدولة الجزائرية في البحر المتوسط. كانت الدولة الوحيدة التي تحضى باحترام الحكومة الجزائرية هي الولايات المتحدة الأمريكية من خلال احترام السفن الأمريكية المبحرة في المنطقة و ذلك بعد المفاوضات الناجحة التي قام بها السيد شالر مع الحكومة الجزائرية و التي انتهت بتعيينه من قبل بلاده سفيرا في الجزائر في 31 جوان 1815. لقد بادرت أوربا فى "مؤتمر فيينا "1814 - 1815 م بطرح موضوع " أيالة الجزائر " فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة فى مؤتمر " إكس لا شابيل " عام 1819 م حيث وافقت 30 دولة أوربية على فكرة القضاء على " دولة الجزائر". و أسندت المهمة إلى فرنسا وانكلترا ، و توفرت الظروف المناسبة للغزو عندما تمكنت بحرية البلدين من تدمير الأسطول الجزائري في معركة " نافارين" سنة 1827م، حيث كان في نجدة الأسطول العثماني وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط. الوضع الاجتماعي و الاقتصادي: في المرحلة الأخيرة من حياة الدولة الجزائرية قبل الاحتلال أصبحت الحالة الصحية للسكان تزداد سوءا و تدهورا باستمرار، مما اثر سلبا على نمو السكان و ترك اثأرا سيئة على وضعهم الاجتماعي : فتضاءل سكان المدن و تناقص سكان الأرياف ابتداء من أواخر القرن 18 تسبب في تناقص عدد القوات البرية و البحرية، و ندرة الحرفيين و الصناع و افتقار الأرياف إلى اليد العاملة في الزراعة. يعود سبب سوء الحالة الصحية إلى انتقال العدوى و انتشار الأمراض في الأقطار المجاورة، و ذلك لصلة الجزائر بعالم البحر و انفتاحها على الأقاليم الأوربية والعربية التي كانت مصدر مختلف الأمراض كالكوليرا و التيفوس و الجذري و الطاعون و السل عبر توافد التجار و البحارة و الحجاج و الطلبة إلى الموانئ الجزائرية. وقد تميزت السنوات التالية من القرن 19 باشتداد هذه الأمراض : 1804-1808-1816 إلى 1822. يضاف إلى سوء الأحوال الصحية حدوث الكوارث الطبيعية التي أدت بدورها إلى تناقص السكان و تضرر الاقتصاد ، و تمثلت في الجفاف ، الجراد ، الزلازل و الفيضانات و غيرها. أمثلة : - زلزال عنابة 1810-مدينة الجزائر 1818-إقليم الساحل و متيجة 1825 . - زحف الجراد : سنوات 0 180-1804-1816-1822 و 1824. لقد تميز الربع الأول من القرن التاسع عشر بتكاثر المجاعات التي تميزت بها سنوات : 1800- 1806-1807-1816 و 1817. أما التعداد الإجمالي لسكان الجزائر قبل الاحتلال فكان حوالي ثلاثة ملايين أو أكثر. إن هذه الجوائح السالفة الذكر أثرت سلبا على الوضع الاقتصادي و الاجتماعي إلا أنها لم تمنع انتشار البساتين ذات المحاصيل المختلفة من : برتقال ، ليمون ،عنب ،لوز ، مشمش، تفاح ، خوخ و حب الملوك غيرها- ، و كذا الحدائق في العاصمة و غيرها و التي وصفت من قبل الكتاب الفرنسيين المصاحبين للحملة الفرنسية بأنها من أكثر مناطق العالم انشراحا و بهجة ، بالإضافة إلى الطابع الرعوي الذي كان يتركز في الأرياف و أطراف المدن. لقد انفردت الحواضر بالنشاط الحرفي الذي يوفر الضروريات المنزلية ، و تمثل النموذج الصناعي في صناعة الأحذية و الأغطية و الافرشة و الشموع ثم تطورت لتشمل الدباغة ، النجارة، الحدادة ، الصباغة وصناعة الأسلحة و المجوهرات و حياكة الصوف و كان لكل حرفة نشاطها الخاص و مسؤول يشرف عليها. إضافة إلى صناعات أخرى كانت تحتكرها الدولة كصناعة السفن و مسابك المدافع و مطاحن الدقيق و المناجم . أما على الصعيد التجاري فلقد كانت العلاقات الجزائرية في هذا القطاع تشمل البلدان العربية في المغرب و المشرق و كذا الدول الأوربية التي كانت تصلها الصادرات الجزائرية الزراعية و الصناعية : الحبوب التي كان يسيطر على تجارتها السماسرة اليهود الذين كانوا يصدرون كميات كبيرة منها بين سنوات 1788 و 1819 رغم القحط و الجفاف.. ، كما كانت تصدر زيت الزيتون، التمر ،التين ، البرتقال.. و الأبقار و الأغنام و الخيول بالإضافة إلى الشمع و الجلود و الصوف و ماء الورد و الزرابي و الأغطية و بعض السلع الشرقية كالتوابل و الحرير. أما المسعى المعرفي فكان موجه بالأساس إلى العلوم الدينية و بدرجة اقل فنون اللغة العربية و بعض العلوم كالحساب و الرياضيات و شيء من الفلك .
| |
| | | المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| موضوع: رد: تاريخ الجزائر مختصر الثلاثاء 23 فبراير 2010, 15:59 | |
|
المقاومة الوطنية في الغرب و الشرق الجزائري 1832-1847. بعد انسحاب قوات المغرب الأقصى و رحيل باي وهران الحسن بن موسى إلى الإسكندرية و جلاء القوات التونسية انحصرت المجابهة في ولاية وهران و الإقليم الغربي بين الفرنسيين و الجزائريين . أمام هذه الأوضاع قام سكان المنطقة الغربية بتفويض أمر قيادتهم إلى احد زعمائهم و هو شيخ زاوية القيطنة التابعة للطريقة القادرية وهو محي الدين بن مصطفى الهاشمي و هذا بعد أن عينت فرنسا بايا موال لها على وهران . لقد تمكن الشيخ محي الدين من مضايقة العدو الفرنسي في وهران من خلال : - هجوم 17 افريل 1832 بضواحي وهران على دورية استطلاعية فرنسية. - توجية تحد إلى قائد القوات القوات الفرنسية بوهران بتاريخ 1 ماي 1832 بالجلاء عن المدينة أو الخروج للقتال إلا أن القائد الفرنسي رفض الرد عليه. - هجوم 3 ماي على و هران بمشاركة عبد القادر بجوار أبيه و تضييق الخناق على حصن سانت فيليب بالمدينة. - حصار اقتصادي و هجوم 16 ماي على المدينة إلا أن حلول العيد حال دون استمرار الهجوم. - هجوم 19 ماي على وهران مكن من الاستيلاء على القطعان التي تمون بها القبائل الموالية قوة الاحتلال. و لما كانت وهران مدينة محصنة تحصينا قويا فان هذه الهجمات لم تكن لها نتائج ملموسة ، إلا أنها أثبتت إرادة الكفاح الشعبي و تدريب المجاهدين على أساليب الحرب مع الفرنسيين و قطع الطريق على القبائل المتعاملة مع المحتل و لاسترداد الأمن الذي كان في تدهور مستمر. أمام هذا الوضع اجتمع الأعيان و الأشراف في الإقليم الغربي و عرضوا الإمارة على محي الدين في 21 نوفمبر 1832 بسهل غريس فقدم ابنه عبد القادر. تمت مراسيم المبايعة الأولى ( الخاصة) في 3 رجب 1248 الموافق ل 27 نوفمبر 1832 و حرر نص البيعة عم الأمير السيد علي أبي طالب. أما البيعة الثانية ( العامة ) فكانت بحضور مختلف المناطق و القبائل و الأشراف و العلماء فكانت في 13 رمضان 1248 الموافق ل 3 فبراير 1833 و حرر الوثيقة الثانية العالم الشهير ( محمود بن حواء المجاهري ). و كانت أول جولة تفقدية للأمير خارج معسكر في فبراير 1833 بهدف فرض الطاعة. كانت خطط الأمير عبد القادر في البداية تستند على جملة من المقومات أهمها : - توحيد الصفوف الداخلية بتوسيع قاعدة الاعتراف بسلطانه. - تشديد الضغط و الحصار الاقتصادي على الحاميات الفرنسية في المدن الساحلية و العمل بمختلف الوسائل لحمل الجيش الفرنسي على الخروج من قلاعه للقتال في داخل البلاد. وهذه الخطط كان من نتائجها تعزيز الإمكانيات المالية و العسكرية لجيش الأمير و عزل قوات ( ديميشال )- الذي و صل إلى وهران في 23 افريل 1832 خلفا للجنرال بواييه – الذي أصبح يتمون عن طريق البحر. إن هذه الإجراءات نشرت القلق في صفوف العدو الذي سارع إلى طلب الصلح من خلال اتصالات سلمية مع الأمير سنة 1834 انتهت بمعاهدة ( ديميشال ) التي نصت على : - تبادل الأسرى . - الاعتراف بالأمير عبد القادر كمسئول عن منطقة الغرب كله . - تبادل القناصل . - تامين الطرق التجارية. بعد أن أرسلت هذه المعاهدة إلى السلطات الفرنسية في باريس رفضتها باعتبارها غير رسمية، و عزلت ديميشال و عوضته بتريزيل. استطاع عبد القادر أن يلحق الهزائم تلو الأخرى بالجيش الفرنسي وجعل الحكومة الفرنسية في ارتباك دائم اثر هزيمة تريزيل في معركة سيق في 26 جوان 1835 ،وعندما حلت بالفرنسيين الهزيمة الكبرى في معركة (المقطع) في 27 جوان 1835، اهتزت الحكومة الفرنسية وعقدت اجتماعاً طارئاً ضم كبار القادة العسكريين وتقرر إنهاء مقاومة عبد القادر ومقاومة جيشه بأي شكل كان، ومهما كانت التكاليف؛ إنقاذاً لما بقي من هيبة فرنسا أمام العالم وأمام الشعب الفرنسي. وكان من نتائج هزيمة المقطع ما يلي: - عزل الحاكم العام د ورليون و كذا الجنرال تريزيل. - تعيين الماريشال كلوزيل حاكما عاما على الجزائر في جويلية 1835 ( للمرة الثانية). شرع كلوزيل في مهاجمة معسكر عاصمة الأمير التي وجدها خالية ، و تمكن عبد القادر من فرض حصار على المدينة و مراقبة كل الطرق المؤدية إليها من وهران و تلمسان ، و إن كان الجنرال بيجو قائد المنطقة الغربية تمكن من فك ذلك الحصار إلا انه انهزم أمام قوات الأمير قرب تلمسان في معركة وادي السكاك في جويلية 1836 و هي الهزيمة التي أجبرت القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة جديدة مع الأمير هي معاهدة التافنة في 30 ماي 1837. سعت فرنسا من خلالها إلى تحقيق ما يلي: - التفرغ للقضاء على مقاومة احمد باي في الشرق. - انتظار وصول الإمدادات من فرنسا. - فك الحصار على المناطق الفرنسية... المقاومة في الشرق ( احمد باي ): قام كلوزيل في 1836 بمحاولة لاحتلال قسنطينة كمرحلة أولى دخولا من عنابة بنفسه – دون علم الحكومة الفرنسية – إلا انه مني بهزيمة كبرى أمام الخطة التي احكمها احمد باي حيث قسم جيشه إلى قسمين : - الأول يضم 2000 مقاتل بالمدفعية للدفاع عن المدينة من الداخل بقيادة ( بن عيسى ). - القسم الثاني بقيادة الحاج احمد باي نفسه لمهاجمة القوات الفرنسية خارج أصوار المدينة. وكان من نتائج هذه الهزيمة هو عزل كلوزيل نهائيا عن الجزائر و تعويضه( بدام ريمون). الحملة الثانية 1837 : كانت بقيادة دام ريمون نفسة بمشاركة 5 جنرالات هم : بريقو ،فالي ، سانت ارنو ، يوسف و دولامورسيار، لعبت فيها المدفعية دورا حاسما بحيث أدرك الفرنسيون بان الدخول إلى المدينة لن يتحقق إلا بإحداث ثغرات في أسوارها و التسلل منها إلى الداخل. تحركت القوات الفرنسية من عنابة في شهر اكتوبر و شرعت في قصف المدينة من سطح المنصورة و الذي دام أياما لكن المدينة صمدت من جديد و فيها أصيب قائد الحملة بشظية مدفع أردته قتيلا. تولى القيادة بدل دامريمون الجنرال فالييه فواصل القصف حتى احدث ثغرات في أصوار المدينة ، و تحول المشهد إلى معارك جسما لجسمن كانت ملحمة دموية سقط على إثرها قائد الدار ( الحاج محمد بن البجاوي ) شهيدا ، و اختفى الحاج احمد باي الذي لجا إلى اخواله في الاوراس مع وزيره بن عيسى و دافع الباقون حتى آخر نفس. و أباح الجنرال فالييه ما أباحه قبله ديبورمون على العاصمة من نهب و تخريب و اعتداء. و اثر ذلك أرسل شيخ المدينة ( محمد بن الفكون ) و فدا إلى فالييه لتامين حياة الناس. يقول د/ سعد الله في كتاب الحركة الوطنية الجزائرية – الجزء الأول- ص 157 ما يلي : لقد شهدت سنة 1837 طلوع نجم و أفول نجم ،احدهما يمثل المستقبل و الثاني يمثل الماضي. و لقد صدق ( فالييه) عندما حذر حكومته من الخطر الذي يمثله عبد القادر و لا يمثله الحاج احمد ،عندما كتب من الجزائر إلى وزيره للحربية يقول له إن الباي ليس له سوى قوة غير دائمة ، و هو ليس باعثا للقومية العربية ، كالأمير عبد القادر ... جاءت اهم بنود معاهدة التافنة كمايلي: - اعتراف فرنسا بدولة الأمير التي تشمل حسب النص الفرنسي كل من بايلك الغرب و الوسط و التيطري باستثناء المدن : وهران ، مستغانم و الجزائر. أما في النص العربي فحدود الأمير تمتد حتى تونس شرقا. - اعتراف الأمير بفرنسا و سيادتها على الجزائر حسب النص الفرنسي ، بينما في النص العربي الأصلي فان الأمير عرف بوجود فرنسا بالجزائر. - حرية التجارة. - تبادل الأسرى. - تبادل القناصل. - مراقبة هروب المجرمين من طرف لآخر . - للأمير الحرية في شراء الأسلحة من فرنسا... استغل الأمير عبد القادر فترة الهدنة و شرع في تنظيم دولته و إصلاح حال بلاده و ترميم ما أحدثته المعارك ، فركز أولا على الجيش حيث شكل جيشا نظاميا بعدما كان من المتطوعين في السابق و استقدم مختصين اسبان و انجليز لتدريبه. - أقام مصانع للأسلحة ( مليانة ، المدية و سعيدة ) و استغل حديد جبال زكار. - سك العملة. - صنع علما للدولة الجزائرية الجديدة و المتمثل في قطعة من القماش الأخضر يتوسطها بياض بداخلها يد مخمسة صفراء. - اتخذ لدولته تنظيما إداريا خاصا لم يكن معروفا عند العثمانيين من قبل : خلافة معسكر ، تلمسان ، مليانة ،ثم استخلاف بسكرة ثم البرج و سطيف و البويرة. و بلغ عدد الخلافات في سنة 1838 – 1839 عشر إدارات مركزية على رأس كل إدارة خليفة و هو في مقام الوالي الحالي. و من أشهر خلفاء الأمير الذين و قفوا إلى جانبه أوقات الشدة نذكر :مصطفى بن التهامي خليفة معسكر ، محمد بن علال عن مليانة، بن عيسى البركاني عن المدية و احمد الطيب بن سالم خليفة البويرة و كذلك عبد السلام المقراني عن مجانة . - كما اهتم بالقضاء و أسنده إلى علماء بارزين ، كما أولى اهتماما كبيرا بالتعليم المنظم و نسخ المخطوطات ووفر الكتب. - إقامة علاقات ديبلوماسية مع بعض الدول كبريطانيا ، اسبانيا و الولايات المتحدة الامريكية. - كما انشأ حكومة متكونة من : - المولود بن عراش : وزير الخارجية. - احمد بن علي ابي طالب : الكاتب . - محمد بن علي الرحاوي : الحاجب. - الحاج الجيلاني : ناظر الخزينة . - محمد بن العربي : وزيرا ... بدأت التحرشات الفرنسية على الأمير منذ سنة 1838 – لخرق المعاهدة لان الفرنسيين لم يعودوا بحاجة إليها بعد أن تخلصوا من باي قسنطينة – في محاولة منها لإعادة النظر في بعض بنود المعاهدة ، كما اتصل( فالي) بكل من محمد بن علال خليفة مليانة ، و بن عيسى البركاني خليفة المدية من اجل إغرائهم و استمالتهم له . كما أراد إضافة بند في المعاهدة بموجبه تتقلص حدود دولة الأمير في الشرق . في سنة 1839 أعلنت الحرب من جانب فرنسا بقيادة الماريشال فالي بالهجوم على المدية ثم مليانة. و في 1841 قررت فرنسا بناءا على المعطيات الجديدة بان بقاء الأمير بدون حرب يعني بقاء فرنسا محصورة في المدن الساحلية فقط ، لذلك بدأت في رفع جيشها من 40 ألف إلى 100 ألف و عوضت الماريشال فالي بالماريشال بيجو كحاكم عام على الجزائر الذي سعى إلى ضرب المعاهدة عرض الحائط. و دخلت بذلك الجزائر بين 1841-1847 في صراع مميت بين الأمير عبد القادر و بيجو. جاء الماريشال بيجو إلى الجزائر مدعما بصلاحيات كثيرة منحها له البرلمان الفرنسي مقابل القضاء على الأمير و طبق لذلك الغرض الخطة التالية : - عملية التجويع : القضاء على كل المواد الغذائية التي يمكن ان يستغلها الأمير . - حشد القبائل – و مس هذا الإجراء كل القبائل المساندة للأمير – و نقلت إلى أماكن خاصة (المحتشدات ) لعزل المقاومة عن المساندة البشرية . - سياسة الرعب من خلال حرق الحقول و جمع الماشية و الاستفادة منها، و إرهاب قادة القبائل بالإعدام و النفي الجماعي و إبعاد كل المشبوه فيهم... لم يبق سوى المناطق التي لم تصلها أيدي الاستعمار بعد (الجنوب الغربي و الصحراء). بعد أن انتزع المستعمر من عبد القادر عاصمته معسكر و تلمسان و سعيدة... اضطر الأمير إلى الانسحاب إلى الجنوب بعاصمته المتنقلة ( الزمالة ) . و في 16 ماي 1843 و قعت معركة الزمالة في طاقين بجبال الونشريس و كان الأمير متجها نحو الشلف، فحوصرت الزمالة من شتى الجوانب بعد أن دل على مكان تواجدها بعض الخونة. و هكذا وقعت الزمالة في يد فرنسا و كان الدوق دومال ابن الملك لويس فيليب على رأس الجيش الفرنسي في هذه المعركة . و كان من بين القتلى في المعركة ابن علال خليفة عبد القادر على مليانة ، كما اسر الأولاد و النساء. أما الخسائر المادية للأمير فكانت كبيرة تتعلق بالميزانية و الماشية... و نفي بعض الأعضاء إلى جزر كاليدونيا الجديدة و كورسيكا و سانت مارغريت. اضطر الأمير إلى اللجوء بمن بقي معه إلى المغرب الأقصى (عين زورة بجبال الريف )، و ذلك بهدف الحصول على تأييد و معونة المغاربة لمواصلة المقاومة ، و للبحث عن الأمن و الاستراحة و التموين. لم تمر سنة 1844 حتى حدثت حادثة أخرى و هي الحرب بين فرنسا و المغاربة بسبب الأمير عبد القادر حيث كلف بيجو كل من الضابطين بيدو و لامورسيير بالزحف على منطقة الحدود المغربية و احتلت وجدة في شهر جوان في الوقت الذي كانت فيه البوارج الفرنسية تقذف مينائي طنجة و الصويرة . اضطر سلطان المغرب اثر ذلك إلى الرضوخ لمطالب الفرنسيين و أمضى معهم معاهدة مهينة في سبتمبر من نفس العام ( معاهدة طنجة ) اعترف فيها بان الأمير عبد القادر خارج عن القانون، و تعهد بان يطرده من بلاده أو يعتقله و يسلمه إليهم. و لقد اثأر هذا الموقف المتخاذل شعور الشعب المغربي الشقيق الذي هب إلى نصرة الأمير حيث عرضت عليه قبائل الريف مبايعته سلطانا عليهم إلا انه رفض و قال : جئت إلى المغرب أجيرا و ليس متمردا. مابقي من السنوات : ( 1845-1846 و 1847 ) لم يجد الأمير من ملجأ فقد استولت فرنسا على كل المناطق تقريبا ماعدا بلاد القبائل . آخر معارك الأمير كانت سنة 1846 هي معركة سيدي إبراهيم قرب سيدي بلعباس و أخرى بسهل متيجة أبلى فيهما الأمير بلاءا حسنا. في 1847 دخل الأمير الحدود المغربية فلاحقته الدوريات المغربية حتى الضفة الغربية لواد ملوية ، و لما قطع إلى الضفة الشرقية و جد الجيش الفرنسي محاصرا له، فاضطر إلى الدخول في معركة مع المغاربة وهزمهم و استولى على أمتعتهم و ذخائرهم. حاول الأمير في آخر محاولة له الاتصال بالسلطان المغربي فأوفد إليه احد أعوانه السابقين ( البوحميدي الولهاسي ) يطالبه بحق الملجأ و مرور الأسلحة إلى الجزائر ، إلا أن السلطان اسر البوحميدي بل و دس له السم فقتله في زنزانته، و رغم أن احد وزراء السلطان كان يراسل الأمير سرا و يساعده في الخفاء إلا انه عندما اكتشف أمره من خلال رسالة للأمير وجدت عنده قتل هو بدوره. لقد أدرك الأمير بعد ذلك أن حظه العسكري قد انتهى ففكر في تسليم نفسه و لكن ليس لمن خدعه ( سلطان المغرب ) بل تفاوض مع السلطات الفرنسية بعد مشاورة أصحابه و اشترط الأمير على لامورسيار ممثل الدوق دومال في المنطقة الغربية مايلي : - الخروج بأمان . - اختيار المنفى الذي يريد . - أن يأخذ معه مايرغب من أهله و أتباعه. - معاملة من بقي من أتباعه معاملة حسنة. وافق دومال على الشروط وكتب إلى الأمير بالموافقة و تمت مبادلة الوثائق في سبتمبر 1847 و بناءا على ذلك حضروا إلى جامع الغزوات فسمح بالصلاة ثم اركب سفينة لتذهب به إلى الإسكندرية أو مكة إلا أن السفينة لم تذهب لا لتلك و لا لتلك بل ذهبت إلى مرسيليا حيث سوف يبقى بفرنسا 5 سنوات كاملة ضد إرادته.( فرنسا لم تف بوعدها للأمير). بداية التحول من المقاومة المسلحة الى النضال السياسي. استمرت فترة المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسي عسكريا اكثر من سبعين عاما دون التمكن من تحقيق نتائج عسكرية ملموسة نظرا لعدة عوامل منها : - غياب عنصر التنظيم. - الافتقار للشمولية الجغرافية. - نهاية المقاومة في الغالب بانتهاء زعيمها. إلا أن هذه المقاومات و في الوقت ذاته كشفت عن حقيقة الاستعمار الهمجي ، المتسلط و العنصري و إن تستره وراء نشر الحضارة و التمدن و تخليص الجزائريين من الحكم التركي الجائر لم إلا خدعة. كما ان المقاومة الشعبية أكدت تعلق الشعب الجزائري بوطنه و بمقومات شخصيته، و أكسبته دروسا و تجارب مفيدة استفاد منها مفجروا ثورة نوفمبر 1954 الخالدة. مع بداية القرن العشرين غير الجزائريون من أسلوب كفاحهم بلجوئهم إلى النضال السياسي لتحقيق الأهداف الوطنية،و لقد شجع هذا التغير جملة من الأحداث المحلية و الدولية. 1- الظروف المساعدة على التحول داخليا: - ظهور فئة النخبة الجزائرية و سعيها الحثيث لتغيير ظروف الجزائريين الاجتماعية ،السياسية و الاقتصادية... - فشل المقاومة المسلحة في تحقيق الاستقلال. - بروز نهضة فكرية و إعلامية بقيادة جماعة من المثقفين الجزائريين أمثال : محمد كحول، عمر راسم، عمر بن قدور الجزائري ، عبد الحليم بن سماية، محمد الحفناوي و غيرهم. بالإضافة إلى التسهيلات التي قدمها الحاكم العام جونار خاصة في ميدان النشر عبر الصحف واهتمامه بالكتب و المخطوطات العربية القديمة و ذلك بأمر من السلطات الفرنسية في باريس و التي بدورها استندت على توصيات لجنة التحقيق التي أرسلتها إلى الجزائر سنة 1891 برئاسة جول فيري رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي في محاولة لتكريس سياسة استعمارية اكثر نجاعة لكي لا تفلت الجزائر من قبضة الاستعمار الفرنسي. و مع ذلك فقد حركت الصحف الجزائرية التي صدرت في تلك الفترة الاقلام و القرائح و نذكر منها : كوكب إفريقيا لمحمد كحول، الجزائرو ذو الفقار لعمر راسم ،الفاروق لعمر بن قدور الجزائري، الهلال للعربي فخار...كما كان للنوادي و الجمعيات الثقافية دور مكمل للصحف من خلال المحاضرات و التوعية مثل :نادي الصلاح ، نادي الرشاد ،نادي الترقي... و الجمعية الرشيدية و التوفيقية و غيرهما. إن فترة العشرية الأولى من القرن العشرين مثلت عهد نهضة و يقظة أخذت توتي ثمارها بعد الحرب العالمية الأولى. الظروف المساعدة على التحول خارجيا: - نمو الشعور الوطني لدى الجالية الجزائرية المهاجرة في المشرق العربي –سوريا بالخصوص – و في فرنسا بعد احتكاكها بالشعوب الأخرى... - تأسيس الجامعة الإسلامية التي كان لها اثر ايجابي على الجزائريين و بروز كوكبة من المفكرين العرب الذين تبنوا أفكارها و منهم : جمال الدين الأفغاني و محمد عبده الذي زار الجزائر سنة 1903 و هو صاحب كتاب :طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد. - نجاح الثورة في روسيا سنة 1917 و تأثيرها على نمو النزعة الوطنية لدى الشعوب المستعمرة. - ظهور مبادئ الرئيس الأمريكي ولسن ال 14 و خاصة المبدأ القائل : لا يجبر شعب من الشعوب على العيش تحت سلطة لا يرضى بها. تبلور العمل السياسي في الجزائر قبل الحرب العالمية الاولى: -&تأسست كتلة المحافظين الذين يؤمنون بالثقافة العربية الإسلامية مع مطلع القرن ال20 و كان شعارهم : نعم للإصلاح بشرط المحافظة على الأحوال الشخصية للجزائريين . و من أهمهم: الشيخ عبد القادر المجاوي،عبد الحليم بن سماية، بن الموهوب،عمر بن قدور،حمدان لونيسي و محمد الحفناوي و غيرهم و تمثلت أهم مطالبهم في : - التأكيد على مقومات الشخصية الجزائرية. - المطالبة بتعليم اللغة العربية للسكان الجزائريين - إلغاء قانون الأهالي. - المساواة في دفع الضرائب مع الأوربيين... و لقد لاقت كتلة المحافظين نقدا لاذعا من قبل جماعة النخبة بدعوى معارضتها لفكرة الاندماج و التجنس. و لقد شكل هذا الاتجاه المنبع الأول لتأسيس نادي الترقي سنة 1927 الذي كان بدوره خطوة هامة نحو تأسيس جمعية العلماء الجزائريين سنة 1931. &- جماعة النخبة: تأسست سنة 1907 و ضمت الجزائريين الذين جمعوا بين الثقافتين العربية و الفرنسية و من أعضائها : الأمير خالد ، ابن جلول، ابن التهامي و فرحات عباس و غيرهم...و من أهم مطالبهم: - المساواة بين الأوربيين و المسلمين. - رفع نسبة تمثيل الجزائريين في المجالس المحلية. - إلغاء قانون الجنسية لسنة 1865... اتجاهات الحركة الوطنية الجزائرية من 1919 الى 1954: اصدر البرلمان الفرنسي بعد الحاح من كليمنصو رئيس وزراء فرنسا و بعض النواب المعتدلين قانونا بتاريخ 4 فبراير 1919 يمنح بعض الحقوق السياسية لبعض الجزائريين معتقدين ان ذلك كاف لتعويض الجزائريين عن جهدهم في الحرب الى جانب فرنسا و اهم ما جاء فيه: - الغاء الضرائب العربية. - منح حق الانتخاب و الترشح لبعض الجزائريين المستوفين لبعض الشروط. - السماح لبعض الجزائريين بالتجنس بالجنسية الفرنسية... لقد احدث هذا القانون خيبة أمل كبيرة في أوساط النخبة .كما تسببت مسالة الاحتفاظ أو عدم الاحتفاظ بالأحوال الشخصية للجزائريين في انقسام تيار النخبة وزاد هذا الانقسام عمقا مع انتخابات المجلس البلدي لمدينة الجزائر في نوفمبر 1919 حين ظهرت قائمتان في الانتخاب تنتميان إلى تيار النخبة: • القائمة الأولى تزعمها الأستاذ صويلح و الدكاترة ابن التهامي و بوضربة و تامزالي و التي تطالب بالجنسية الفرنسية و لا تضع لذلك شرط الاحتفاظ بالأحوال الشخصية، و قد أسس هؤلاء تجمعا سمي برابطة العمل الفرنسية الإسلامية، و في سنة 1927 يؤسس فرحات عباس اتحاد المنتخبين الجزائريين و أهم مطالبه: حق التمثيل في البرلمان الفرنسي و المساواة في الأجور و التعويضات و المساواة في الخدمة العسكرية و التوظيف و فتح الهجرة نحو فرنسا و إلغاء قانون الأهالي... • القائمة الثانية تزعمها الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر المنادي بالمساواة دون التخلي عن الأحوال الشخصية للجزائريين في إطار حركة الشباب الجزائري . وعندما تأكدت السلطات الفرنسية من أنه قد يصبح زعيما وطنيا شددت عليه الخناق ثم نفته خارج الوطن حيث وجد تطويرا و استمرارا له في حزب نجم شمال إفريقيا بفرنسا . جمعية العلماء المسلمين الجزائريين: تأسست الجمعية يوم 5 ماي 1931 بالعاصمة و قد ضمت 72 عالما جزائريا من مختلف أنحاء الوطن منهم عبد الحميد بن باديس الذي انتخب رئيسا للجمعية. ومن شيوخ الجمعية: البشير الإبراهيمي ، مبارك الميلي ، العربي التبسي توفيق المدني...ووافقت السلطات الفرنسية على إنشائها لأنها لا تتبنى برنامجا سياسيا علنيا بل جاءت للتعريف بالإسلام الصحيح ، فصل الدين عن الدولة ، و محاربة الأمراض الاجتماعية و كان شعارها: الجزائر و طننا العربية لغتنا و الإسلام ديننا. و اعتمدت على الوسائل التالية : - إصدار الصحف لكونها وسيلة توعية)المنتقد- النجاح- الشهاب- الصراط و البصائر..( - إنشاء المدارس و المعاهد للتربية كمدرسة التربية التعليم بقسنطينة و دار الحديث في تلمسان و معهد ابن باديس.. - تأسيس النوادي بغرض التوعية و التوجيه الوطني عبر الخطب و المحاضرات و الأمسيات الشعرية.. - الوعظ و الإرشاد و إيفاد البعثات العلمية إلى الجامعات العربية و محاربة الإدماج ..مما اكسبها خصوما من الطرقيين و النخبة المتخرجة من المدارس الفرنسية ومن النواب. لقد أدركت السلطات الفرنسية – بعد فوات الأوان – بان العلماء كانوا يمثلون اكبر الخطر على الفكر الفرنسي في الجزائر كون مدارسهم عبارة عن خلايا سياسية و الإسلام الذي يمارسونه هو مدرسة حقيقية للوطنية. - الاتجاه الاستقلالي: نجم شمال إفريقيا: أسس النجم في مارس 1926 في فرنسا من مهاجري بلدان شمال إفريقيا منطلقا في البداية من فكرة الدفاع عن عمال المغرب العربي في فرنسا، ثم تحول إلى حزب سياسي يطالب باستقلال بلدان شمال افريقيا الثلاث من قبضة الاستعمار الفرنسي. رغم أن الحزب ولد مغاربيا إلا انه منذ 1927 تحول إلى حزب جزائري - لان المناضلين التونسيين و المغاربة فضلوا الانضمام إلى منضمات محلية- اعتمد الحزب على وسائل متعددة للنضال أهمها: الصحافة ، المظاهرات و التجمع..، و كانت الصحافة و سيلة للدعاية و التوجيه و قد اصدر النجم جريدة : الإقدام ، ثم عوضت بالإقدام الباريسية ثم بالإقدام الشمال الإفريقي ثم جريدة الأمة سنة 1930. و قد عرضته معاداته للاحتلال إلى الحل سنة 1929 بعد أن اتهم بمعاداة فرنسا و الدعوة للثورة، و شكل من جديد سنة 1933 تحت اسم نجم شمال إفريقيا المجيد و كانت أهم مطالبه كما يلي : - الاستقلال الكامل للجزائر . - جلاء الجيش الفرنسي و إنشاء جيش و طني. - مصادرة ملكيات المعمرين الكبرى. - إلغاء قانون الأهالي. - إنشاء مجلس و طني جزائري. - حرية الصحافة و التجمع و الاجتماع و الحقوق السياسية. - حق الجزائريين في التمتع بجميع مستويات التعليم... و منذ سنة 1934 بدا نشاط النجم يتسرب إلى الجزائر، و اخذ منطلقا حاسما سنة 1936 حيث كونت الفروع و ألقيت الخطب و عرف الجزائريون قادته عن كثب – بعد خطبة مصالي الحاج الشهيرة بالملعب البلدي بالعاصمة 1936- و في مارس 1937 تأسس حزب الشعب الجزائري بالجزائر حاملا على عاتقه رسالة الاستقلال و الحرية. في 4 نوفمبر 1937 تم توقيف الأعضاء القيادين لحزب الشعب و على رأسهم مصالي الحاج و لم يطلق سراحهم إلا في أوت 1939. اثر مرسوم 26 سبتمبر 1939 حل حزب الشعب من جديد بتهمة التواطىء مع النازية تبعته حملة اعتقالات جديدة في 4 أكتوبر 1939 شملت مصالي الحاج و شخصيات كبيرة. سعى الحزب من خلال التحالف السياسي مع جمعية العلماء و الاتحاد الوطني للبيان الجزائري في 14 مارس 1944 او ما يعرف بأحباب البيان و الحرية ، إلى إنشاء برلمان جزائري، و هو اهم نشاط لحزب الشعب خلال الحرب الثانية رغم كونه محظور رسميا. بعد القتل و القمع الذي قوبل به الشعب الجزائري في حوادث 8 ماي 1945 أصبح حزب الشعب تحت اسمه الجديد ) حركة انتصار الحريات الديمقراطية( منذ 1946 أكثر ثورية في توجهه . ملاحظة: الأحداث الهامة التي سبقت تأسيس حزب الشعب في 11 مارس 1937: مشروع بلوم فيوليت: اصدر الحاكم العام للجزائر- موريس فيوليت- سنة 1935 مشروعا ضمنه إصلاحات سياسية عرف بمشروع بلوم فيوليت بعد أن أيده رئيس فرنسا الجديد المنتمي للجبهة الشعبية - ليون بلوم - احتوى على ثمانية فصول و 50 مادة و أهم نقاطه: - إصلاح مستوى التعليم. - تامين نفس الحقوق و الواجبات التي للفرنسيين لبعض الجزائريين- النخبة- - زيادة حقوق الجزائريين في انتخاب ممثلين عنهم... إن هذا المشروع الاندماجي عارضته جمعية العلماء بشدة كما عارضه النجم لأنه يهدف إلى سلخ النخبة الجزائرية عن بقية المجتمع عن طريق الإغراء.كما عارضه كذلك المعمرون بشدة خوفا على مصالحهم. و بقي المشروع بين مد و جزر إلى أن رفض تماما من قبل مجلس الشيوخ الفرنسي في سبتمبر 1938 تحت ضغط الكولون من جهة و اليمين المتطرف الفرنسي من جهة ثانية. المؤتمر الإسلامي: انعقد بالعاصمة في 7 جوان 1937 و شاركت فيه كل التيارات السياسية و كذا جمعية العلماء ما عدا النجم الذي كان لا يزال في فرنسا . و لقد جمع هذا المؤتمر الكثير من المتناقضات لذلك جاءت قراراته هزيلة و متواضعة و منها : - ثقة المؤتمر في حكومة الجبهة الشعبية. - إلغاء جميع القوانين الاستثنائية. - منح نفس الحقوق التي للفرنسيين للجزائريين مع حق الاحتفاظ بالأحوال الشخصية. - منح الجزائريين حق التمثيل البرلماني. - اعتبار اللغة العربية لغة رسمية مثل الفرنسية. و لقد تشكلت لجنة اثر المؤتمر لها مهمة إيصال تلك المطالب للسلطات الفرنسية في باريس برئاسة بن جلول ، و رغم أن الوفد حضي باستقبال ليون بلوم نفسه إلا انه عاد خائب الأمل بسبب تمسك المستعمر بمصالحه أولا و أبدا كعادته. و مع ذلك يبقى المؤتمر الإسلامي لسنة 1936 نقطة تحول هامة في تاريخ الجزائر لأنه جمع الجزائريين على اختلاف توجهاتهم في مؤتمر واحد ، و الأهم من ذلك هو أن المؤتمر ساهم بشكل غير مباشر في دخول النجم إلى الجزائر تحت اسم حزب الشعب الجزائري ذو التوجه الاستقلالي. اثر اندلاع الحرب العالمية الثانية 1939 قررت السلطات الفرنسية تعليق كل الأنشطة السياسية والصحفية التي لا تعلن تأييدها لفرنسا لذلك توقفت جرائد الحركة الوطنية منها جريدة "البصائر" ومجلة "الشهاب" الناطقتان بإسم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. وجريدة "البرلمان" وجريدة "الشعب" الناطقة باسم حزب الشعب الجزائري. ومرة أخرى يتساءل الوطنيون عن المخرج فيقدم فرحات عباس مذكرة للوالي العام الفرنسي يدعوه فيها إلى الاعتراف بالأمة الجزائرية التي يجب أن تتحرر كباقي أمم العالم. خلال إنزال القوات الأمريكية في الجزائر في 7 نوفمبر 1942 بادر فرحات عباس للاتصال بهم لكن محاولته لمن تلق الصدى المطلوب . وفي 1943م تقدم عدد من الشخصيات الجزائرية ببيان 10فبراير 1943م وسلمت نسخا منه للحلفاء وكذلك للجنرال ديغول الذي عين الجنرال كاترو حاكما عاما على الجزائر، وأهم ما جاء في هذا البيان: - إلغاء النظام الاستعماري فورا وإنشاء دولة جزائرية لها دستورها وبرلمانها . - وإشراك الجزائريين في تسيير شؤونهم وتحقيق الحريات العامة. النضال بعد الحرب العالمية الثانية: بعد انتهاء الحرب العالمية أوزارها أعتقد الجزائريون أن الوقت قد حان كي تعترف فرنسا باستقلال الجزائر خاصة و أن المئات من الجزائريون شاركوا في الحرب إلى جانب الحلفاء و عانوا الكثير من ويلاتها. و في يوم 8 ماي 1945 نظم كل من حزب الشعب و أحباب البيان مظاهرات سلمية قوبلت بقمع وحشي شاركت فيه قوات البوليس و ميليشيات الكولون و الجيش الفرنسي مستعملا أسلحته المختلفة و خاصة في كل من سطيف قالمة و خراطة.كما قامت الطائرات بقصف بعض القرى كما شاركت البوارج البحرية في عمليات القمع حيث قصفت بعض المدن الساحلية كبجاية و جيجل. بعد هذه الأحداث انقسمت الحركة الوطنية إلى تيارين : * أنشأ فرحات عباس حزبا برنامجه يعتمد على البيان الذي قدم للحلفاء في 1943 و المطالب بالحق في تقرير المصير و القضاء على النظام الاستعماري ،و المساواة بين المواطنين و بضمان الحريات الأساسية لكل الجزائريين مع البقاء ضمن اتحاد فيدرالي فرنسي ،تحت الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري. * و كون مصالي الحاج حزبا جديدا خلفا لحزب الشعب هو حركة انتصار الحريات الديمقراطية و الذي كان يعتمد نفس البرنامج المطالب بالاستقلال التام عن فرنسا .و لكن ضمن هذا التنظيم كون الحزب منظمة سرية شبه عسكرية سميت بالمنظمة الخاصة اثر اجتماع 2 نوفمبر 1947 أوكلت لها مهمة التحضير للثورة بجمع و شراء الأسلحة و تدريب المقاتلين على استعمالها والتجسس على حركات البوليس و كان محمد بلوزداد أول مسؤول عنها و خلفه ايت احمد . و قد اعتمدت فرنسا بعد مجازر سطيف قالمة وخراطة أسلوب المراوغة فأصدرت في 1947 قانونا جديدا يسير الجزائرو يعترف بالمساواة في الحقوق والواجبات بين كل سكان الجزائر و ينشأ مجلسا وطنيا جزائريا لكن في نفس الوقت ينشأ هيئتين انتخابيتين : - هيأة خاصة بالكولون و نخبة من المسلمين . - هيأة ثانية خاصة بالأهالي و تنتخب كل هيأة 60 نائبا وبذلك يتساوى صوت المعمرالواحد مع 8 أصوات من الأهالي. ورغم هذا الإجحاف في التمثيل و السلطات المحدودة للمجلس الوطني الجزائري تفنن الكولون وعلى رأسهم الحاكم العام نيجلان في التزوير لمنع أنصار مصالي الحاج وفرحات عباس من الحصول على مقاعد في المجلس . لقد عاشت الحركة الوطنية في بداية الخمسينات أزمة حادة نتيجة للتردد من جهة و رفض المستعمر تقديم أية تنازلات سياسية تعطي الأمل في حل سلمي للمعضلة الجزائرية . فبعد وفاة محمد بلوزداد و عملية السطو على بريد وهران أستطاع البوليس تفكيك المنظمة الخاصة و اعتقال عدد من مناضليها. و ظهرت صراعات حادة داخل حزب انتصار الحريات الديمقراطية بين أنصار مصالي الحاج من جهة و أعضاء اللجنة المركزية للحزب الذين كانوا يعارضون تسلط مصالي الحاج و تسييره اللاديمقراطي للحزب. أنتخب يوسف بن خدة أمينا عاما للحزب في 1953 و عارض مصالي قرارات المؤتمر مما خلق أزمة حادة و انشقاقا كبيرا داخل حركة انتصار الحريات الديمقراطية . عرفت فترة بداية الخمسينات انتشار واسعا لفكرة التحرر وانحصار المد الاستعماري، فقد كان للثورة المصرية 23 جويلية 1952 وللحركات المسلحة في كل من تونس والمغرب و الفيتنام صدى كبيرا في نفوس المناضلين الجزائريين الذين تأكدوا من عدم جدوى النضال السياسي للقضاء على نظام استعماري يحاول بكافة الوسائل إحكام قبضته على الجزائر إلى الأبد.
عدل سابقا من قبل المشرف العام في الثلاثاء 23 فبراير 2010, 20:04 عدل 1 مرات | |
| | | ritaj22 مشرفة قسم الحبيبة فلسطين
عدد المساهمات : 4769 :
| موضوع: رد: تاريخ الجزائر مختصر الثلاثاء 23 فبراير 2010, 17:14 | |
| | |
| | | المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| موضوع: رد: تاريخ الجزائر مختصر الثلاثاء 31 أغسطس 2010, 22:59 | |
| شكرا لكم على المرور الطيب أسعدتني ردوكم الجميلة | |
| | | manar-algerie عضو فعال
عدد المساهمات : 286 :
| موضوع: رد: تاريخ الجزائر مختصر الثلاثاء 31 أغسطس 2010, 23:09 | |
| يعطيك الصحة خويا سفيان شكراااااااااااا | |
| | | Djemoui عضو جديد
عدد المساهمات : 1 :
| موضوع: رد: تاريخ الجزائر مختصر الأحد 18 ديسمبر 2011, 09:03 | |
| .............بارك الله فيكم............. | |
| | | المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| موضوع: رد: تاريخ الجزائر مختصر الجمعة 21 ديسمبر 2012, 07:22 | |
| | |
| | | | تاريخ الجزائر مختصر | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى | |
المواضيع الأخيرة | » السلام عليكمالأربعاء 01 أكتوبر 2014, 10:45 من طرف دارين» الخطبة في 2020الأربعاء 01 أكتوبر 2014, 10:33 من طرف دارين» مركز مصادر الإبداع للتدريب والاستشارات CSTCالثلاثاء 19 أغسطس 2014, 07:14 من طرف al2bda3 » نماذج من رسائل رسمية..طلب وظيفة وغيرهالأحد 22 يونيو 2014, 12:01 من طرف نعاس محمد » طلب مشرفين لعودة عمل المنتدى من جديد ♥الثلاثاء 06 مايو 2014, 19:11 من طرف المشرف العام» رسالة ماجستير كاملة : بيئة العمل الداخلية وعلاقتها بالتسرب الوظيفيالخميس 06 مارس 2014, 16:47 من طرف rahim05 » فروض مع اجاباتها السنة 1-2-3-4 متوسطالجمعة 31 يناير 2014, 17:31 من طرف معاذبن » فروض من الاولى ثانوي إلى غاية الثانية ثانوي كل الشعبالثلاثاء 19 نوفمبر 2013, 15:42 من طرف marilafolle » مذكرة تخرج - دور إدارة الجودة الشاملة في تطوير الميزة التنافسية للمؤسسة الإقتصاديةالإثنين 30 سبتمبر 2013, 22:38 من طرف afaf berrah » اختار حرف ونفذ المطلوبالأربعاء 31 يوليو 2013, 23:13 من طرف هيمة» مااااااااتهبطش .............الأربعاء 31 يوليو 2013, 23:12 من طرف هيمة» نصيحة اليوم الأحد 28 يوليو 2013, 22:49 من طرف ريحان الجنة» سجل حضورك بأجمل وردة 2الأحد 28 يوليو 2013, 22:47 من طرف ريحان الجنة» لعبه من ثلاثه حروف فقطالأحد 28 يوليو 2013, 22:38 من طرف ريحان الجنة» لغز عجز العلماء عن حله جرب حظكالأحد 28 يوليو 2013, 22:30 من طرف ريحان الجنة |
تصويت | | ما هي اللغة الأكثر أهمية بالنسبة لك بعد العربية ؟ | اللغة الفرنسية | | 38% | [ 1798 ] | اللغة الانجليزية | | 45% | [ 2165 ] | اللغة الاسبانية | | 5% | [ 259 ] | اللغة الألمانية | | 4% | [ 179 ] | اللغة الايطالبة | | 3% | [ 138 ] | اللغة التركية | | 5% | [ 243 ] |
| مجموع عدد الأصوات : 4782 |
|
خدمات منتديات القلوب الصادقة | منتديات القلوب الصادقة تنصحك باستعمال
المتصفح فايرفوكس لتتمتع بقوة و جمالية المنتدى
افحص جهازك وتاكد من خلوه من الفايروسات
|
|
|