حكمة أصول هذا العلم في التمييز بين الدولة و المجتمع و قد بدأ ذلك لأول مرة ضمن جدل فكري حول العلاقة بين الدولة و المجتمع ففي القرن 16 لم يكن هناك تصور لوجود تميز بينهما و إمكانية الفصل بينهما فقد كان الملك أو الإمبراطور هو مجسد سيادة الدولة باعتباره يجمع بين سلطات دينية و اقتصادية لا حدود لها فبعد عدة أحداث بأوروبا أصبح الحديث عن إمكانية تميز الدولة عن المجتمع مشروعا و من ابرز هذه الأحداث :
- الثورة الدينية التي انتهت بالأخذ بالعلمانية هذه الثورة التي جرعت الحكام إرادة الأمة .
- الانطلاق و التعبير عن نفسها و التي كانت تسير حسب مشيئة الكنيسة تم جاء النظام الإقطاعي الذي فصل بين علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج بالإضافة إلى أن الثورة الفرنسية كان لها دور كبير في عملية التمييز بين الاجتماعي و السياسي مما أدى إلى تطور الفكر الليبرالي التحرري و تأكيد مبدأ السيادة للأمة و حق مواجهة الدولة و هكذا يلاحظ أيضا دور الثورة الصناعية في بلورة قوى الإنتاج الجديدة المستقبلية عن الدولة و مؤسساتها السياسية .
هذا كأحداث و وقائع تاريخية : لكن للعلم رجال و مفكرون و في هذا المجال لعلم الاجتماع السياسي مؤسسون رغم أنهم لم يكونوا يدركون في زمانهم إنهم يؤسسون لعلم يسمى بعلم الاجتماع السياسي لن يخوض بعيدا في التاريخ لنتحدث عن من يسمون المؤسسون الأوائل لعلم الاجتماع السياسي كأرسطو ، و ابن خلدون ، و أفلاطون كفترة امتازت دراستها بسيطرة و هيمنة اللاهوت و هيمنة الفلسفة و من هنا تشير إلى مونتيسكيو الذي له الفضل كبير في التمايز بين البنية الفوقية " الدولة و القانون " و البنية التحتية " الظروف الاجتماعية و البيئة النفسية " فحسب المؤثرات الاجتماعية كتأثر في طبيعة الحكومة و أن القوانين الاجتماعية متغيرة و متبدلة سواء عن طريق الحكومة و المجتمع و منه نستخلص أن تنوع القوانين تؤدي إلى تنوع الحكومات .
نظرية سان سيمون : الذي أوجد علاقة جدلية بين مختلف أنساق المجتمع و الدولة و أن البناء الاقتصادي هو أساس نهوض الدولة و أن الاقتصاد هو الأساس الحقيقي للسياسة و أن المجتمع المدني أهم من المجتمع السياسي تصوت العلماء و أرباب المصارف و البنوك في المجتمع تمثل خسارة كبيرة في المجتمع لعدم القدرة على تعويضهم كمثال أعطاه سان سيمون و يمكن اعتبار عام 1840 تاريخا محددا لظهور هذا العلم حسب ما يتفق عليه أغلب العلماء خصوصا بعد قيام كارل ماركس لإنشاء فلسفة هيجل في تحليل الحركات المجتمع في أوروبا خلال القرن 19 و في نفس الفترة ظهر مصطلح المجتمع المدني كما ساعدت كتابة : هوبز ، لوك ، روسو في توضيح أكثر و في منتصف القرن 19 أصبح المجتمع يعني نسق العلاقات الاجتماعية المتبادلة و ظهرت فيه الطبقات الاجتماعية المتخاصمة التي عبر عنها كارل ماركس في كتابه " رأس المال " و بفكرة الصراع بين الطبقات الذي أدى إلى إعلان الثورة الاجتماعية و السياسية و تحول المجتمع برمته من شكل لأخر و هذا يدل على أن الظواهر السياسية تعتمد على حقيقة البناء الذاتي فأصبح المختصون يتفقون على ضرورة تفسير الظواهر السياسية بموجب معطيات العلاقات الاجتماعية التي تسود المجتمع كما نادي فيبر بضرورة فصل الدولة عن المجتمع المدني نتيجة لنمو و تطور البرجوازية يمكن توضح هذا الاختلاف بعد تعقد المجتمع المدني وزيادة حاجات أبنائه و بعد التقدم التكنولوجي و العلمي و المادي الذي يشهده المجتمع البرجوازي لكن رغم ذلك علم الاجتماع السياسي لم يأخذ أبعاده المنهجية و العملية إلا حديثا تحديد مع المدارس : البنيوية و الوظيفية و النسقية .
منهجية علم الاجتماع السياسي :
من المؤشرات الأساسية التي تدل على علمية علم الاجتماع السياسي طبيعة و منهجيته التي يستعملها في صياغة الفرضيات و النظريات العلمية لتحليل و تفسير الظواهر و التفاعلات الاجتماعية و السياسية التي هي محل اهتمام الباحث في علم الاجتماع السياسي الذي يعتمد على نفس الطرق المنهجية التي تعتمدها العلوم الاجتماعية كالتاريخ و الانثروبولوجيا ( علم يدرس الأثريات و الأعراق ) . الاقتصاد و من أهم هذه الطرق ما يلي :
الطريقة التاريخية : تفترض هذه الطريقة بأن العالم الاجتماعي السياسي لا يستطيع دراسة و فهم النظم السياسية السلوك السياسي و الظواهر السياسية الواقعة في المجتمع دون دراستها دراسة تاريخية مفصلة باعتبار النظم و الظواهر السياسية هي وليدة التحولات التاريخية التي طرأت عليها فغيرتها و جعلتها تتميز بصفاتها الحالية فالسلطة الشرعية هي التي تستند على المبررات الديمقراطية في حكمها للشعب و المجتمع قد تكون وليدة السلطة التقليدية القديمة القائمة على العادات و التقاليد و الأعراف أو قد تكون وليدة السلطة الكاريزماتية التي تخول للحاكم حق حكم المجتمع و السيطرة عليه فدراسة التاريخ تساهم في معرفة الحاضر و التنبأ بالمستقبل أي مستقبل الحوادث و الظواهر السياسية مثال ظاهرة الانقلاب الحركات الاجتماعية السياسية ... فما تعيشه الأنظمة السياسية العربية الحالية من ممارسات سياسية ، حركات اجتماعية سياسية ، جماعات ضاغطة هي وليدة أو امتداد لممارسات و حركات سياسية و اجتماعية كانت سائدة فيه منذ زمن بعيد .
الطريقة التاريخية تدرس النظم و الممارسات الاجتماعية و السياسية الماضية بغية فهم الحاضر و التنبأ بالمستقبل و المنهج التاريخي حيث لم قدم أرسطو الذي يرى أن فهم أي شيء يتطلب فحص بداياته الأولى و تطوراتها اللاحقة .
المنهج التاريخي يساهم في تفسير النظم المختلفة في وجودها الواقعي و اتجاهاتها و يزودنا بأصولها و تطوراتها المتوقعة .
الطريقة المقارنة : و هي الطريقة التي يعتمدها عالم الاجتماع السياسي في جميع المعلومات الوصفية و التحليلية حول المجتمعات السياسية مختلفة من حيث درجة تقدمها الحراري و الاجتماعي و نضجها السياسي و القانوني و ظروفها البنائية و مستواها التكنولوجي و الاقتصادي و السياسي و الذين تم بعد جمع المعلومات يقوم الباحث في علم الاجتماع السياسي بعملية المقارنة بغية صياغة قوانين عامة و هذه القوانين لها دور في تفسير طبيعة السياسة لهذه المجتمعات و العلاقة المتفاعلة بين السلطة و المجتمع و كذا التنبأ بالحوادث و الظواهر السياسية عالما المجتمع السياسي يقوموا بتقسيم الدول إلى أصناف :
البيروقراطية ، الديمقراطية ، ديكتاتورية ثم يقوم بدراسة خصائص و مميزات كل نوع ثم يستنتج القوانين الشمولية التي هي ليست كل العلاقات و أنما أنماط وعلاقتها بالجماهير و هذه الدراسة تساعد على المقارنة بين مختلف الأنماط .
تحديد أوجه التشابه و الاختلاف بينها:
و أرسطو أول من استخدم طريقة المقارنة في تحليل المجتمعات السياسية تم تطورت على يد مونتيسكيو تم توكفيل ، هاربرت سبنسر ، جون ستيوارت ميل و تقوم هذه الطريقة على :
جمع المعلومات الضرورية عن النظم السياسية أو الأحداث السياسية في الماضي و الحاضر .
تحليل هذه الأحداث :
مقارنة هذه الأحداث ( أوجه التشابه و الاختلاف مع التأكيد على أوجه الاختلاف كعوامل مفسرة للظواهر ) .
استخراج القوانين الشاملة أو العامة التي يمكن أن تفسر الظاهرة .
أهمية هذا المنهج يساعد الباحث على فهم الظواهر و استيعاب عناصرها الجوهرية .
تحديد العلاقة التفسيرية بين مختلف المتغيرات و الظاهرة المدروسة :
طريقة الملاحظة بالمشاركة :
و هي اشتراك الباحث في الحياة السياسية للناس الذين يقوم بملاحظتهم و مساهمة في النشاط السياسي لفترة مؤقتة و هي فترة الملاحظة و ينبغي على الباحث أن يكون عضوا في الجماعات المدروسة و أن يتفاعل معها و يمر بنفس ظروفها و يخضع لنفس مؤثراتها و لا يكشف الملاحظ عن هويته أو شخصيته و الباحث يختار عينة الدراسة و المطلوب فحصهم و يحد أعمارهم و أجناسهم و خلفياتهم الاجتماعية و انحدارهم الطبقي و المكانة الاجتماعية لهم و كذا تحديد العلاقة أو الصلات بين هؤلاء الأفراد ، هل سبق لهم و أن عرفوا بعضهم أو هم غرباء ،هل هم أعضاء في جماعة واحدة و كذا معرفة مكان مصنع جامعة و هل المكان ينطبق مع السلوك الذي يقوم به الفرد و كذا على الباحث ضرورة معرفة الهدف الذي دفع الجماعة إلى الاجتماع أو العمل ، هل لمجرد الصدفة أم لأهداف محددة و معرفة مدى استجابة الأفراد للهدف الذي اجتمعوا من اجله و كذا ضرورة فحص سلوك الأفراد الاجتماعي أي الاطلاع على أفكارهم و أساليبهم و تصرفاتهم في الاجتماع و الملاحظ يقوم بتسجيل ظواهر و ملابسات الملاحظة أثناء ملاحظاته لنقل احتمالات التحيز .
طريقة المسح الميداني :تعتبر طريقة المسح الميداني من أكثر الطرق المنهجية شيوعا و حداثة و اغلبها حقيقة و علمية و هي من أهم الطرق التي يستعملها علماء الاجتماع السياسي خصوصا إذا عززت هذه الطريقة الإحصاء نتائجها و حقائقها الموضوعية بالمصادر و الكتب العلمية التي تتناول موضوع البحث العلمي الميداني الذي يقوم به العالم الاجتماعي السياسي و تعتمد هذه الطريقة على مجموعتين من الأساليب من أهمها :
1- تصميم العينة .
2- تصميم الاستمارة الإستبيانية .
3- المقابلات .
4- تبويب المعلومات الإحصائية .
5- التحليل الإحصائي .
6- كتابة التقرير أو الدراسة .
كما تعتمد هذه الطريقة على الواقع الاجتماعي و التفاعل معه و جمع المعلومات منه و تعكـس بـذلك طبيعتـه و سماتـه الأساسيـة و جميـع ايجابياته و سلبياته و اعتداله و تطرفه .
أهمية المسح الميداني في علم الاجتماع السياسي :
1) يساهم مساهمة في تحويل هذا العلم من علم أدبي و فلسفي إلى علم موضوعي تتميز حقائقه و نظرياته و قوانينه بالدقة و الواقعية .
2) تساهم على تراكم و نمو حقائق علم الاجتماع السياسي و معلوماته التي تمكنه من تكوين فرضياته و نظرياته و قوانينه الجديدة .
3) تلعب دور المؤثر في تحديد أراء و فرضيات و نظريات هذا العلم من سلبيات : التحيز ، التعصب ، تعيق التفكير التي تخيم على العلوم الاجتماعية .
4) هي الطريقة الحديثة التي يستعملها عالم الاجتماع السياسي في جمع معلوماته و بياناته الميدانية التي تساعده على بناء فرضياته و تكوين نظرياته و صياغة قوانينه الاجتماعية الشمولية .
5) من الطرق المستعملة في أشهر البحوث الاجتماعية و السياسية التي تميز بالطابع العلمي و الموضوعية في الطرح التحليل و الاستنتاج .
6) تساعد هذه الطريقة على ضبط و قياس و التأكد من صحة ما يحصل عليه من البيانات المفسرة للظواهر و العلاقات الاجتماعية و السياسية تفسيرا عقلانيا و منطقيا باعتمادها على : التجريب و التحليل الإحصائي و الاستنتاج الموضوعي للحقائق و الاستمارات الاستبيانية و المقابلات الرسمي