طالب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) اليوم الجمعة الاتحاد المصري بـ"اتخاذ جميع التدابير الأمنية اللازمة" لإقامة مباراة مصر والجزائر غداً السبت ضمن الجولة السادسة الأخيرة من منافسات المجموعة الثالثة في الدور الثالث الحاسم للتصفيات المشتركة المؤهلة إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا وكأس العالم اللتين تقامان في أنغولا وجنوب أفريقيا على التوالي عام 2010.
وقال المتحدث باسم الاتحاد الدولي لدى سؤاله من وكالة "فرانس برس" عقب حادثة الاعتداء على حافلة المنتخب الجزائري أمس الخميس لدى وصوله إلى القاهرة: "لقد جددنا طلبنا إلى الاتحاد المصري ليتم اتخاذ جميع التدابير الأمنية اللازمة حتى تقام المباراة".
وأوضح الاتحاد الدولي في بيان له أن "لجنة تنظيم كأس العالم طالبت من الاتحاد المصري ومن السلطات الوطنية العليا عبر الوزارات المختصة بتقديم ضمانات كتابية حول التدابير الأمنية الإضافية الضرورية التي سيتم اتخاذها في كل وقت من أجل سلامة الوفد الجزائري".
وختم الاتحاد الدولي بيانه قائلا "المباراة مقررة يوم السبت 14 تشرين الثاني/نوفمبر على الساعة 19,30 بالتوقيت المحلي (17,30 توقيت غرينيتش على إستاد القاهرة الدولي" في إشارة منه إلى أن المباراة ستقام في موعدها المحدد.
"ثلاثة جرحى"
وكان فالتر غاغ, ممثل الاتحاد الدولي لكرة القدم في العاصمة المصرية القاهرة قد أكد في وقت سابق من اليوم الجمعة لوكالة الأنباء الفرنسية أن "ثلاثة لاعبين" من منتخب الجزائر "جُرحوا" أمس الخميس خلال هجوم بالحجارة على حافلة الفريق التي كانت تقلهم للفندق.
وكان مجهولون اعترضوا حافلة المنتخب الجزائري بعيد مغادرته مطار القاهرة وراحوا يرشقونها بالحجارة ما أدى إلى تهشم زجاجها وإصابة ثلاثة لاعبين جزائريين بجروح في اليد والوجه.
وقال فالتر غاغ: "اتضح لنا أن ثلاثة لاعبين جرحوا: خالد لموشيه في رأسه، رفيق حليش في حاجب عينه ورفيق الصيفي في ذراعه"، مؤكداً ما ذكره وزير الشباب والرياضة الجزائري هاشمي ديار أمس الخميس.
وأضاف غاغ الذي كلف من قبل الاتحاد الدولي بصياغة تقرير رسمي عن الحادثة: "تعرض مدرب حراس المرمى لرضة" واعتبر أن حافلة المنتخب الجزائري كانت "بحالة يرثى لها، بعدما كسرت ألواح الزجاج فيها، وظهرت على الأرض بقايا الزجاج وبقع الدم".
وتابع غاغ: "لا يمكن الحديث عن مصابين سطحيين. بعد الغرزات يجب معرفة ما إذا كانوا قادرين على اللعب برأسهم. يجب أن يقدم أيضاً طبيب المنتخب تقريره".
أبعاد سياسية
وأخذ هذا الاعتداء بعداً سياسياً حيث قامت السلطات الجزائرية باستدعاء السفير المصري في الجزائر إلى وزارة الخارجية وأعربت له عن استيائها مما حصل.
وأبلغ مجيد بوقرة أمين عام وزارة الخارجية الجزائرية، السفير المصري عن "القلق الكبير للسلطات الجزائرية من هذه الحادثة وطلب منه بإلحاح بأن تتخذ السلطات المصرية جميع التدابير الضرورية حتى تضمن سلامة الوفد الجزائري وكذلك المشجعين الجزائريين الذين سافروا إلى القاهرة لحضور المباراة".
بدورها نقلت وكالة الأنباء الجزائرية تصريحات لوزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي أكد فيها أن المنتخب الجزائري تعرض للاعتداء بالحجارة وأن عدة لاعبين أصيبوا.
وأعلن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي أن لاعبين عدة في صفوف المنتخب الجزائري تعرضوا للإصابة، كما "دان بشدة" الاعتداء الذي وصفه "بالخطير" وطلب من نظيره المصري أحمد أبو الغيط "اتخاذ جميع التدابير الضرورية لضمان إقامة عادية لجميع أعضاء الوفد الجزائري".
وأكّد مدلسي أنّ خبراء تابعين للاتحاد الدولي (فيفا) حضروا إلى الفندق الذي يقيم فيه الوفد الجزائري من أجل الوقوف على الأضرار التي سببتها هذه الحادثة.
وكانت السلطات في الدولتين عقدت اجتماعات دورية على مدار الأسابيع الأخيرة في محاولة لتخفيف الجو المشحون خصوصا في وسائل الإعلام في البلدين، التي دعتها وزارة الخارجية المصرية الثلاثاء إلى تجنب "الاستفزاز" في تغطيتها للحدث.
نفي مصري للواقعة
وكان مسؤولو كرة القدم في مصر والجهات الأمنية في البلاد قد واصلوا إصرارهم على نفي ما تردد من أنباء حول تعرض الحافلة التي أقلت المنتخب الجزائري الأول لكرة القدم من مطار القاهرة الدولي إلى فندق "لوباساج" القريب من المطار للرشق بالحجارة من قبل مشجعين مصريين، وما تبع ذلك من تهشم زجاج الحافلة وتعرض العديد من لاعبي الفريق لإصابات مختلفة.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية اليوم الجمعة عن مصدر أمني مصري نفيه وقوع أي اعتداء جماهيري على الحافلة مؤكداً أنه بالتحقيق في شكوى مسؤولي بعثة المنتخب الجزائري بتعرض الحافلة للاعتداء، تم التحقيق ومعاينة الحافلة وتبين أن زجاجها "تم تهشيمه من الداخل وليس من الخارج".
وقد نفى أيمن يونس عضو اتحاد الكرة المصري قيام الجماهير المصرية بالاعتداء على حافلة المنتخب الجزائري وأكد لصحيفة "الشرق الأوسط" أن الجماهير المصرية هتفت للمنتخب المصري ولم تسئ للجزائر في شيء، مضيفاً: "لقد جاء الاستفزاز من المنتخب الجزائري نفسه لأنهم رفعوا الأحذية في وجه الجمهور".
في حين نفت مصادر أمنية بمطار القاهرة أمس ما ذكره رئيس اتحاد الكرة الجزائري بالاعتداء على حافلة نقل منتخب الجزائر وتحطيم نوافذه وإصابة عدد من اللاعبين.
وقالت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها: "كنا نتابع عملية انتقال حافلة اللاعبين من الصالة رقم 4 بالمطار إلى فندق لوباساج القريب من المطار وسط حراسة أمنية مشددة من مديرية أمن القاهرة وكان بعض المشجعين الجزائريين في طريق المطار وعدد قليل من الجماهير المصرية وبدأ مشجعو الجزائر في إطلاق "الشماريخ" مما أدى لإثارة الجمهور المصري الذي فوجئ بإصابة زجاج الحافلة بحجر شرخ زجاج إحدى نوافذ الحافلة بينما أكمل الفريق الجزائري تحطيم الزجاج بنفسه".
وأضافت المصادر: "أغلق الجزائريون بعد ذلك الحافلة وسحبوا مفاتيحها من السائق واستدعوا مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لمعاينة الحافلة واتخاذ اللازم إزاء ذلك".
وتوقعت المصادر ذاتها أن يكون ما حدث مُرتباً من الجزائريين خاصة وأنهم قدموا شكوى مسبقة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم بمخاوفهم من الجماهير المصرية وطالبوا بمراقبين أمنيين من فيفا وهو ما حدث بالفعل حيث أرسل فيفا مراقبين اثنين إلى القاهرة لمتابعة الاستعدادات المصرية للمباراة.
"حادثة ملفقة"
واتهمت الصحف المصرية الصادرة اليوم الجمعة اللاعبين الجزائريين بتلفيق الحادثة على حافلتهم، كي يوتروا الأجواء قبل المباراة.
وذكرت صحيفة "الأهرام" الواسعة الانتشار أن اللاعبين هم من ألحق الضرر بالحافلة: "قام بعض اللاعبين بتهشيم زجاج الحافلة مدعين أنهم هدفا لرمي الحجارة".
أما صحيفة "الشروق" فاعتبرت أن الحادثة بأكملها "ملفقة"، وكتبت "الجمهورية" أن "لاعبي الجزائر قاموا بالاعتداء على سائق الحافلة".
"حادثة أليمة"
وفي الجزائر كتبت صحيفة الوطن أن الحادث "كمين"، مؤكدة أن "الخضر لن يستسلموا، في إشارة إلى لون بزات الفريق الجزائري "على الرغم من العداء المصري".
أما وزير الشباب والرياضي الجزائري هاشمي ديار فأعرب لإذاعة الجزائر عن أسفه "لهذه الحادثة الأليمة". وأضاف "يتوّجب على الاتحاد الدولي أن يأخذ التدابير اللازمة، لأنّ ما حصل غير مقبول على الإطلاق على الرغم من أنّ هذه الحادثة لا يمكن أن تؤثر على العلاقة القديمة بين البلدين". وأضاف "نحن شعب مسالم ولا نريد استفزاز احد".
وكان رابح سعدان المدير الفني للمنتخب الجزائري وصل الأربعاء الى الفندق الخاص بالفريق الأربعاء وسط حراسة أمنية قوامها ثمانية أفراد من الحرس الوزاري الجزائري.
تلطيف الأجواء
وفي محاولة أخرى لتلطيف الأجواء قبل المباراة، نظم مساء الخميس بالقرب من القاهرة حفل غنائي بمشاركة "ملك الراي" الجزائري الشاب خالد والنجم المصري محمد منير، حضره بحسب المنظمين نحو 45000 شخص.
وقال عمرو الخياط، وهو أحد المنظمين، أن إجراء الحفل في هذا التوقيت "من شانه أن يسهم في خفض التوتر القائم".
ويحتاج منتخب الفراعنة للفوز بفارق ثلاثة أهداف للصعود مباشرة الى نهائيات كاس العالم في جنوب أفريقيا العام القادم أو التقدم بفارق هدفين والاحتكام لمباراة فاصلة في السودان في 18 الحالي.
ويتوقع أن يحتشد نحو 70 ألف متفرج على مدرجات إستاد القاهرة لمتابعة المباراة غدا السبت، وتم حجز ألفي تذكرة للجماهير الجزائرية.