لحظة من فضلك
يقول الرحمن تبارك و تعالى :
( وَ سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِن رَّبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَ الأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )
سباقٌ دُعينا إليه ، بأمرٍ من الله عز وجل ؛ من فوق سبع سموات ؛ من بيده ملكوت كل شيء ..
الرب الرحيم يدعونا إلى رحمته ..
مغفرةٌ منه تعمنا و نحنُ في سباتٍ عن جنته ..
عندما نرى الطفل يكسوه
حنانُ أمه ، و الطير يهوي مسرعاً لفراخه في عشه ، نقول هذه رحمةٌ الكائنات
و الدواب ، فكيف برحمة من خلقنا فسوّانا ؛ تعالى ربنا و تبارك .. لا مثيل
له ..
يخبرنا الله أن الجنة أُعدت ، و انتهت ، فيها مالا عين رأت و لا أُذنٌ سمعت و لا خطر على قلب بشر ..
لكن لمن !؟
يقول الرحمن جلّ في عُلاه : ( للمتقين ) ..
من هم أولئك المتقين ؟ هل نحن منهم ؟
هل الوصف و المسمى ينطبق علينا ؟ !
تأتي الآية التي تليها مخبرةً ، يقول الله عز و جل :
( الَّذِينَ
يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَ
العَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ الله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ )
التقوى : طاعة الله فيما أمر و اجتناب ما نهى عنه و زجر .
السراء و الضراء : اليُسر و العُسر .
الكاظمين الغيظ : الحابسين غيظهم في قلوبهم .
نفقةً في سراء وحالاً ميسورةً بـِ رزقٍ موفور و بِـ قلبٍ رضيٍ غير مجبور .
في عُسرٍ و مُصابٍ بطلب فرج و صبر .
لا تكف أيديهم عن بذل العطاء بمد الإنفاق .
لا غيظ يُظهرون ، ولا إساءة يُجازون ، بل إحسانٌ في إحسان ، و صبرٌ على الأذى فيما يرضى الرحمن جل و علا ..
قال صلى الله عليه و سلم : ( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عن الغضب )
نعيمٌ للمتقين أُعد .. و حياة كلها سعد ..
في رضاً و رغد .. يجزون به غد ..
قومٌ كرامٌ و أهلُ نقاء .. أُهيل العفو عند الغضب ..
( وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا الله
فَاستَغفَرُوا لِذُنُبِهِم وَ مَن يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ الله وَ لَم
يُصِرُّ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ )
فعلوا فاحشة : معصية كبيرة متناهية في القبح .
ابتعدوا عنها ، و عن كل طريق مؤدي إليها ، يلهج لسانهم ذكراً و تسبيحاً و استغفارا ..
تائبون منيبون عائدون بكل يقين سكن قلوبهم ، و إيماناً غُرس في نفوسهم ..
لا يبدّلون و لا يضيّعون ، إلا من زيادة إلى زيادة في طاعة و ابتغاء طاعة ..
وما الجزاء إلا من جنس العمل ..
مخبراً بذلك الله تعالى و مكافئاً لهم في قوله تبارك و تعالى :
( أُوْلّئِكَ
جَزَآؤُهُم مَّغفِرَةٌ مِن رَّبِّهِم وَ جَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا
الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَ نِعمَ أجرُ العَامِلِينَ )
هذا النعيم .. روحٌ و ريحانٌ مقيم ..
و لذةٌ بنظرة في وجه الكريم ..
هنيئاً لجزاء و نيل المتقين ..
علينا أن نسأل أنفسنا ، هل نحن من هؤلاء ؟
هل حققنا شيئاً فمضينا سائرين عليه ؟