هيّا بني العُرْب كم نادى لجمعكمُ / / صوتٌ من المجد لكن لم يجبه صدى
واهاً لكم حين يغدو الشمل مجتمعاً // والدار واحدةً والذات مستَنَدا
وتتقون أذى الأعداء جهدكم // كم أضمروا لكم الشحناء والحسدا
أنيابهم شُرَّعٌ في جسم أمتنا // ألستَ تبصر من أوصالها بددا
أخاك فالزمه واعمل في سعادته / / كم من أخٍ في أخيه واجدٌ عضدا
وقد غنت ام كلثوم رائعة محمد اقبال حديث الروح لحن رياض
السنباطي وهي تشدو بصوت عالي تاثر الجمهور من هذا المقطع طالبا اعادته اكثر من مره
حديث الروح للأرواح يسري *** وتدركه القلـــــوب بلا عنـاء
هتفت به فــــطار بلا جنــاح *** وشق أنينه صــــدر الفضـاء
ومعدنـه رخامــــــــيٌّ ولكن *** سرت في لفــظه لغة السماء
إذا الإيمان ضاع فلا أمان *** ولا دنيا لمـــن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين *** فقد جــــعل الفناء لها قرينـا
تـساندت الكواكب فاستقرت *** ولولا الجـــــاذبيــة ما بقينا
وفـــي التـوحيد للـهم اتحاد *** ولن تــــبنـوا العلا متفرقينا
احتفل في باكستان وغيرها في نيسان الماضي بالذكرى الرابعة عشرة
لوفاته . وذكره يشيع ، وصيته يذيع على مر الأيام ، ولاسيما منذ نشأت دولة باكستان
احتفى الناس بذكراه كل عام ، وكثرت المجامع في كل ذكرى ، تشيد بدعوته ، وتدعو إلى رسالته . وشرع أدباء الأمم يعنون بترجمة شعره إلى لغاتهم .
محمد إقبال
شاعر الإسلام وفيلسوف الإنسانية. عظمته تكمن في أصالته. وأصالته وفاؤه لعقيدته الإسلامية وبديانه لحقيقة الإنسان العالية
ولد إقبال في سيلكوت في البنجاب في 9 تشرين الثاني عام 1877 من أسرة برهمية كشميرية الأصل، اهتدى أحد أسلافه فيها إلى الإسلام قبل حكم الملك المغولي الشهير أكبر بعد أن تأثر بتعليم شاه همداني أحد أئمة المسلمين إذ ذاك.
ثم نزح جد إقبال الشيخ محمد رفيق من كشمير ومعه أخوته الثلاثة ومنهم الشيخ محمد رمضان الذي عرف بالتصوف والذي ألف كتباً متعددة بالفارسية. وحط المهاجرون رحالهم في سيلكوت وشرع الجد يعمل ويضرب في مناكب العيش يساعده ابنه الأكبر محمد نور أبو إقبال.
بدأ الفتى الناشئ إقبال يدرس في أحد مكاتب المدينة ثم في مدرسة البعثة الإسكتلندية حيث كان مولانا مير حسن أحد أصدقاء والده. وقد كفله هذا العالم وأشرف على تعليمه لما تلامح عليه من ذكاء وألمعية وعلّمه الفارسية والعربية إلى جانب لغته الأردية.
وأتم إقبال دراسته الثانوية وحصل على شهادة الكلية الإسكتلندية بدرجة ممتازة ثم دخل كلية الحكومة في لاهور حيث أتم دراسته. وفيها اتصل بالمستشرق الإنكليزي توماس أرنولد الذي آنس فيه مخايل العبقرية. ومنها حصل على درجتها النهائية. ثم التحق بهذه الكلية محاضراً فيها.
ولم يكتف الفتى الناشئ بما حصله من المعرفة، بل أراد الاستزادة، فرحل إلى أوربة عام 1905 ودخل جامعة كمبردج في إنكلترة ثم مونيخ في ألمانيا حيث حصل على درجة الدكتوراة برسالته القيمة "ازدهار الميتافيزياء في فارس" نقول اليوم في إيران. ثم رجع إلى إنكلترة وحصل على درجة في القانون عام 1908 ثم عاد إلى أهل ووطنه. وفي غضون ذلك كله كان حب الأدب والشعر والفلسفة يملأ صدره ويشغف قلبه ويشغل بيانه.
بقي وثيق الصلة بأحداث المجتمع الهندي والمجتمعات الإسلامية والعربية فكان عضواً في المجلس التشريعي في البنجاب ثلاث سنين وذهب إلى لندن يشارك في مؤتمر المائدة المستديرة، وغدا رئيساً لحزب العصبة الإسلامية لجميع الهند، كما بدا العضو البارز في مؤتمر الله آباد التاريخي حيث نادى بضرورة انفصال المسلمين عن الهندوكيين وارتأى تأسيس دولة باكستان بل هو الذي اقترح الاسم لهذه الدولة .
توفي إقبال في 21 نيسان عام 1938 بعد أن ملأ آفاق الشرق والغرب بكتاباته المناضلة وأشعاره البليغة وفلسفته العالية.
كان جو أسرة إقبال معموراً بالصلاح والإيمان وبالتفتح الفكري الديني وبحب المعالي. كان أبوه يقول حين يراه يقرأ القرآن: "يا بني اقرأ القرآن كأنه نزل عليك". وفي ذلك يقول إقبال: "منذ ذلك اليوم بدأت أتفهَّم القرآن وأقبل عليه. فكان من أنواره ما اقتبست ومن بحره ما نظمت". كما كان ذلك الجو تعطره أنسام التصوف السليم. فطالع إلى جانب الكتب الدينيّة والثقافة الشرعية وقرأ شعراء الفرس الكبار وتأثر أكثر ما تأثر بشعر بجلال الدين الرومي.
وهكذا نجد في كتابات إقبال وأشعاره علماً عميقاً بأساليب القرآن
الكريم وألفاظ الفقه ومصطلحات الصوفية ورموزهم ومعانيهم كما كان ملماً حق الإلمام بفيض العلوم والفلسفة الحديث في الغرب.