المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| موضوع: ماهية المؤسسات الاقتصادية السبت 07 نوفمبر 2009, 13:59 | |
| المؤسسة الاقتصادية وتحديات المحيط التكنولوجي: تشخيص واستراتيجيات
الدكتور: رحيم حسين أستاذ محاضر – جامعة الأغواط
1- مقدمة: المؤسسة الجزائرية وثقافة المحيط:
لعل من أبرز الآثار المتولدة عن النهج الاشتراكي المتبع في الجزائر، كما في غيرها، ثقافة الانغلاق على الذات. فالمؤسسة الجزائرية كانت بمثابة شبه نظام مغلق لا يعبأ بما يحدث في المحيط. وهذا الحكم لا ينطبق على المؤسسة العمومية فحسب، فحتى المؤسسة الخاصة كانت تعيش في بحبوحة قبل الانفتاح الاقتصادي. وكانت نتيجة ذلك تولد عدم الحساسية تجاه هذا المحيط. فسياسة التصنيع كانت معتمدة على تكنولوجيا جاهزة مستوردة، والمؤسسات العمومية كانت بمثابة "محميات اقتصادية"، والسوق الوطنية كانت منطقة محرمة على المنافس الأجنبي. ولذلك فإن التحول من اقتصاد مخطط، أي محصن، إلى اقتصاد الأسواق يقتضي قبل كل شيء ردم ثقافة العزلة واستبدالها بثقافة المحيط. وهذا يعني ضرورة العناية بتغيير، أو لنقل بتطهير، الذهنيات قبل التطهير المالي للمؤسسات. ومن المؤسف أن العديد من المؤسسات لم تستفق من سباتها إلا بعد إشهار إفلاسها، ومن ثم حلها أو خصخصتها. إن التحولات الاقتصادية الحالية تفرض على المؤسسات التي ترغب في البقاء إرساء نظام يقظة فعال، وهو ما يقتضي بدوره تكوين نظام معلوماتي متكامل، قادر على جمع المعلومات اللازمة وتحليلها، ثم توظيفها في الوقت المناسب وبالكيفية التي تدعم المركز التنافسي للمؤسسة. وهذا ما يطلق عليه بعض المختصين "الذكاء الاقتصادي" للمؤسسة. وعلى الرغم من أن نظام اليقظة متعدد الأبعاد (يقظة تنافسية، يقظة تجارية، يقظة اجتماعية)، إلا أن اليقظة التكنولوجية (la veille technologique)، كجزء من اليقظة الاستراتيجية في المؤسسة، أضحت البعد الأكثر حسما في تحديد مسار تطور المؤسسة ونموها. والتنافس الحاصل اليوم ما بين المؤسسات، كما هو بين الأمم، هو تنافس تكنولوجي ومعرفي. ولذلك برز الاهتمام بتنمية أنشطة البحث والتطوير على مستوى المؤسسات، ودعم منظومات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والأنظمة الوطنية للتجديد (SNI) على مستوى الدول، وهو ما يستوجب ضمنا تنمية الكفاءات وإعادة الاعتبار للباحث وتوطيد العلاقة ما بين القطاع البحثي والقطاع الصناعي. 2- تطور المحيط التكنولوجي للمؤسسة:
لقد كان الابتكار التكنولوجي يتم من خلال الجهود الفردية التي يقوم بها المخترعون في بيوتهم أو في مخابرهم الخاصة. كما أن وظيفة البحث والتطوير لم تكن تحظى بالاهتمام على مستوى المؤسسات، وبالتالي لم تكن هناك موازنة خاصة بها. فالتكنولوجيا كانت تعد مجرد متغير خارجي يرتبط بتفسير الدورات الاقتصادية التي تتسم بالأمد الطويل. ويرجع بروز الاهتمام بوظيفة البحث والتطوير على مستوى إدارة المؤسسات إلى منتصف السبعينيات، إثر الأزمة الاقتصادية التي أصابت قطاع الصناعة من جهة والتطور الحاصل في مجال المعلوماتية والإلكترونيك والبيوتكنولوجيا والطاقة وأبحاث الفضاء من جهة ثانية. ولقد تولد على إثر هذا التحول تيار فكري جديد مع بداية الثمانينيات: التطورية (l’évolutionnisme)، يهدف إلى إبراز أهمية العلاقة بين التغيرات التكنولوجية وبين التنمية والنمو الاقتصادي1. وبالفعل فإن التطور العلمي والتقني أصبح جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للأفراد والمؤسسات. ويتجلى ذلك من خلال ما يلاحظ من تحول في تفكير الإنسان وفي سلوكه. كما إن هذا التطور رفع كل الحواجز الجغرافية وأصبح الاتصال يتم في وقت حقيقي. لقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدا كبيرا في مجال المنافسة، ويتوقع أن تزيد حدتها أكثر فأكثر، في ظل ظاهرة العولمة، التي جعلت من التاريخ أكثر تسارعا ومن الجغرافيا أكثر تحولا. فلقد تقلصت دورة حياة المنتجات والمؤسسات إلى بضع سنوات أو حتى إلى بضعة أشهر، وهو ما يستدعي التجديد المستمر من أجل ضمان الاستمرار. كما توسع نطاق تدفق السلع والخدمات وعوامل الإنتاج والمعلومات بصورة لم يعرف لها نظير من قبل. وهكذا، فقد أضحى المحيط التكنولوجي للمؤسسة يتصف بالتسارع والتعقيد، وهو ما يستوجب على المؤسسات أن تكون يقظة تجاه هذا المحيط، وهو ما يعني المتابعة المستمرة، ليس فقط للتكنولوجيات الموجودة حاليا في مجال نشاطها، بل والمتوقع إدخالها لاحقا من قبل منافسين موجودين أو منافسين محتملين، وذلك من خلال متابعة أنشطة البحث القائمة. ولذلك نجد المدافعين عن الذكاء الاقتصادي يمزجون بين مراقبة المحيط والتجسس الصناعي. ولاشك أن هذه المهمة أصبحت أكثر صعوبة بعدما أخذت المنافسة بعدا عالميا، وأصبح المنافس نفسه غير معروف. ومن هذا المنطلق لم يعد بالإمكان الاكتفاء باعتماد استراتيجية دفاعية، بل يتوجب في كل مرة المبادرة بالهجوم. واستراتيجية الهجوم تعني الابتكار أو التجديد. كما إن الاستراتيجية الهجومية لا تهدف دوما دعم المركز التنافسي وزيادة الحصة في السوق، بل قد تهدف إلى مجرد الحفاظ على المركز الحالي. وفي كل الأحوال (دفاع، استقرار، هجوم) يتعين على المؤسسة تكثيف الجهود التجديدية، وذلك وفق مخطط تنمية تكنولوجية (un plan de développement technologique) قائم على دراسة وافية للمحيط. ولئن كانت مسؤولية ضمان نمو المؤسسة واستمرارها في السوق تقع بالدرجة الأولى على هذه المؤسسة نفسها، فإنه لا يمكن تصور أي انتعاش لنشاط البحث والتطوير في ظل محيط تكنولوجي وطني غير ملائم. ولذلك كان على الدول أن ترسم سياسات وطنية، بل وحتى إقليمية، قصد ترقية هذا المحيط كما سنوضحه لاحقا. ويتأكد ذلك أكثر بالنسبة للدول النامية، ومنها الجزائر، بسبب هشاشة قاعدتها التكنولوجية.
- اليقظة التكنولوجية في المؤسسة:
إن تواجد المؤسسة في وضع اليقظة (en mode veille) باستمرار تجاه مختلف التغييرات التي قد تحدث في محيطها (التنافسي، التجاري، الاجتماعي، القانوني) هو الضمان الأساسي لاستمرارها، وهو ما يقتضي تصميم نظام يقظة داخل المؤسسة. وفي المجال التكنولوجي، يتعين على المؤسسة معرفة ومتابعة التكنولوجيات الموجودة في مجال النشاط الذي تعمل فيه، وكذا توقعاته المستقبلية. وقد تزايدت أهمية هذا النوع من اليقظة في الوقت الراهن بسبب التسارع الذي يعرف النشاط الابتكاري، سواء في وسائل الإنتاج أو في طرق الصنع. ويتوقف نجاح نظام اليقظة التكنولوجية في المؤسسة على درجة كفاءة نظام المعلومات فيها، أو بالأحرى على فعالية نظام الذكاء الاقتصادي (l’intelligence économique) الذي تتوفر عليه. وبذلك فإن اليقظة التكنولوجية تتجسد من خلال مختلف التدابير التي تتخذها المؤسسة، وكذا الكفاءات والإمكانيات التي تسخرها لهذا الغرض. وتجدر الإشارة إلى أن اليقظة التكنولوجية لا تعني فقط وجود المؤسسة في وضع دفاعي (استراتيجية دفاعية)، بل قد تسمح للمؤسسة أن تبادر بالهجوم وتستبق المنافسين في مجال الابتكار. فمتابعة التطورات في مجال التكنولوجيا عبر العالم هو الذي يخلق روح الإبداع أو الابتكار في المؤسسة.
| |
|
المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| موضوع: رد: ماهية المؤسسات الاقتصادية السبت 07 نوفمبر 2009, 14:01 | |
| تقييم البيئة الخارجية وأثرها على فعالية تسيير المؤسسة الاقتصادية الجزائرية
-ملخص:
أصبحت المؤسسة الاقتصادية الجزائرية في الوقت الحاضر تواجه مجموعة من التحديات، والتي نعتقد أنها تحضى باهتمامات القائمين على تسيير هذه المؤسسات؛ ومن بين هذه التحديات: العولمة، اقتصاد السوق، تحرير التجارة الخارجية،...وما ينجر عنها من تحرير تدريجي لمختلف حواجز الدخول. لذلك وجب على المسير الاستراتيجي أن يصل إلى تحقيق أهداف المؤسسة من خلال الفعالية في التسيير، والتي تشير إلى مدى تحقيق المؤسسة لأهدافها من خلال الاستخدام الأنسب لمواردها، فعملية تقييم بيئة المؤسسة الخارجية خطوة مهمة لتحقيق الفعالية في تسيير المؤسسة الاقتصادية. فعملية تقييم تلك تتيح للمؤسسة معرفة ما يدور حولها من فرص لاستغلالها وتهديدات أو مخاطر يمكن مواجهتها أو الحد منها؛ هذه العملية أصبحت من أولويات المدير الاستراتيجي، باعتبار أن المدير التقليدي هو الذي كان يقضي كامل وقته داخل أسوار مؤسسته. فاعتبار الاهتمام بالبيئة الخارجية للمؤسسة من أولويات القائمين على التسيير، ذلك لأن فحص أو تشخيص البيئة الخارجية يهدف في النهاية إلى الخروج بقرار استراتيجي يخدم أهداف المؤسسة؛ جاءت هذه الدراسة لتبين للمسير الطريقة التي من خلالها يمكن تقييم البيئة الخارجية؛ بالتركيز على العناصر التالية: - مدخل نظري للبيئة الخارجية. - أهمية تقييم البيئة الخارجية في رسم استراتيجيات المؤسسة. - تحليل بيئة المؤسسة الاقتصادية الجزائرية –حالة بعض المؤسسات-
I-مفهـوم البيـئة الخـارجية:
هنـاك العديد من المحـاولات التي تنـاولت تعريف بيئة المؤسـسة الاقتصـادية فهنـاك من يعتبر محيـط المؤسـسة جزءا من المحيـط الإداري المكون من العملاء والموردين والعـاملين والمنـافسين وجماعـات الضغط؛ مثل الحكـومـات وإتحـادات العمـال وغيرها. إذن هو جزء من المحيـط الإداري الذي يلائم عملية وضع وتحقيـق الأهداف الخـاصة بالمؤسـسة. ويشير (P.FILHO) إلى وجـود ثلاث مجموعـات تعمل ضمن المحيط. 1- مجموعة المتغيرات على المستوى الوطني (اقتصـادية، اجتمـاعية، سيـاسية). 2- مجموعة المتغيرات التشغيلية الخاصة بكل مؤسسة (الهيئـات والتنظيمـات الحكومية والإدارية ومؤسـسات التوزيع). 3- مجموعة المتغيرات المتعلقة بمحيط المؤسـسة الداخلي (عمال، مديرين،...). ما يميز هذا التعريف دمجه لعوامل المحيـط الداخلي والخـارجي للمؤسـسة. في حين يعرف ("عبد اللطيف خمخـام") المحيـط على أنه: "كل ما هو غير المؤسسة". إلا أنه هناك من يرى بأن تعريف كلمة "محيط" في علوم التسيـير تعني: العوامل الاقتصـادية والاجتمـاعية التي تؤثر على المنـافسة؛ القوانـين، جمـاعات الضغط، النقـابة، وبالتالي نجد أن هذا المحيـط يتكون من المحيـط الاقتصـادي، الاجتمـاعي، المـالي، البيئـي، التكنولـوجي. كمـا يعرفه (Dalloz) على أنه: "مجموعة العوامل السوسيو-اقتصـادية Socio-economique، والتي تؤثر على المؤسـسة، كالدولة، التشريع الاجتمـاعيLa législation sociale ، المـالي، التجـاري، جماعـات الضغط، النقـابـات، جمعيـات المستهلك، وغير ذلك، إذ أنه هناك كذلك محيط سيـاسي، اقتصـادي، اجتمـاعي، تقني وغير ذلك. ومنه يمكن استنتـاج التعريف التـالي لمحيـط المؤسـسة الاقتصـادية: المحيـط هو عبـارة عن مجموعة العنـاصر أو المتغيرات المؤثرة على نشـاط المؤسـسة، فهذه الأخيرة لا تنشط في فراغ، بل هي على علاقة تبـادلية مع كل عنصر من هذه العنـاصر، وبالتالي فإن المحيـط قد يكون عـاملا مسـاعدا، وقد يكـون عـائقا أمـام المؤسـسة. II-أهمية البيئة الخـارجية في رسـم استراتيجيـات المؤسـسة:
تعد دراسة وتحليل العوامل البيئية الخـارجية من الموضوعـات الهـامة عند اختيـار الاستراتيجـية المناسبة، حيث يتوقف هذا الاختيـار على نتائج تحليل كل من البيئة الخـارجية والداخلية للمؤسـسة. وتكمن أهمية تقييم البيئة الخـارجية في النقـاط التـالية: 1- أن المؤسـسة مكونة من شبكة أفراد وجماعـات قد تختلف في أهدافها واتجاهـاتها وهؤلاء الأفراد هم أفراد من محيطها وكل ما فيه من عوامل اقتصـادية واجتمـاعية يؤثرون فيها ويتأثرون بها، فالمؤسـسة مرتبطة أمـاميا وخلفيا بشبكـات المتعـاملين والأسواق والأفراد والمؤسـسات وغيرهـا. 2- يتوقف نجـاح المؤسـسة إلى حد كبيـر على مدى دراستهـا للعوامل البيئية المؤثرة ومدى الاستفـادة من اتجاهـات هذه العوامل وبدرجة تأثير كل منها، حيث تسـاعد هذه الدراسة على تحديد الأهداف التي يجب تحقيقها، وبيـان الموارد المتـاحة ونطاق السوق المرتقب، وأنمـاط القيم والعـادات والتقـاليد السـائدة...الخ. 3- كمـا أن نجـاح المؤسـسة يتوقف على مدى تأقلمها مع المحيـط الخـارجي بطريقة تزيد من درجة استفـادتها من الفرص، وقدرتها على مقـاومة التهديدات، وهذا يتطلب معرفة مـا يجري في البيئة من متغيرات إيجـابية وسلبية. 4- سعي الكثيـر من المؤسـسـات إلى التأقلم مع عوامل بيئتها الخـارجية المتغيرة وجعلها تؤثر بشكل إيجـابي على هذه البيئة، وبالتالي القيـام بدور فعـال تجـاه تطور ونمو الاقتصـاد الوطني. 5- سعي الدولة الجزائرية للانضمام إلى المنظمة للتجـارة وما سينجر عنه من تحرير تدريجـي زمني ونوعي للتجارة في السلع والخدمـات وإلغـاء إجراءات الدعم للمؤسـسات المحلية، وبالتالي ستجد المؤسـسة الاقتصـادية الجزائرية نفسها أمـام منـافسة أجنبية شرسة.
III- مكونـات البيـئة الخـارجية:
يمكن النظر إلى البيـئة الخـارجية على أنهـا تتكون من جزئين من المتغيرات أو العوامل: 1- البيـئة العـامة (الكلية). 2- البيـئة الخـاصة. 1- البيـئة الكلية (العـامة): هي جميع العوامل والمتغيرات الخـارجية التي تؤثر على المؤسـسات بصفة عـامة، ولا يتوقف تأثيرهـا على نوع معين من الأعمـال، أو مكـان معين من الدولة، وتسمى عوامل البيـئة العـامة كالظروف الاقتصـادية السـائدة، أو المنـاخ السيـاسي، أو بعض المتغيرات الاجتمـاعية والثقـافية والدولية...الخ. أولا-البيـئة الاقتصـادية: يتوقف بنـاء بعض الاستراتيجيـات على التقديـرات الخـاصة بالحـالة الاقتصـادية؛ إذا فهذه العوامل هي مجموعة القوى الاقتصـادية التي تؤثر على المجتمع بكـافة مؤسـساته وتتأثر المؤسـسة بهذه القوى على المستوى المحلي والعـالمي. ومن هذه العوامل: الدخل، الطلب، مدى توافر عوامل الإنتـاج، التضخم، السيـاسات النقدية والمالية للدولة، نسبة البطـالة، المؤسـسات المالية. ثـانيا-البيـئة السيـاسية: النظام السياسي هو مجموعة الهيئـات والأنظمة والأفراد، لهم هدف رئيسي هو إدارة وتسيير المجتمع ككل. تعتبر من العنـاصر الهـامة في البيـئة الكلية، وهي القوى التي تحركها القرارات السيـاسية، ولهـا ارتبـاط وثيق بالعوامل الاقتصـادية فالكثير من القرارات السيـاسية هي في الحقـيقة انعكـاس لمصلحة اقتصـادية. فالقرارات السيـاسية التي تُعنى بحمـاية البيـئة من التلوث تمثل تهديـدا للمؤسـسات الصنـاعية، في حيـن تمثل فرصة للمؤسـسات المنتجة للفيلة. كمـا أن العوامل السيـاسية التـالية تمثل إمـا فرصة، أو تهديـدا للمؤسـسات، ومنها: الضرائب والرسوم، درجة الاستقرار السيـاسي. ثـالثـا-البيـئة الاجتمـاعية: تعد البيـئة الاجتمـاعية ذات تأثير هـام على المؤسـسات، خـاصة وأن أثرهـا يكـون على جـانب الطلب على المنتجـات، وكذلك على القيم والعـادات والممارسـات للعـاملين داخل المؤسـسة: وعند دراسة متغيرات البيـئة الاجتمـاعية يُلاحظ أن: الزيـادة السكـانية تمثل فرصـاً لبعض المؤسـسات، حيث هنـاك زيـادة في الطلب على منتجـاتها، خروج المرأة للعمل يؤدي إلى زيـادة الطلب على المنتجـات، فيما معنـاه زيـادة دخل الأسرة، ومشـاركة المرأة في القرارات الشرائية. زيـادة مستوى التعليم أدى إلى زيـادة طموحـات وتطلعـات الأفراد نحو المنتجـات والعمل، مما يوفر بيـئة عمل جيدة ومستقرة. رابـعـا-البيـئة التكنولوجية: هو ذلك المحيـط الذي يتعلق بالأدوات المستخدمة في الإنتـاج...، فالاخترعـات والابتكـارات تعتبر اليوم سلاحا للتحكم في الإنتـاج والأسواق كاستخدام الإعلام الآلي والروبوتيك وغير ذلك. إن التغير السريـع في التكنولوجيـا يتطلب أن تبقى المؤسـسة في المستوى المطلـوب من حيث الحصول على التكنولوجيـا الجديدة، المستخدمة في السلع والخدمـات للمحـافظة على تدعيم مركزها التنافسي. وتتعلق التكنولوجيـا بالوسـائل الفنـية المستخدمة في تحويل المدخلات إلى مخرجـات، وتؤثر التكنولوجيـا على المؤسـسات من حيث الطلب، ومن حيث العمليـات الإنتـاجية، وقد يترتب على ذلك ضرورة تدريب العـاملين على كيفية استخدام مثل هذه التكنولوجيـا الحديثة. خـامسـا-المحيـط القـانـونـي والتشـريعي: يعتبر المحيـط القـانوني من أهم العوامل المؤثرة على المؤسـسة، وذلك عن طريق قوانـين التشريع للعمل والنقـابـات والقوانين الجبـائية التي تؤثر في سيـاسة المؤسـسة الاقتصـادية ونشـاطها، بالإظـافة إلى التشريعـات الخـاصة بحمـاية البيـئة، قوانين المستهلك، قوانين الإستـيراد والتصدير، وغيرها... والكثيـر من المؤسـسات الجزائرية تعـاني من مشـاكل وعراقـيل قـانونية تؤثر سلبيـا على نشـاطها وسيرورتهـا، بسبب عدم قدرتهـا على تطبيق مـا تسنه الدولة من قوانين بشكل يسمح لهـا بمواجهة كل مـا يعترضها في أداء نشـاطها. فالمحيـط القـانونـي قد يشكل تهديدا كبيـرا أمـام هذه المؤسـسات. سـادسا-المحيـط الدولي: إن التصرفـات التي تقوم بها الدولة مـا تؤثر بشكل مبـاشر أو غير مبـاشر على أداء المؤسـسة، إذ قد تتجه الدولة إلى حمـاية الصناعـات المحلية، وضع الاستثمـار الأجنبي، أو قد تقوم بتمويل بعض الصناعـات لرفع قدرتهـا على التنـافس مع الصناعـات الأجنبية وإمكـانية الحصول على حصة سوقية متميزة في الأسواق الدولية. فالتجمعـات الاقتصـادية مثلا يمكن أن تخلق فرصـاً سـوقية عديـدة، وتزيـد من اتسـاع الأسـواق أمـام المؤسـسات، أو قد تعني تهديـدا لبعض المؤسـسات ممثلة في القيود الجمركية المرتفعة، لدخول أسواق تلك التكتلات. 2-البيـئة الخـاصة (بيـئة الصناعة): هي مجموعة العوامل أو المتغيرات الخـارجية التي تؤثر بشكل خـاص على المؤسـسات نظرا لارتباطها المبـاشر بتلك المؤسـسات (العملاء، الموردين، تكنولوجيا الصناعة، المنافسين...الخ). والتأثير هنـا متبـادل بين المؤسـسة وتلك العوامل. وكمـا يقول مايكل بورتر (M, Porter) أنه هناك خمس قوى تنافسية تحدد مدى قوة التنافس في ذلك المجـال،
-القوى الخمس للمنافسة التي تحدد مر دودية القطاع. Source: Michael Probe, l'avantage con espressione; DUNOP, Belgique, oct. 2003, P15. أولا-تهديد المنـافسين الجدد: Menace de nouveau entrant: وقد حدد Porter (سبعة) (07) عوائق تواجه المنـافسين الجدد عند دخول السوق وهي: 1-اقتصـاديـات الإنتـاج الكبيـر: تكلفة إنتاج الوحدة تنخفض كلما زاد الإنتاج، فعلى المنافس الجديد أن ينفق الكثيـر للدخـول بكمية كبيرة، أو القبول بتكاليف مرتفعة للقطعة الواحدة. 2-تميز المنتج: للمؤسـسات القـائمة أسمـاء تجـارية معروفة، أما المنافس الجديد، فيجب أن يبذل الكثير من الأموال لمواجهة اسم مثل كوكاكولا واختراق قاعدتها العريضة من العملاء. 3-متطلبـات رأس المـال: كلمـا كـانت المؤسـسة بحـاجة للأموال كلمـا زادت عقبـات دخول الأسواق. 4-تكـاليف التحويل: تزداد العقبـات لمحاولة دخول الأسواق، إذا كانت التكـاليف التي ينفقهـا العملاء مرتفعة عند التحويل من مورد إلى آخر. 5-اختراق قنوات التوزيـع: يمثل عـائقـا كبيـرا أمـام الداخلين الجدد يجب مواجهته من خلال الاتفاق على الإعلانـات. 6-مزايـا الشركـات القـائمة مسبقـا: للمؤسـسات القـائمة مزايـا سـابقة فيما يخص التكاليف (نظرا لامتلاك التكنولوجيـا، سهـولة الحصول على المواد الخـام،...). 7-سيـاسة الحكومة:إن الحكـومة يمكن أن تضع حدا، أو تمنع الدخول في مجـالات معينة عن طريق المطـالبة بالتراخيص... ثانيا-تهديد المنتجـات البديـلة:Menace de produits de remplacement: يؤكد بورتر على ان التحويل يصبح ذا خطر واضح عندما يزود المشتري ليس فقط بمورد بديل، بل يقدم أسعارا تجارية أفضل. فعلى سبيل المثال: نظام الإنذار الإلكتروني أثر على شركـات الأمن نظرا لأنه يقدم نفس الحمـاية مع تكلفة أقل. ثالثا-قدرة المستهلكـين على المسـاومة:Produit de négociation يؤكد بورتر على أن كل مشتر يختلف في طبعه عن الآخر وتزيد فعـالية المشترين عندما يفعلـون مـا يلي: 1- الشراء بكميـات كبيرة مما يمكنهم من طلب أسعـار أفضل للوحدة. 2- شراء السلع المتوفرة بكثرة. 3- مواجهة تكـاليف تحويل قليلة: فعملية التحويل من نوعية منـاديل ورقية إلى أخرى لها تكـاليف بسيطة أولا توجد. 4- الدخل المنخفض: كلما قلت الأموال التي يحصل عليها المشتري كلمـا زادت احتمالية سعيه للحصول على أسعار أقل. 5- إنتـاج المنتجـات لأنفسهم: شركات السيارات الرئيسية تستخدم قدرتها الذاتية على التصنيع، لمســاومة الموردين. إذا كنت لا تريد أن تصنع الفرامل بالسعر الذي نطلب فسوف نقوم بتصنيعها بأنفسنـا. 6- توفر المعلومـات عن السلعة أو الخدمة.
رابعا-قدرة الموردين على المساومة:Pouvoir de Négociation des Fournisseurs يقول بورتر أن فريق الموردين تكون له القدرة على المساومة إذا توفر ما يلي: 1- إذا كانت شركات التوريد قليلة. 2- إذا كان المشتري لا يملك الكثير من البدائل. 3- أن يكون منتج المورد وحيدا. 4- أن يضع الموردون تهديدا جادا أنه بإمكانهم أن يصبحوا منافسين عن طريق استخدام الموارد، أو المنتجـات التي تبـاع للمشتري لإنتاج نفس المنتجـات التي يقدمهـا المشتري. خـامسا-التنافس بين المتنافسين الحاليين:Concurrents du secteur وأخيرا يؤكد (Porter) أن المنافسة بين المتنافسين تزداد عندما يحدث ما يلي: 1- إذا كان هنـاك الكثيـر من المؤسـسات المتنافسة، أو أن هذه المؤسـسات تتساوى نسبيـا في الحجم، أو الموارد. 2- عندما ينمو ذلك المجـال ببطء. 3- تحمل المؤسـسات لتكاليف ثـابتة مرتفعة. 4- وجـود مخزون يحمل المؤسـسات تكـاليف عالية. 5- عندما يجب أن تلتزم المؤسـسات بوقف محدد لبيع المنتـوج. 6- وجـود بدائل كثير للمنتـوج وتكـاليف تحويل منخفضة. 7- عندما تكون عوائق الخروج كثيرة، ربما كـان الأمر مكلفـا من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية، أو حتى العاطفية أن تتوقف المؤسـسة وتخرج من المنـافسة وبالتالي نجد أن الشركـات تستمر في التنـافس، حتى ولو كـانت تعتقد أن ذلك لا يدر عليها الكثيـر من الربح. أمثلة عوائق الخروج: - القوانـين الخـاصة بتسريـح العمـال وإغلاق المصنع. - اتفـاقيـات العمل التي تكلف الكثير عند نقضها. - الارتبـاط الروحي والعـاطفي الذي يشعر به الملاك والمدراء. في دراسة تم القيـام بهـا على تقيـيم محيـط مجموعة من المؤسـسات الاقتصـادية الجزائرية (عامة، خاصة)، بحيث تم اختيـار حوالي 30 مؤسـسة اقتصـادية بطريقة عشوائية، عن طريق الأسئلة والمقـابلة الشخصية، تناولت المحيـط الخـاص بالمؤسـسة سواء كـان اقتصـاديـا، أو غير اقتصـادي (تكنولوجي، اجتمـاعي، سيـاسي، قـانونـي، إداري، دولي،...).
خـاتـمة:
يعتبر المحيـط بالنسبة للمؤسـسة بمثـابة الهواء بالنسبة للإنسـان، إذ لا تستطيـع البقـاء والاستمرار وهي منعزلة عنه. فرغم التأثيـرات السلبية التي قد يؤثر بهـا على المؤسـسة فإنه قد يوفر لهـا كذلك فرصـا للنجـاح. والمؤسـسة بدورهـا تؤثر على المحيـط. وبذلك فالعلاقة بين المؤسـسة والمحيـط هي علاقة متبـادلة، والمسيـر الاستراتيجي بدوره عليه المحـافظة على بقـاء واستمرار مؤسـسته من خلال جعل تأثير المحيـط على نشـاط مؤسـسته إيجـابيـا، حتى يصل إلى تحقيق أهدافها، من خلال مـا يلي: 1- محـاولة التأقلم مع مختلف القوانـين التي تصنعهـا الدولة، من أجل تفـادي تأثيرهـا السلبي على السير العـادي لنشـاطها. 2- انتهـاج وتطبيق قواعد اقتصـاد السوق بهدف البقـاء والاستمرار في محيـط تسوده المنـافسة. 3- اعتمـاد آليـات السوق في تحديد أسعـار منتجـات بالمؤسـسات الوطنية لأن ذلك له دور أساسي في تسويق المنتوج، وبالتالي تلبية رغبة الزبـون وتحسـين سعة المؤسـسة في السـوق. 4- الاستغلال العقلاني للموارد المـالية المتـاحة أمـام المؤسـسة سـواء الداخلية، أو الخـارجية، بحيث يسـاعدهـا ذلك على التوسع والنمو. 5- التقليـل من التمويـن بالمواد الأوليـة من الخـارج. 6- محـولة تحسيـن علاقة المؤسـسة بالمورديـن. 7- مواكبة التطور التكنولوجي في جميـع المجـالات. 8- الاهتمـام بتكويـن العمـال وتدريبهم وتحفيزهم من أجل رفع إنتـاجية العمل وتحسيـن جودة المنتـوج، وبالتالي تخفيض تكلفة الإنتـاج للوحدة الواحدة، والإستعـانة بالجـامعـات ومراكز التدريب المتخصصة. المـراجع المعتمـدة: أ-باللغة العربية:
1) عبد السلام أبو قحف، اقتصـاديـات الأعمـال، المكتب العربي الحديـث، 1993، ص-ص: 19-20. نقلا عن (W,DILL). 2) نـاصر دادي عدون، اقتصـاد المؤسـسة، دار المحمدية للنشر، الطبعة الأولى، 1998، ص83. 3) نـاصر دادي عدون، مرجع سـابق، ص84. 4) محمد جمـال الدين المرسي وآخرون، التفكيـر الاستراتيجي والإدارة الاستراتيجية، منهج تطبيقي، الدار الجامعية، الاسكندرية، 2002، ص-ص: 153، 154. 5) أحمد محمد عوض، الإدارة الاستراتيجية، مفـاهيم ونمـاذج تطبيقية، الدار الجـامعية، الاسكندرية، 2002، ص93. 6) عثمان حسن عثمان 7) أحمد محمد عوض، مرجع سابق، ص-ص: 97-98. 8) أحمد مـاهر، دليل المدير خطوة بخطوة في الإدارة الاستراتيجية، الدار الجـامعية، الاسكندرية، 2002، ص. 9) المنافسين: يقصد بهم تلك المؤسـسات التي تمـارس نشـاطا مماثلا، لنشـاط المؤسـسة المعنية. 10) طارق السويسـات، قيـادة السـوق، دار ابن حـزم للنشر، ط1، لبنان، 2001، ص26.
ب-باللغة الأجنبية:
1 ) Abd-elatif khalkham, la dynamique du contrôle de gestion, dunod, paris, 1986, P27. 2) Gamela Diamuan, Performance de l'entreprise dans les Pays en voie de développement, le role de la fonction provisionnement dans la stratégie de l'entreprise, louvrain, 1982, P109. 3) Dalloz, lexique de gestion, 2ième édition, France Jouve, 1989, P131. 4) J.J, Braconnie, M. lanniaux, IBID, P59. 5) Michael Proter, l'arantage cmerciel: comment de vancer ses concurrents et maintenir son arance, DUNOD, Belgique, oct 2003, P14 | |
|