ibrahim_099 عضو مبدع
عدد المساهمات : 513 :
| موضوع: حمية الجاهلية الأحد 02 أغسطس 2009, 22:28 | |
| إن الاجتماع الإنساني ضرورة، فالإنسان مدني بالطبع، أي لابد له من الاجتماع، وهو عمران العالم الذي تتكون منه المجتمعات، فالناس متطلعون إلى الدنيا وأسبابها، وهذا الاجتماع إذا حصل فلا بد من وازع يدفع بعضهم عن بعض لما في طباعهم من العدوان والظلم، ولا بد من شيء آخر يدفع هذا العدوان، وهو النظام والدولة. إن من حكمة الله في خلقه انتظام معاشهم، وتيسير مصالحهم وأن يتم بقاؤهم لأن المجتمع لا يتم وجوده وبقاؤه إلا بتعاون أبنائه على مصالحهم ما يتطلب من القيادات الدعوية والفكرية والسياسية والثقافية أن تخلّص المجتمع من التصادم وتجمع الكلمة، فالمجتمع هو الأصل في توجيه الخطاب من حيث العموم أو الصلاحيات والمسؤوليات والأولويات وتأتي الدولة والجماعات والأفراد تبعاً وضمناً. إن قادة المجتمع وعلماءه وصناع القرار فيه هم من يوجه المجتمع إن أريد له التقدم والرقي والعطاء، أو سيبقى في الانحطاط إن لم يأخذوه إلى العزة والتمكين، وتوجيه وحدة الكلمة في تقديم الإصلاح وألا تفرقنا العصبيات. وإلا كيف نعالج ونحن بحاجة إلى أن نتخلق بخلق الإصلاح، ونقل المجتمع إلى حالة جديدة من الفاعلية الحضارية والاجتماعية. إن معيار نجاح عمل الحكومات والمؤسسات والجماعات والأفراد مقترن بمقدار نجاحها في التأثير في المجتمع ومساعدته على النهوض والتغيير. والمجتمع الحضاري هو الذي ينتقل من موقع المستهلك القائم على إبداعات الآخرين إلى موقع الإنتاج والمشاركة الإيجابية، كما يدعو إلى وحدة المجتمع وتآلفه ونبذ الخلافات ليكون كالجسد الواحدآماله وألامه واحدة، فالتجربة التاريخية الحضارية الإنسانية للأمة الغنية التي ساهمت فيها جميع الأجناس والألوان والأقوام جاءت مشتركاً إنسانياً بعيدة عن العنصرية والجنسية والقومية والتعصب فكانت تجربة غنية لكل النماذج البشرية، إضافة إلى القيم التي تحمل الحب والخير للآخرين، رابطاً نجاته بنجاة الآخر كما قال (صلى الله عليه وسلم): «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». (رواه البخاري). وقــد تتـحــول الاخـتلافــات الفــكرية والـسياسية إلـى عصبيــة، تســود فــيـها القيم السـلبيـة مـن التعصب والتنازع والقهر والاستبداد مقابل قيم العدالة والحرية والتفاهم والإحترام. إن العصبية تلغي العقل، باعتبار أنها تنظر بعين واحدة، وتأمر بالكره لكل من خالف عصبيتك، وتحتقره، وتفصل بعضنا عن بعض وتخلق داخلنا الحقد والعداوة، ولكي تزدهر الحياة البشرية في المجتمع وتتأصل كرامة الإنسان من الاحترام والإنصاف، بعيداً عن التمييز، ينبغي رفض العصبية إلا ما كانت على الحق والعدل. إن أي مجتمعاً تسود فيه حمية الجاهلية لا يمكن أن يتقدم ويتطور وتقام فيه العدالة، وإن تنوعت فهي واحدة، لأنها تدعو إلى مجانبة الحق ومساندة الظلم وإثارة الفتن على الفهم الجاهلي. ومن أسباب الألفة المجتمعية الدين والمؤاخاة بالمودة والبر، فالدين يبعث على التناصر ويمنع التقاطع والتدابر، فقد بُعث الرسول (صلى الله عليه وسلم) والعرب أشد تقاطعاً وتعادياً واختلافاً فلما أنقطعت أسلموا فانقطعت عداوتهم وصاروا في الإسلام إخوانا متواصلين. كما أن المؤاخاة بالمودة تكسب إخلاصاً ومصافاة لذلك آخى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بين الصحابة، لتزيد ألفتهم، ويقوى تضافرهم وتناصرهم، فلقاء الإخوان جلاء الأحزان، وأما البر فيوصل إلى القلوب ألطافا ويثنيها محبة وانعطافا ولذلك قال سبحانه وتعالى «وتعاونوا على البر والتقوى» (المائدة:22)، لأن في التقوى رضا الله تعالى وفي البر رضا الناس ومن جمع بين رضا الله ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته، وكما قال الشاعر: الناس للناس من بدو وحاضرة
بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
تقبلوتحياتي//أخوكم إبراهيم
| |
|
المشرف العام المشرف العام
عدد المساهمات : 5351 :
| |